خلال الاشهر الماضية، تأثر سعر صرف الليرة بشكل لافت بالتطورات السياسية، فبعد تدخّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في آب الماضي للمساعدة في حل الأزمة وزار لبنان مرة أولى ثم مرة ثانية في 1 أيلول. وانتهت الزيارة الثانية بالإعلان عن مبادرة قال إنّ كل القوى السياسية وافقت عليها، ونصّت على تشكيل حكومة تتولى الإصلاح بموجب برنامج محدد، مقابل حصولها على مساعدة مالية من المجتمع الدولي. وقد استقرّ سعر صرف الليرة نوعاً ما في السوق السوداء في تلك الفترة عند ما بين 7000 و7500 ليرة، إلا انه عاد للهبوط مجدداً بعد فشل القوى السياسية في ترجمة تعهداتها.
ومع اعتذار السفير مصطفى أديب الذي سُمّي لتشكيل الحكومة، عاوَدت الليرة هبوطها لتصل مؤخراً الى حدود 9000 ليرة. إلا ان اعلان الحريري أنه مرشّح لرئاسة الحكومة ضمن ثوابت المبادرة الفرنسية بالاضافة الى الجوّ السياسي الذي أوحى بعودته، أدى الى ارتفاع سعر الصرف الى 7200 ليرة مقابل الدولار، مما قد يُنبئ بأنّ تكليف الحريري، وفقاً للتجارب السابقة، سيؤدّي الى استقرار سعر الصرف مجدداً في السوق السوداء عند مستوياته الحالية، الى حين تعثّر التأليف أو نجاحه، لتنجلي توجهات سعر الصرف في المرحلة المقلبة صعوداً او هبوطاً.
في هذا الاطار، يضع معهد التمويل الدولي سيناريوهين لتوجهات سعر صرف الليرة في العام الحالي والعام 2021. يعتمد السيناريو A على فرضية عدم تشكيل حكومة جديدة وعدم القيام بأي اصلاحات وغياب الدعم المالي الخارجي، في حين يعتمد السيناريو B على فرضية تأليف حكومة جديدة قبل نهاية العام 2020، وتطبيق الاصلاحات المطلوبة، والحصول على برنامج إنقاذ من قبل صندوق النقد الدولي يبدأ تنفيذ في اوائل 2021 في موازاة إعادة هيكلة الدين العام واقتطاع 60 في المئة من قيمة سندات اليوروبوندز.
في السيناريو الاول، يتوقع معهد التمويل الدولي ان يبقى السعر الرسمي لليرة مقابل الدولار عند 1507 في 2021، وان يتمّ خفضه الى 8000 ليرة للسحوبات النقدية في المصارف ولدى الصرافين مقارنة مع 3900 حالياً، في حين سيصل سعر الصرف في السوق السوداء في حال عدم تشكيل حكومة وعدم السير بالاصلاحات الى نحو 14500 ليرة مقابل الدولار.