المحرّك الأساسي لهذا النمط كان تثبيت سعر الصرف على 1507.5 ليرات وسطياً مقابل الدولار. سمح هذا التثبيت لموظف راتبه 1500 دولار، بتقسيط سيارة من إحدى الماركات الأوروبية وتاريخ صنع حديث. بمعنى آخر، إن تثبيت سعر الصرف كرّس نمطاً غرق فيه المستهلكون الذين لم يكتفوا بشراء سيارة لتغطية الحاجة الضرورية، بل لتغطية رفاههم أيضاً. كان هذا النمط يشمل شراء سيارات مستعملة وجديدة. فبحسب إحصاءات الجمارك اللبنانية، استورد لبنان بين مطلع 2017 ونهاية تموز 2020 نحو 216408 سيارات جديدة ومستعملة بقيمة إجمالية تبلغ 3.3 مليار دولار. أما قطع الغيار المُرتبطة بعربات النقل، فكانت تتراوح قيمتها سنوياً بين 230 و260 مليون دولار أميركي. عائدات تجارة السيارات للخزينة العامة كانت أيضاً مرتفعة، وبلغت 1085 مليار ليرة في عام 2018، إلّا أن التراجع في الاستيراد والمبيعات انعكس أيضاً على الرسوم (رسوم الاستيراد، التسجيل، السير، القيادة) التي سجّلت في عام 2019 نحو 755 مليار ليرة، أي تراجعت بنسبة 30.4%. كذلك هناك خسائر في الوظائف ستفرض على شركات استيراد السيارات الجديدة إعادة هيكلة بنيتها وخفض عدد الأجراء فيها إلى أقل من 10 آلاف عامل حالياً.
منذ صيف عام 2019، ومع بدء التبدّلات في سعر الصرف وتدنّي قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، أُجبر المُجتمع على تبديل سلوكياته والتخلّي عن «الامتيازات» المُزيفة: استيراد السيارات واحد منها. هذه السوق معرّضة للانكماش إلى الحدّ الأقصى انسجاماً مع تراجع المبيعات الناتج من انهيار القدرة الشرائية للمداخيل. في البدء، حاول قطاع السيارات المستوردة أن «يتعايش» مع التطورات المالية والنقدية بالبيع عبر «الشيكات المصرفية بالدولار»، لكن قيمة الدولارات المصدرة بالشيكات المصرفية بدأت تنخفض (سعر الدولار الصادر بواسطة الشيك يساوي 37% من سعر الدولار الورقي (الحقيقي). وفي ظلّ حاجة المستوردين إلى الدولارات الحقيقية لتمويل استيراد السيارات، أوقفوا بيع السيارات بالشيكات”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.
بعد تحليق الدولار و4 آب.. كيف تأثرت سوق السيارات؟
كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان ” سوق السيارات: نهاية نموذج الترف”: ” السيارات هي من أكثر علامات «وهم» النظام الاقتصادي اللبناني. اقتناؤها في الأساس «مفروض» على المواطنين بسبب غياب نقل عامّ فعّال ومُنظّم، فبات يُعدّ «طبيعياً» أن يملك سيارة كل فرد في عائلة مكوّنة من خمسة بالغين! هذا أمرٌ غير شائع في عددٍ من دول العالم، لا سيّما إذا كانت مساحة البلاد صغيرة كلبنان ويُمكن بتخطيط بسيط وصل مُدنها وقراها بواسطة النقل العام. غياب الدولة وعجزها عن تأمين هذا «الحقّ»، جرى تعويضه بـ«خدعة» جذّابة تكمن في إتاحة المجال لمختلف أبناء الطبقات الاجتماعية في اقتناء «سيّارة الأحلام» وتسهيل تمويل هذا «الترف» عبر قرض مصرفي. وهي خدعة أتت مع «منافع» سوّقتها المصارف: بطاقة دفع إلكتروني مجانية، بوليصة تأمين على الحياة مجانية، تسهيلات في الدفع…