شربل، شاب لبناني يحاول أن يصمد في هذه اللحظات فوجد نفسه، من حيث لا يدري، وهو الذي تخصص في جامعات باريس في عالم الأعمال، سمساراً كما أبو جاك، أيام زمان، وكما أبو طوني وأبو محمد وأبو وائل… شربل لا يحب ان نسميه “السمسار” بل استشاري عقارات. هاتفه يظل يرن على وقع الساعة والمتصلون يسألونه النصح فيعطيهم نصائح قد تنجيهم من الواقع المالي المرّ. هو يعمل حالياً مع شركة عقارية كل زبائنها يريدون تهريب أموالهم التي قبضت عليها المصارف اللبنانية. وشغله كان في تموز”عال العال”. أتى آب مع ويلاته الإضافية فتسمر مجدداً في مكانه، ومن أسبوعين عاد ليشتغل وسيطاً من جديد بين متألمين. هو يُمسك منطقة كليمنصو. فهل فيها حركة جاذبة عقارياً؟
الثابت له أن فيها، كما في سواها “لقطات”. هو يجول في المنطقة ويسأل: هل هناك من يريد أن يبيع أو يشتري؟ ويُدون كل التفاصيل. هناك زبائن يريدون ان يدفعوا شيكاً مصرفياً وهناك من يملكون بعض “الكاش” ومن يملك الكاش في هذه الأيام يمتلك القوة. فهناك من يريدون ان يبيعوا و”يكسروا” أسعارهم 40 و 50 في المئة كي يحصلوا على “كاش” وهناك من يغتنمون الفرصة فيدفعون بعض “الكاش” ويستفيدون بالحصول على عقار بنصف سعره. وهو، إذا نجحت العملية، يقبض 2,5 في المئة من الشاري و2,5 في المئة من البائع بموجب شيك أيضاً، ويبيع الشيكات التي حصل عليها بثلاثة آلاف ليرة للدولار، لأنه غير قادر ان يودعها في مصرف والحصول على قيمتها بسعر المنصة. كل شيء قد تغير في لبنان في عام من السماء الى الأرض. لكن هناك من هم مثل شربل يحاولون ان يتماشوا مع الواقع في آخر القطاعات التي لا تزال تعمل.
في الأرقام، شهد سوق العقارات في لبنان بين كانون الثاني الماضي وحزيران، على عكس باقي القطاعات الاقتصادية، نشاطاً قوياً بلغ 3,7 مليارات دولار. فهل نفرح ونهلل؟
الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة يقول: “قبل الرابع من آب كان اللبناني خائف لا أمل لديه بشيء ولا ثقة بأحد وأتى الرابع من آب ليكسر كل شيء “وما خلّا وما بقّا”، وطبيعي ان يظهر في كل المراحل من يحاول ان يتعامل مع الوقائع الجديدة وهذا ما حدث ويحدث في لبنان. ثمة إغراءات تظهر دائماً، لكن ما حدث في السوق العقاري هو أمر غير طبيعي، وهناك لبنانيون كثر يعتبرون أن الآن هو أوان تأمين سبل البقاء حتى ولو تخلوا عن الأرض والعقار، ومن سيتمكن من اللبنانيين من البيع سيبيع بغض النظر عن كل ما يسمع من كلام تحت عنوان “أرضي مش للبيع” والبطولات الوهمية والمشاعر الوطنية والدينية. اللبناني يُفكر الآن، كما منذ أشهر، بأن يبيع لكنه، لو تأمنت له سبل البقاء والحياة قد يعود ويشتري. لكن من هم الشارون؟ يجيب: “هناك نحو 10 في المئة يملكون ملايين الملايين. ثمة أناس أغنياء لكن ليسوا بالضرورة سارقين يغتنمون هذه الظروف أيضاً فيحصلون على عقار ثمنه الواقعي 500 ألف دولار مثلا بمئتي ألف. هذا طبيعي. هناك دائماً من يشتري في مثل هذه الظروف ويستفيد. ولا يجب تخوين من يشتري ومن يبيع. فالمرحلة حساسة وكل طرف يفعل ما يراه مناسباً. فنحن في اقتصاد حرّ”.