قبل انهيار سعر الصرف، لم يكن أيّ من المتعهّدين يعترض على قبض مستحقاته بالليرة، بالرغم من أن العقود تحدّد الدولار عملة للتعاقد. ذلك طبيعيّ عندما كان سعر الصرف ثابتاً، لكن بعد وصول سعره في السوق السوداء إلى 8000 ليرة، مقابل استقرار السعر الرسمي على 1515، لم يعد بالإمكان القبض بالليرة. ولأنّ أيّاً من الشركات غير مستعد لتكبّد هكذا خسارة، بدا ذلك تمهيداً لإمكانية تقنين استيراد المعدات وقطع الغيار الضرورية، وبالتالي التوقف عن العمل تدريجياً. الحديث يشمل هنا كل مستويات العمل: الإنتاج والنقل والتوزيع والمقاولات.
في بداية الصيف، تنفّست تلك الشركات الصعداء. جرى الاتفاق مع مصرف لبنان على تأمين بعض من مستحقاتها بالدولار. الاتفاق قضى بتقسيم الدفعات بين الدولار النقدي والدولار والليرة. وقد شمل كل المتعهدين ولا سيما شركات تشغيل وصيانة المعامل، البواخر التركية، وشركات مقدّمي الخدمات… لكن هذا الاتفاق لم يدم طويلاً. في وزارة الطاقة تأكيد أن مصرف لبنان أوقف الدفع، بعد تعيين نواب الحاكم الذين طلبوا مراجعة هذه الاتفاقات. بالنتيجة، لم يحصل مقدّمو الخدمات على الدولارات الطازجة سوى مرة أو اثنتين. البواخر التركية، نظراً الى ضخامة المبلغ المستحق لها (نحو 150 مليون دولار) حصلت على دفعات أكثر. لكن كل ذلك توقّف تماماً في تشرين الأول. ثمّة من يربط هذا التوقف بكثرة الحديث عن توقف الدعم. من تولّى مسؤولية التحويلات الخارجية كان نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين. وهو كان قد شكّك بإمكانية تحويل الشركات لأرباحها إلى الخارج، طالباً ضمانات لعدم حدوث ذلك. أمس، عُقد اجتماع بين ممثلي الشركات مقدمة الخدمات وبين المصرف، لمحاولة الإجابة عن عدد من الملاحظات التي أبداها، والتأكيد أن نسبة ثلث المستحقات التي يمكن الحصول عليها بالدولار بالكاد تكفي لتأمين المعدّات الضرورية للحفاظ على استمرارية التوزيع وتأمين خدمات الزبائن.
تشير مصادر الشركات إلى أن الاجتماع كان إيجابياً جداً، حيث أكد نائب الحاكم الحرص التام على القطاع وعلى استمراريته. ومقابل خشية المصرف من تحويل أرباح الشركات إلى الخارج بحجة الدفع للموردين العالميين، تم الاتفاق على أن يعمد المصرف إلى تحويل المبالغ المطلوبة إلى الموردين مباشرة، ومن دون المرور بمقدمي الخدمات، علماً بأن هذا الاتفاق يغطي السنة الحالية والسنة المقبلة. وفيما خرج ممثلو الشركات مطمئنين إلى مجريات الاجتماع، إلا أن أحدهم اعتبر أن العبرة تبقى في السرعة في التنفيذ، لأنه كلما مرّ الوقت ازداد عجزها عن القيام بأعمال الصيانة وتركيب المعدات. تجزم المصادر بأن كلامها ليس تهديداً، بل هو تعبير عن أمر واقع يعانيه كل المتعاقدين مع الدولة”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.