وكان وزير الاقتصاد، راوول نعمة، قد أعلن عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن أهداف دعم السلة الاستهلاكية هي خفض الأسعار للمستهلك وضبط سعر صرف الدولار عبر خفض طلب المستوردين على الدولار، مضيفا: “هذا الدعم ليس إنجاز إنما أقل واجباتنا تجاه المواطن”.
وانتقد نعمة من هاجموا قرار توسيع الدعم قائلا: “البعض هاجم السلة المدعومة من دون قراءتها وانتقدوا غياب بعض السلع وتبين أنها موجودة”، مؤكدا استعداده لتعديل السلة المدعومة كل يوم بما يناسب حاجات المواطن، وأخذ جميع الاقتراحات بعين الاعتبار.
وإلى جانب مبادرة السلع المدعومة من البنك المركزي التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة، تستهدف الحكومة مجموعة من الإصلاحات من أجل تأمين مساعدات دولية قيمتها 10 مليارات دولار موزعة على 5 سنوات حتى عام 2024، منها إعادة التوازن للمالية العامة والانتهاء من عملية إعادة هيكلة الدين والإصلاح الضريبي، وإصلاح الكهرباء والمؤسسات العامة، إلى جانب إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف التجارية بطريقة عادلة، وفقا للوكالة الوطنية للإعلام.
“سياسة جنونية”
ووصف الخبير الاقتصادي اللبناني، باتريك مارديني، قرار توسيع السلة الاستهلاكية بـ”الجنوني”، قائلا إن سياسة الدعم مدمرة للاقتصاد، فالقرار سيؤدي إلى استنزاف ما تبقى من الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بالبنك المركزي من ناحية، وإهدار أموال المودعين بالبنوك من ناحية أخرى، على دعم لا يعطي النتيجة المبتغاة.
وأوضح مارديني في حديث مع “عربي21″، أن المحروقات والأدوية المدعومة عادة يتم تهريبها من لبنان، وبالتالي السلع الغذائية المقرر دعمها أيضا سيتم تهريبها من لبنان، وهو ما يؤدي إلى شح هذه السلع المدعومة من الأسواق الرسمية وبيعها في الأسواق الموازية (السوداء).
وأضاف: “هذه سياسة جنونية كلفتها مرتفعة جدا (خسارة أموال المودعين واحتياطي البنك المركزي)، ونتائجها ستكون سيئة للغاية (انقطاع السلع الأساسية من الأسواق الرسمية وبيعها في السوق السوداء)”.
وفي تعليقه على خطط الحكومة الإصلاحية، قال: “الحكومة موعودة بعقد صفقة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ميسر بسعر فائدة متدن، وهذا قد يفتح لها بابا للمساعدات المشروطة بالإصلاحات التي ترعاها فرنسا وتبلغ نحو 11 مليار دولار من الدول المانحة”.
وأردف: “موافقة صندوق النقد الدولي على منح لبنان القرض بمثابة إشارة للمانحين بأن الإصلاحات المطلوبة تم تنفيذها، وخطة الحكومة الأساسية تستهدف الحصول على قرض صندوق النقد الدولي كي تفتح المجال للحصول على المساعدات المعلقة وقروض أخرى”.
“الأربعاء الأسود”
وأكد أستاذ الاقتصاد في جامعة جونز هوبكنز، ستيف إتش هانكي، في تقرير نشرته مجلة “ناشيونال ريفيو” الأميركية، أن لبنان دخل رسميا يوم الأربعاء الماضي مرحلة التضخم المفرط ليصبح أول بلد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يدخل “التضخم المفرط” والبلد رقم 62 في العالم.
التضخم المفرط يحدث عندما يزداد سعر السلع والخدمات بأكثر من 50 بالمئة في غضون شهر واحد، ثم يعقبها تسارع حاد ومطرد في الأسعار بشكل يومي أو حتى كل بضع ساعات، وهو ما يترتب عليه انخفاض ثقة المستهلك وتراجع حاد في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية. ومن أبرز الآثار المترتبة عليه إغلاق الشركات وزيادة معدلات البطالة وانخفاض الإيرادات الضريبية.
وقال هانكي إن “التاريخ سيذكر يوم الأربعاء كيوم أسود في تاريخ لبنان، وهو يوم دخلت البلاد في جدول هانكي كروس العالمي للتضخم”، لافتا إلى وجود بلدين فقط حاليا على مستوى العالم داخل مرحلة التضخم المفرط هما لبنان، بمعدل سنوي بلغ 462 بالمئة، وفنزويلا، بمعدل سنوي يبلغ 2219 بالمئة.
“خيوط اللعبة”
وتابع: “في النهاية، تفاقم الدين الحكومي بشكل كبير بحيث لا يمكن سداد الجزء المقوم بالدولار بالكامل. كما أصبح من الواضح أن الحكومة لا يمكنها حتى سداد الجزء المقوم بالجنيه اللبناني ما لم يتم تخفيض قيمة الجنيه رسميا.. في ذلك الوقت، واجهت الحكومة إضراب المستثمرين واضطرت إلى التخلف عن سداد سندات أجنبية مستحقة في 9 آذار.. وأثار التخلف انخفاضا حادا في سعر صرف الليرة اللبنانية بالسوق السوداء وارتفاع التضخم”.
وأردف: “انتهت اللعبة.. انهارت الثقة في الليرة اللبنانية، وخسرت منذ كانون الثاني الماضي قرابة 82 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء. أما عن سعر الصرف الرسمي فيجدر باللبنانيين نسيانه -على حد قول هانكي-، مدخراتهم أصبحت مجمدة في البنوك اللبنانية، وليس لدى البنوك دولارات للتداول، وفرضت ضوابط على السحوبات لتجنب الانهيار، ولم تعد الصورة جميلة”.