يُعتبر التقرير بمثابة مبادرة بين البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولّية بالتعاون مع حكومات كندا والنرويج، حيثّ تمّ توفيره كجزء من منشأة تؤمّن مساعدات تقنّية للبلدان المذكورة آنفاً لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة والفرص المتاحة لها، كما وتعمل كمحفّز تجاه مجتمعات أكثر شمولاً واستدامة وسلاماً، حيث يستفيد الجميع من النمو الاقتصادي.
بالأرقام، ذكر التقرير أنّ تحسين المشاركة الاقتصادّية للمرأة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا يسهم في نمّو شامل، علماً أنّ المرأة تسهم بنسبة 18% من الناتج المحلّي الاجمالي في المنطقة، مقارنةً مع متوسط عالمي عند 37%. في هذا السياق، علّق التقرير، أن زيادة مشاركة القوى العاملة النسائية لمستويات توازي مستويات المشاركة عند الذكور قد يعزّز الناتج المحلّي الاجمالي في المنطقة بـ47%.
وذكر التقرير أيضاً، أنّ منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا تتمتّع بأدنى معدّل مشاركة للقوى العاملة النسائية في العالم عند 21% وذلك ضمن النساء المنخرطات في سوق العمل واللواتي تتراوح أعمارهن بين الـ15 والـ64 سنة.
أضاف التقرير، أنّ نسبة مشاركة النساء في لبنان هي عند 26.3%، ما يضعه في المركز 17 بين بلدان منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، أي قبل بعض دول المنطقة (العراق، والاردن ومصر، وإيران، والمغرب، والمملكة العربية السعودية). وبعض دول خارج المنطقة (كالهند وباكستان).
وأشار تقرير البنك الدولي، إلى أنّ النساء الأصغر سنّاً في لبنان يتمتّعن بنسبة مشاركة أعلى من النساء اللواتي تجاوزت أعمارهن سن الـ45، كما وأنّ النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عاماً لديهن فرصة أكبر بمرتين أن يشاركن في سوق العمل مقارنةً مع النساء البالغة أعمارهن بين 45 و64 عاماً.
أضاف البنك الدولي، أن ثلثي النساء اللبنانيات اللواتي يتمتّعن بمستوى تعليم عالٍ يعملن أو يبحثن عن وظيفة، علماً أنّ هذه الفئة من النساء تشكّل حوالى 31% من إجمالي النساء في لبنان. بالاضافة إلى ذلك، فقد ذكر التقرير أنّ النساء المنخرطات في سوق العمل يملن إلى المشاركة في أنشطة أقل إنتاجية، حيث أنّ أكثر من ثلثي النساء اللبنانّيات يعملن في قطاع الخدمات (خاصةً القطاع العام والتوظيف المحلّي). في هذا السياق، أضاف التقرير، أّن المرأة اللبنانّية تميل إلى العمل في وظائف ذات أجور أقل وعلى أساس عقود ثابتة، مشيراً إلى أنّ إحتمال حصولها على وظائف إدارية أو مناصب عالية أقل حتماً.
من منظار آخر، كشف تقرير البنك الدولي عن 4 نقاط تحوُّل تواجهها النساء، والتي قد تؤدّي إلى مغادرة البعض منهن سوق العمل أو عدم دخوله أبداً. وبحسب التقرير، فإنّ نقاط التحّول هذه تنطوي على “استعداد” (انتقال من المدرسة إلى العمل)، و”الدخول والبقاء” (مواجهة عوائق عدة قد تمنعهن من دخول سوق العمل أو إلى الخروج منهّ إذا شكّلت هذه العوائق قيوداً دائمة)، و”الزواج” (عوائق إضافية بسبب القيود الاجتماعية والقانونية)، و”إنجاب طفل: (المزيد من العوائق المتعلقة برعاية الأطفال والتي من الممكن أن تؤدّي إلى مغادرة المرأة لسوق العمل).
وأشار التقرير، إلى أنّ العوائق التي تواجهها المرأة تتوزّع على ثلاث مساهمات للمساواة بين الرجال والنساء: الجوانب القانونية، والمؤسسات غير الشرعية، والأسواق. وقد أوضح التقرير أنّ الجوانب القانونية تُعنى بالقوانين والأنظمة التي يمكن أن تعزّز أو تحمي أو تحظّر المشاركة الاقتصادية للمرأة، وتضمن حقها في العمل في الظروف نفسها التي يتمتّع بها الرجل، وأن تساهم نفس مساهمة الرجل في الاقتصاد.
أضاف التقرير، أيضاً أنّ المؤسسات غير الشرعّية هي مجموعة من الاجراءات التي تشكّل تفاعلات إجتماعّية. كما وذكر التقرير أن التصورات والمواقف والعادات المشتركة قد تحدّد ما إذا كان ينبغي على الرجال والنساء الزواج وفي أي سن، والدور الذي سيلعبه كل منهما بعد الزواج (بما في ذلك تقاسُم الأعمال المنزلية وترتيبات الرعاية). إضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أنّ الأسواق تتمحور حول توافر وجودة فرص العمل، إضافة إلى خصائص البنية التحتية للرعاية والنقل، والتي تلعب دوراً في التأثير على قدرة المرأة في الحصول على فرص عمل.
وفي سبيل الاطلاع على المزيد من التفاصيل، فقد أوضح التقرير أنّ الشابات يصادفن الحواجز عندما يبدأن في تطوير المهارات والمعرفة اللازمة لدخولهن سوق العمل. ومن العوائق الاخرى التي تواجهها المرأة عند محاولة الدخول أو البقاء في سوق العمل، والتي تمنعها من الوصول إلى الفرص الاقتصادية، هي التحرّش في مكان العمل وفي وسائل النقل العام، حيث تعاني ثلث النساء اللبنانيات من التحرّش اللفظي، في حين تتعرّض امرأة واحدة من كل خمس نساء للإيذاء الجسدي.
وفي السياق نفسه، كشف التقرير عن أنّ معدلات المشاركة تنخفض بالنسبة للمرأة المتزوجة، بسبب مزيج بين التفضيلات، وتوقّع الانجاب، والمعايير الاجتماعية حول أدوار المرأة ومسؤولياتها. وأشار التقرير إلى أنّ النساء المتزوجات اللواتي يخترن العمل على عكس المعايير الاجتماعية، قد يعانين من العنف المنزلي نتيجة لذلك. بالتوازي، تواجه الأمهات المزيد من الحواجز أمام المشاركة في سوق العمل، كالأعمال المنزلية، وتوفير رعاية الأطفال (النوعية، وسهولة الوصول، والقدرة على تحمّل التكاليف)، وغيرها من العقبات التي تمنع الأمهات من دخول سوق العمل أو البقاء فيه.
أخيراً، كشف البنك الدولي عن بعض التدابير التي ينبغي اتخاذها في المستقبل لتحسين الفرص الاقتصادية للمرأة، وهي مراجعة بعض الأنظمة والقوانين، لمعالجة مخاوف سلامة المرأة في وسائل النقل العام، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة في المعايير الاجتماعية، والقضاء على التمييز بين الرجال والنساء في العمل والتحرّش الجنسي في أماكن العمل والأماكن العامة.