“اللحم المدعوم غير مدعوم”، هذا ما خلص اليه سمير الذي تساءل: “كيف يُعقل أن يكون السعر المدعوم موازياً للسعر السابق؟ كنا نشتري الكيلو بـ35 ألف ليرة قبل الدعم، وبعده ظلّ السعر على حاله، ناهيك عن التلاعب بالفواتير التي عادة ما يرفض المسلخ تزويدنا بها، وهي أصلاً غير رسمية”.
في الواقع، دخل قرار وزيري الزراعة والإقتصاد دعم اللحوم حيّز التنفيذ، وزُوّد أصحاب الملاحم ببطاقة خاصة تخوّلهم الحصول على اللحم الطازج المدعوم من داخل المسالخ. غير أنّ القرار لا يعدو كونه حبراً على ورق، لم يُترجم واقعاً داخل المسالخ، ولم يُسلّم اللحم المدعوم وفق آلية واضحة، فكلّ مسلخ يتحكّم بالسعر كما يحلو له، مُستغلّاً غياب الرقابة، ومُستفيداً من الغطاء السياسي له.
داخل “لعبة” اللحم المدعوم يسود التلاعب “على عينك يا لحّام”، فـ”الستوك” يدخل في بازار الدعم واللحم الجيّد يباع في السوق السوداء. هنا ترى الغشّ بالفواتير والتلاعب بالأرقام. داخل المسلخ لا رقابة ولا من يحزنون، ولا أحد يراقب عملية بيع اللحم المدعوم، وهل يُباع فعلاً للحّام، أم يُباع على الطريقة اللبنانية “الربع للدعم والباقي للربح المضاعف؟”. لا ينكر سمير وجود تلاعب بالبيع والسعر، ففيما يُباع الكيلو المدعوم في الغازية بـ23 ألف ليرة من دون تنظيف، و27 ألفاً مُنظّفاً، يباع في مسالخ النبطية بـ29 ألفاً من دون تنظيف و35 ألفاً جاهزاً للبيع، في وقت كان يصل سعر الكيلو قبل الدعم الى 35 ألف ليرة، فأين الدعم إذا؟ وِفق اللحّام سميح “الدعم يقتصر على “الستوك”، واللحم الجيّد لا يدخل في الدعم بل يُباع في السوق السوداء، والتلاعب يبدو جلياً من خلال الأسعار أيضاً”.
لم يطرح قرار الوزيرين آلية واضحة للتنفيذ، ظلّ لقيطاً وكلّ مسلخ يترجمه وِفق مصالحه ويفرض السعر الذي يريده، الى حدّ بات لكلّ قطعة في البقرة سعر.
وتشير المعلومات الى أنّ عدد العجول التي تصل الى المسلخ توّزع محاصصة 10 بالمئة تذهب للذبح المدعوم والباقي للسوق السوداء، وهذا ما يؤدي للتلاعب.
قبل أسبوعين، سطّرت وزارة الإقتصاد محاضر ضبط بحقّ اللحّامين المتلاعبين بالأسعار في النبطية، ووعدت بملاحقة أصحاب المسالخ ايضاً، لكن “عالوعد يا كمّون”، لم تتمّ ملاحقة وكر الفساد الحقيقي. بحسب يوسف الذي قصد دائرة الإقتصاد للإعتراض على محضر الضبط بحقّه، طُلب منه تقديم دعوى بحقّ المسلخ المتلاعب بالسعر، في اعتبار أنه يشتري منه بسعر مرتفع، ويبيع الكيلو بـ45 ألفاً. اللافت أنّه حين حضر في اليوم التالي لشراء اللحم، جهّز له صاحب المسلخ أجود لحمة، يضحك يوسف في سرّه قائلاً: “حاميها حراميها، هكذا يصرف اللحم المدعوم، ويحاسب الفاسد في لبنان، أما نحن فعلينا دفع المخالفات”.