دولار بيروت يبدل اتجاهه على إيقاع كلمة عون

22 أكتوبر 2020
دولار بيروت يبدل اتجاهه على إيقاع كلمة عون

كتب علي زين الدين في “الشرق الأوسط”فرضت كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون إيقاعها على تداولات العملات في أسواق بيروت الموازية، في ظل تناقض المواقف بشأن مضمونها وتأثيرها على الملف الحكومي. وتمدد التأثير نسبياً إلى البورصة وأسواق سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) المتداولة محلياً وخارجياً.

ورصدت «الشرق الأوسط» ترقبات ملتبسة لدى الصرافين في السوق السوداء، ما دفع سعر الدولار صعوداً ليبلغ عتبة 7700 ليرة في تداولات محدودة ومتوترة قبيل إلقاء الخطاب ظهراً، بضغط من سريان معلومات عن موقف تصعيدي. ثم انقلب الوضع تماماً وتدحرج السعر المتداول خلال أقل من ساعتين إلى مستوى يقارب 7200 ليرة، ليراوح لاحقاً بين 7300 و7400 ليرة، بعدما تأكد أن الرسالة الرئاسية لم تتضمن إشارات يمكن أن تعيق مسار تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة.

وظلت بورصة بيروت خارج نطاق التفاعل مع التطورات المستجدة، نظراً لتزامن توقيت الخطاب مع انتهاء الدوام اليومي ظهرا، وحافظت بالتالي على نمط التداولات الضيقة والمركزة على أسهم شركة سوليدر (عقارات وسط بيروت)، حيث جرت نحو 13 عملية فقط، بإجمالي مبالغ لم تتجاوز 110 آلاف دولار لنحو 26.5 ألف سهم من ضمنها عملية شملت 20 ألف سهم لأحد البنوك. علما بأن القيمة الرأسمالية المجمعة للأسهم تقارب 6.5 مليار دولار.
بالتوازي، لوحظ أن القعر غير المسبوق الذي بلغته أسعار بعض شرائح سندات الدين الدولية المتداولة في أسواق مالية دولية، لم يشكل حافزاً لعمليات شراء أو مضاربة توخياً لتحسن الأسعار في حال تقدم الملف الحكومي والالتزام المسبق للرئيس المكلف بتسريع المفاوضات المجمدة مع إدارة صندوق النقد الدولي وتفعيل وعود المبادرة الفرنسية بعقد مؤتمر جديد وحشد الدعم الدولي لتقديم العون الإغاثي والتمويلي.
وأفاد مصرفيون على صلة بمستثمرين خارجيين بأن قناعة «عدم اليقين» لا تزال تسيطر على قرارات المهتمين في الأسواق الخارجية بالأوراق الحكومية اللبنانية، التي فقدت كامل حيويتها عقب إقدام حكومة تصريف الأعمال الحالية على تعليق دفع مستحقات الأصول والفوائد لكامل شرائح محفظة السندات الدولية الذي تربو قيمته على 32 مليار دولار. وهذا ما أدى تباعاً إلى خسائر حادة في الأصول وصلت إلى حدود تسعير السند بين 15 و16 سنتاً من كل دولار.
وزاد في الترقبات السلبية أن الحكومة لم تبذل جهوداً كافية للتواصل، خلال الأشهر التالية لوقف الدفع، مع حاملي السندات المحليين الذين يحوزون نحو 11 مليار دولار من المحفظة، ولا مع الخارجيين الذين يخزنون نحو 15 مليار دولار من السندات. علماً بأن مصرف لبنان يحمل أيضاً نحو 5 مليارات دولار من اليوروبوندز، ويواظب على احتسابها بسعر الإصدار ضمن احتياطه من العملات الصعبة.
ومن الواضح أن التعاملات في الأسواق المالية، بحسب المصرفيين، ستبقى محكومة حتى إشعار آخر بشروط التقدم الفعلي في المعالجات، بعدما فقد لبنان الجزء الأعظم من مخزون الثقة بإمكانية التوافق الداخلي على خطة تعافي متكاملة تكفل انتشال قطاعاته المالية والنقدية من الانهيارات المتدحرجة التي ضربت أغلب ركائز الاقتصاد وتسببت بفقدان أكثر من 300 ألف وظيفة في القطاع الخاص وفي الإخلال بتوازن التركيبة الاجتماعية مع توسع حزام الفقر ليشمل نحو 60 في المائة من المقيمين.
وفقاً لهذا التقييم، يجمع الخبراء على أهمية تتبع المسارات الداخلية والمناخات الدولية في المرحلة المقبلة. ويمنحون ثقلاً نوعياً لمجرى المفاوضات حول ترسيم الحدود مع إسرائيل وسرعة تقدمه، كونه المؤشر الأبرز والأقوى الذي سترتكز إليه الترقبات المستقبلية والشاملة للشروع باستكشاف ثروة النفط والغاز المأمولة جنوب البلاد، وذلك من دون إغفال تأثير انسياب المستجدات الداخلية على «فرملة» التدهور وإمكانية حصول إيجابيات في السوق النقدية، خلال الأيام القادمة، في حال ظهور مؤشرات جدية تؤدي إلى تسهيل تأليف الحكومة بعد التكليف.