أزمة عملة تعصف بتركيا.. تهافت على الدولار والذهب وصهر أردوغان بدائرة الاتهام؟

10 سبتمبر 2020
أزمة عملة تعصف بتركيا.. تهافت على الدولار والذهب وصهر أردوغان بدائرة الاتهام؟

حذّر الكاتب التركي ذو الفقار دوغان من تدهور سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، مشيراً إلى أنّ الأتراك يتهافتون على شراء الذهب في وقت تسجل فيه نسبة التضخم مستويات قياسية. 
وفي صحيفة “أحوال تركية”، نشر دوغان تقريراً لفت فيه إلى أنّ تصريحات وزير المالية التركي، بيرات البيرق الذي قال إنّ انخفاض سعر الليرة أمام الدولار تعزز تنافاسية العملة والاقتصاد تتناقض مع بيانات التجارة الخارجية التركية لشهر آب الفائت. 
وحذّر دوغان من أنّ ارتفاع ودائع العملة الأجنبية والذهب بشكل استثنائي في البلاد يعكس حالة تآكل ثقة الأتراك في إدارة البيرق، وهو صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاقتصادية. ولفت دوغان إلى أنّ عجز تركيا التجاري ارتفع في آب، في حين قفزت مشتريات الذهب من الخارج بـ4 أضعاف، فبلغت 4.1 مليار دولار تقريباً، وهذا أعلى مستوى منذ العام 1989. 
وعلّق دوغان على هذه الأرقام ملمحاً إلى أنّ الأتراك يتهافتون على شراء الذهب بعد انخفاض الليرة إلى مستوى قياسي أمام العملات الأساسية الشهر الفائت؛ تراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي دون 7.49 مقابل الدولار، أمس الأربعاء. 
دوغان الذي لفت إلى أنّ شراء الذهب ساعد على زيادة الواردت بنسبة 21% على أساسي سنوي، بحيث بلغت 18.8 مليار دولار، بيّن أنّ هذه العملية فاقمت العجز في الميزان التجاري بنسبة 170%، فبلغ 6.31 مليار دولار. 
في هذا الصدد، أوضح دوغان أنّ المخاوف تتفاقم في تركيا، حيث يتم خلق طفرة في الاقتراض عبر إبقاء معدل أسعار الفائدة أدنى من معدّل التضخم، متحدثاً عن تأثير تراجع عائدات السياحة، التي تُعدّ مصدراً مهماً للعملة الصعبة. 
وعلى الرغم من أنّه يُحتمل أن تكون خسائر الليرة قد عززت تنافسية الصادرات التركية، لم تؤدِّ إلى زيادة مبيعات البضائع في الخارج، بل العكس، بحسب ما كتب دوغان. وقال دوغان إنّ الصادرات في آب تراجعت بنسبة 13%. 
وفي هذا الصدد، ذكّر دوغان بتصريح رئيس جمعية الأعمال والصناعة التركية، سيمون كسلوفسكي، الذي اعتبر أنّ نهج البيرق الهادف إلى تعزيز تنافسية الليرة “بالٍ”. وقال كسلوفسكي: “لا يمكن تحقيق التنافس عبر أسعار العملات في هذه المرحلة، بل عبر النوعية والفاعلية، اللذيْن يتطلبان قوة عاملة متعلّمة وتكنولوجيا”، مشدّداً على حاجة الشركات إلى الاستثمار.
على صعيد التضخم في آب، لفت دوغان إلى أنّ معهد الإحصاء في تركيا كشف الأسبوع الفائت أنّ معدل ارتفاع الأسعار لم يتغير كثيراً وحدده عند 11.77%، مستدركاً بالقول إنّ “أحداً لا يبدو مقتنعاً بدقة البيانات”.
وتابع دوغان مستبعداً تراجع التضخم بحلول نهاية العام الجاري، مرجحاً أن يتناقض الواقع مع تقديرات الحكومة والمصرف المركزي التركي، ومتوقعاً ارتفاع معدّل التضخم في أيلول الجاري. وحذّر دوغان من تأثير ضريبة الاستهلاك الخاصة على السيارات التي دخلت حيز التنفيذ في 30 آب الفائت، الواقع الذي من شأنه رفع التضخم في أيلول.  
وهنا، ذكّر دوغان بأزمة الليرة التركية وتضخم الأسعار في العام 2018، مشيراً إلى أنّ “المركزي” التركي اضطر آنذاك إلى رفع معدلات الفائدة بشكل كبير، ما أدى في نهاية المطالف إلى رفع سعر الفائدة القياسي ليبلغ 24%. وفي قراءته للتطورات اليوم، اعتبر دوغان أنّ فريق الإدارة التركي يجد نفسه في الموقف نفسه، مستدركاً بأنّ “المركزي” أبقى هذه سعر الفائدة القياسي عند 8.5% خلال الأشهر الـ4 الماضية، وذلك بعد خفضه من 24%، وهو المستوى الذي ظل عنده حتى تموز من العام الماضي. وقال دوغان إنّ “المركزي” عمد إلى تعديل أسعار الإقراض الأخرى، مما يعني أن متوسط التكلفة المرجح للتمويل يقف عندما مستوى يتخطى الـ 10% بقليل. 
وكتب دوغان: “ونظراً إلى إحجام المصرف المركزي عن رفع أسعار الفائدة بشكل حاد للحجم التضخم- يعترض أردوغان رفع أسعار الفائدة بحجة أنّها تضخمية- فقدت استثمارات الليرة جاذبيتها، فهي بالكاد تعوض آثار التضخم التآكلية. وهكذا باع الأتراك الليرة مقابل العملات الأجنبية والذهب”.
وختم دوغان مستعيناً ببيانات حسابات المقيمين بالعملات الأجنبية، مبيناً أنّها سجلت ارتفاعاً في الأسبوع الأخيرة من آب بقيمة 604 ملايين دولار، فباتت تقدر بـ217.9 مليار دولار. أمّا بالنسبة إلى ودائع الذهب، فبلغت الزيادة 599 مليون دولار، ليصل الإجمالي إلى 32.8 مليار دولار، ما يمثل زيادة بنسبة 261% في القيمة النقدية مقارنة الشهر نفسه من العام الماضي، على حدّ ما كتب دوغان.