كتب ايلي الفرزلي في “الأخبار”: طال انتظار صرف المشروع الإصلاحي للحكومة مشاريع قوانين تحوّل إلى مجلس النواب. أول الغيث تعديلات ضريبية تفتقر إلى الإصلاح، من دون أن تؤدي إلى تعزيز الإيرادات. أولوية المشروع الذي قدمته وزارة المالية المحافظة على مصالح أقوياء النظام. للمصارف المفلسة والسارقة ما تريد، وللناس أعباء إضافية تراكم فوق المأساة مآسي، بحسب الصحيفة.
صمدت الخطة الحكومية لأقل من ثلاثة أشهر، قبل أن تعود المصارف لتفرض شروطها، مذكّرة بحقيقة غابت عن بعض المتحمّسين للخطة الحكومية: الأمر كان للمصارف وسيبقى طالما أن السلطة الحاكمة، سياسية ومالية، صامدة.
شروط المصارف لا تقتصر على مضمون الخطة الحكومية بخسائرها وأدوات إطفائها. أحد أسس الخطة هو الإصلاح المالي، وفي جوهره إصلاح النظام الضريبي. وقد كان هذا البند على جدول أعمال مجلس الوزراء، أمس، حاملاً عنوان: “استحداث عدد من الأحكام القانونية وتعديل عدد من المواد القانونية المتعلقة بالضرائب لوضع الخطة الإصلاحية موضع التنفيذ”.
من المادة الأولى، يتضح أن الإصلاح المنشود بعيد المنال. من يريد إصلاح النظام الضريبي عليه إعادة بنائه على أسس جديدة أكثر عدالة أولاً، وأكثر قدرة على مواجهة الأزمة غير المسبوقة التي تواجه البلد، بحيث تكون أداة من أدوات الخروج منها ومعالجتها. المشروع المطروح لا يحقق أياً مما سبق. يكفي أنه يشكّل إمعاناً بحرمان الإدارة الضريبية من حق طلب رفع السرية المصرفية عن الحسابات المشكوك بها، حتى يتضح أن الإصلاح مفقود.
في المادة الأولى إشارة إلى “على المكلّفين بالضريبة التعاون مع السلطات الضريبية وإعطاؤها المعلومات التي تطلبها للقيام بمهامها، ولا يجوز التذرّع بأحكام قانون السرية المصرفية أو أحكام سر المهنة للحؤول دون تمكين موظّفي الإدارة الضريبية من الحصول على المعلومات التي تحتاج إليها». التعديل المقترح للمادة 23 من قانون الإجراءات الضريبية يقتصر على إشارة شكلية لقانون السرية المصرفية، بصفته واحدة من الذرائع التي لا يجب التذرّع بها، لكن لا شيء ملزم بذلك! وهذا إجراء لطالما أعاق الإدارة الضريبية عن القيام بعملها، لأنها لا تملك القدرة على التدقيق بما يُقدّمه المكلّف. السرية المصرفية كانت تقف عائقاً أمام هذه الخطوة. واليوم، بالرغم من الانهيار الكبير، والحاجة الماسّة لاستخدام السلاح الضريبي لمعالجة الأزمة، فإن المقترح لا يخرج عمّا رسمه حزب المصارف في الحكومة والمجلس النيابي، والذي حال، حتى اليوم، دون إقرار قانون السرية المصرفية، بالرغم من تفريغه من مضمونه.