التحقيق الجنائي وضع على السكة… التدقيق ليس على المركزي فقط!

25 أغسطس 2020
التحقيق الجنائي وضع على السكة… التدقيق ليس على المركزي فقط!

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن” إتفاقية التحقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان الى الواجهة مجدداً، وهذه المرّة بجدّية تامة إذ من المتوقّع أن يتمّ التوقيع عليها من قبل وزير المال غازي وزني خلال يومين كحدّ أقصى، على أن يليها خلال ايام خمسة البدء بالتدقيق الجنائي على مصرف لبنان.

أهمية هذا التدقيق تكمن في تحديد رقم الخسائر التي كانت محطّ خلاف بين الحكومة ومصرف لبنان والتي أدت الى تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وبات معلوماً أن لبنان لن يحصل على أي دعم اذا لم تتمّ معرفة حجم الخسارة المالية المترتبة على لبنان، وهذا الأمر أشار اليه رئيس جمهورية فرنسا ايمانويل ماكرون ووكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل خلال زيارتيهما الأخيرتين الى لبنان. لكن هل لذلك التحقيق تداعيات ايجابية أم سلبية على الدعم الدولي والقطاع المصرفي؟

يبدو ان المصارف ومصرف لبنان على ثقة تامة لما ستؤول اليه نتائج التحقيق، باعتبار أن حسابات مصرف لبنان المالية والعمليات المصرفية التي قامت بها قانونية بامتياز وتستوفي المعايير العالمية، كيف لا ومصرف لبنان يخضع للرقابة المحلية والعالمية وتصدر تقارير سنوية مفصّلة حول حساباته المالية. مقابل ذلك سبق أن دانت حكومة “دياب” المستقيلة سلوك “المركزي” وعملت على الإطاحة بمركز الحاكمية لولا ردود الفعل المضادة لها، وها هي اليوم تسلك طريق الشروع في التحقيق الجنائي بغطاء كامل من بعبدا.

لا تداعيات

وبدا الخبير الإقتصادي نسيب غبريل من الجهات التي تثني على شفافية عمل “المركزي” من هنا يعتبر في حديثه الى “نداء الوطن”، أن “لا تداعيات سلبية لإجراء تحقيق جنائي على مصرف لبنان”.

وإذ أكد أن “مطالبات صندوق النقد الدولي لا تتوقف على هذا التدقيق فحسب، شدّد على أنه كان لديه مجموعة من الأولويات يجب الإلتزام بها أبرزها إقرار قانون الـ”كابيتال كونترول”، تعديل موازنة 2020 لتتضمن برنامج تصحيح المالية العامة على المدى المتوسط، إجراء تدقيق جنائي لمؤسسة الكهرباء ومصرف لبنان، وإقرار آلية لتوحيد أسعار سعر صرف الدولار في السوق اللبنانية…”. ويشدّد غبريل على أن “التدقيق الجنائي يجب أن يشمل كل المؤسسات العامة وليس مصرف لبنان فحسب، كون عجز الكهرباء تسبب في تكبّد خزينة الدولة نصف قيمة الدين العام المترتّب عليها حالياً. فيما عشرات المؤسسات والهيئات المستقلة والصناديق والمصالح المستقلة لا يعرف أحد موازناتها وعدد الموظفين لديها…

وأضاف: “كما أنه ومنذ 4 سنوات، لاحظت لجنة الإقتصاد والتجارة في مجلس النواب ووزارة المال، أنه يوجد 90 مؤسسة عامة وهيئة وصندوقاً انتفى جدوى وجودها ويجب دمجها، أو إغلاقها ولغاية اليوم لم يُتخذ أي إجراء بحقها. من هنا التدقيق الجنائي يجب أن يشمل كل المؤسسات”. وفي ما يتعلق بتداعيات التدقيق على المصارف التجارية، يعتبر غبريل أن التحقيق الجنائي لن يكون له أي تأثير عليها، كونها تتحلّى بالشفافية في عملها وليس هناك ما تخبئه، علماً أن حساباتها تخضع دورياً لمدققين محليين ودوليين وفقاً للقانون.

شفافية التقارير

أما الوزير السابق فادي عبود الذي يؤيّد بدوره التدقيق الجنائي، فتساءل خلال حديثه مع “نداء الوطن” عن سبب عدم طرح نتائج التقارير السابقة التي تصدر سنوياً عن شركتين عالميتين وهما “ديلويت” و”أرنست أند يانغ”، لتكون في متناول العموم. من هنا أبدى خشيته من أن تصحّ المعلومات التي تطرح عبر وسائل الإعلام من قبل البعض والتي تقول أن حسابات ارباح مصرف لبنان وموجوداته لا تتوافق مع المعايير العالمية.

وأكد أنه “لا إصلاح قبل إقرار قانون البيانات المفتوحة والشفافية المطلقة”.

ويسأل: “لماذا لا تخرج التقارير السابقة الى العلن قبل التوقيع على التحقيق الجنائي؟ معرباً عن خشيته أن يبقى ذلك التحقيق حكراً على السياسيين وعدم طرحه بشفافية على اللبنانيين.

اذا، رئيس الجمهورية مصرّ على إطلاق العنان للتحقيق الجنائي كونه بداية الإصلاحات، الأمر الذي يعني أنه موافق على تفعيل عجلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فهو بات مدركاً أنه طالما لا يوجد توافق مع المجتمع الدولي عموماً وصندوق النقد الدولي خصوصاً، من الصعب انقاذ لبنان من أزمته المالية.