ايران و’حزب الله’… وتلازم مسار العقوبات الأميركية على المصارف

10 أكتوبر 2020
ايران و’حزب الله’… وتلازم مسار العقوبات الأميركية على المصارف

قبل نحو شهر من الانتخابات الرئاسية الاميركية توسعت العقوبات الاميركية مجدداً ضد “حزب الله”، بعدما طالت حلفاءه، لكن المفارقة اليوم تكمن في أن مشروع قانون بعنوان The Hezbollah Money Laundering Prevention Act of 2020 قدمه رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في مجلس النواب الأميركي النائب جو ويلسون، حظي بموافقة الحزبين الديموقراطي والجمهوري على إصداره ويهدف الى “وقف أنشطة غسيل الأموال التي يقوم بها الحزب في جميع أنحاء العالم وبوقف أنشطة الحزب في الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وضمن المناطق الخاضعة لسيطرته في لبنان وعزلها وجعلها خالية من المصارف بيد أن الخطورة ان المشروع تكمن في اشارته الى “المصارف الصديقة” للحزب.


وبانتظار المصادقة عليه من عدمه، يأتي هذا المشروع، بحسب مصادر اقتصادية بارزة لـ”لبنان24″ ضمن الإستراتيجية الأميركية للضغط على “حزب الله” وحلفائه والتي تدخل بحدّ ذاتها ضمن إستراتيجية مواجهة إيران ولجم نفوذها في المنطقة حيث يعتبر الأميركيون أن “حزب الله” هو امتداد للنفوذ الإيراني في العراق، وسوريا ولبنان.

وعليه، فإن هذا المشروع سيترك في حال دخل حيز التنفيذ تداعيات مباشرة على بيئة “حزب الله” التي سيتمّ إخراجها من النظام المصرفي اللبناني بحكم أن إغلاق المصارف في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت سيؤدّي إلى إقفال العديد من الحسابات التي سيُفضّل أصحابها سحب أموالهم من المصارف، هذا فضلاً عن أن التداعيات ستطال الشركات الواقعة ضمن نطاق هذه المناطق حيث أن تلك الشركات ستواجه حتمًا صعوبات في إستيراد البضائع والسلع، وبالتالي فإن هذا المشروع سيضاعف، بحسب المصادر نفسها، من حدة الضغط على البيئة الحاضنة لحزب الله لدرجة يأمل الأميركيون أن يقطفوا ثمارها في الإنتخابات النيابية المُقبلة في لبنان، لأن من شأن هذه العقوبات، بحسب القراءة الاميركية ان تقلب الرأي العام في تلك المناطق ضد الحزب، خاصة وان هذا الشارع الداعم للمقاومة لا يخفي في الاونة الاخيرة تململه من سوء الوضعين المالي والاقتصادي ومن الفساد المستفحل في مؤسسات الدولة.

من المؤكّد أن “حزب الله” لا يستخدم القطاع المصرفي مباشرة، إلا أن مؤيّديه وداعميه يتعاطون الشأن المصرفي. وبالتالي فإن إخراج هؤلاء من القطاع المصرفي سيؤدّي إلى انخفاض قيمة التبرّعات أو بفرضية وجود proxies للحزب في القطاع المصرفي، فإن هذه الـ proxies سيتمّ ابطالها واخراجها مما يعني مداخيل أقلّ للحزب؛ وهذا الواقع سيزيد من الصعوبات المالية للحزب على الأمد المتوسّط والبعيد خاصة وانه يعاني راهنا ازمة مالية شديدة.

أما من جهة حلفاء الحزب، فهناك توجّه، بحسب المصادر نفسها، لناحية زيادة الرقابة على مفاتيح مالية تابعة لـ”التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”، فضلا عن شخصيات مسيحية وسنية على تعاون وتحالف مع الحزب. فهذه المفاتيح، ستواجه عقوبات في حال تمّ إثبات انخراطها في عمليات مالية الى جانب الحزب، وبالتالي فإن خفض عدد الفروع المصرفية في لبنان سيسّمح برقابة فعالة أكبر على هذه المفاتيح التي أصبحت شبه معروف في دوائر الخزانة الأميركية.

وليس بعيداً، بدأت الاوساط المطلعة على السياسة الاميركية تربط بين مشروع قانون ويلسون وبين ما تتعرّض له إيران اليوم على وجه التحديد، لجهة العقوبات الأميركية على بنوكها في محاولة لمنعها من شراء الأدوية والمواد الغذائية، بيد أن المصادر الاقتصادية نفسها، ترى أن “حزب الله” يمثل بالنسبة الى الاميركيين أحد أهم أذرعة إيران في المنطقة، و من هذا المنطلق، يُمكن القول أن هناك تكاملا والأزمات بين العقوبات على 18 مصرفا إيرانيا وإقفال فروع لمصارف لبنانية في مناطق نفوذ “حزب الله”.

اذاً، العقوبات الأميركية على المصارف الإيرانية سيؤدّي، بحسب المصادر، إلى اخضاع القطاع المصرفي الإيراني بالكامل. وهو ما سيشكّل ضربة قوية على إيران -التي تراهن على حقبة ما بعد الانتخابات الاميركية وسقوط الرئيس دونالد ترامب- ، وسيزيد من صعوباتها المالية والإجتماعية، هذا فضلا عن أن إقفال فروع المصارف اللبنانية في مناطق نفوذ “حزب الله”، سيؤدّي إلى قطع أوصال محتملة بين المصارف الإيرانية والفروع اللبنانية من خلال proxies وعبر عمليات تمرّ من خلالها الأموال عبر دول عدّة قبل الوصول إلى لبنان. والجدير ذكره أن إنهيار النظام المصرفي اللبناني وازدياد عمليات إيداع النقد fresh money وإرسالها إلى الجهة المعنية سواء كانت داخلية أو خارجية، يسمح بتخطّي الإجراءات الإحترازية. من هذا المنطلق، آتى إقفال هذه الفروع ليحدّ من هذه الظاهرة.