شركات التدقيق: شكوك حول قدرة المصارف على الاستمرار

9 نوفمبر 2020
شركات التدقيق: شكوك حول قدرة المصارف على الاستمرار

كتبت ليا القزي في “الأخبار”: بعد تأخير امتد لأشهر، أنهت شركات التدقيق وضع تقاريرها لسنة 2019 المالية، وفيها «توثيق» للسنة التي بدأ فيها القطاع المصرفي «جَنْي» سياسات خاطئة وُضعت أُسسها قبل سنوات. كلّ المصارف التجارية، ومن دون أي استثناء، لم تُقدّم أرقاماً كافية للقيام بتحليل دقيق لمستوى السيولة والملاءة والربحية لديها. المُشكلة الرئيسية في نسبة المؤونات المُحتسبة، والتي لا تتوافق مع واقع السوق.

أي مؤسّسة لديها رأسمال سلبي، لا تملك سيولة كافية، غير قادرة على تحصيل قروضها، توقّفت عن تقديم «الخدمات التقليدية» التي تدخل ضمن اختصاصها… لا يُمكن إلّا شطبها واعتبارها «ميتة». أليس غريباً إذاً أن تستمر المصارف التجارية اللبنانية بالعمل رغم كلّ التعثّر في ميزانياتها وتوقّفها عن القيام بأبسط مهامها؟ المصارف «الزومبي» في لبنان باقية بطريقة «اصطناعية»، وبسبب وجود «مُكابِرين» لا يُريدون التسليم بأنّ النموذج السابق انتهى، ولا بُدّ لمصلحة الجميع من «الاستسلام» والبحث عن بديل يؤدي دوراً إيجابياً في الاقتصاد. يُفترض أنّ هذه «الحقيقة» باتت معروفة للنسبة الأكبر من الرأي العام، تماماً كإدراكهم بأنّ خبرية «إعادة تكوين» الودائع، ولا سيّما بالعملات الأجنبية، ليست أكثر من وهمٍ. ولكن «الأهمّ» حالياً، هو في كون هذه المعلومات باتت «موثّقة» في التقارير المالية لسنة 2019، والتي بدأت تصدر تباعاً، بعدما تأخّرت لأشهرٍ بسبب الأوضاع العامة في لبنان.

هل لدى المصارف التجارية اللبنانية قدرة على الاستمرارية؟ «يوجد حالياً درجة عالية من حالة عدم اليقين تُحيط بالنظام المصرفي اللبناني والاقتصاد اللبناني ككلّ». الكلمات نفسها استُخدمت في كلّ تقارير شركات التدقيق الخارجي المُتعاقدة مع المصارف اللبنانية. التقارير المنشورة على موقع «بورصة بيروت» الإلكتروني ومواقع عددٍ من المصارف (البقية تسلّمت التقارير التدقيقية، لكنها لم تنشرها) تبدو مُستنسخة بعضها عن بعض، ولم يُعدّل فيها سوى اسم المصرف وشركتَي التدقيق اللتين تتعاملان معه وعدد من التفاصيل التقنية لكلّ مصرف. فبحسب المعلومات، اجتمع مُمثلو شركات التدقيق واتفقوا على وُجهة التقارير وماذا سيُكتب، لتكون النتيجة وجود أحداث وظروف تُثير «شكوكاً كبيرة حول قدرة المجموعة (المصرفية) على الاستمرار على أساس مفهوم الاستمرارية (Going Concern)». كما أنّ حالة عدم اليقين «تنطبق على القطاع المصرفي اللبناني ككلّ، وهي ناجمة عن المخاطر النظامية الكبيرة، التي يُمكن أن تؤثّر على تقييم مخاطر الملاءة، السيولة، العملة، الائتمان والربحية، الإجراءات المستقبلية…». لا يعني «مفهوم الاستمرارية» أنّ المصرف سيُعلن إفلاسه ويُقفل، بل إنّ شركات التدقيق ترسم تساؤلات وشكوكاً حول قدرته على الاستمرار، أولاً بسبب تأثير الأوضاع الاقتصادية العامة عليه، وثانياً لأنّه يُعاني من أزمات داخلية عديدة تجعل استمراريته مُتعثّرة. يرى عضو مجلس إدارة في أحد البنوك «فئة ألفا» أنّه بوجود «رأسمال سلبي لدى العديد من المصارف، من الطبيعي أن يسأل المُدققون إن كنّا قادرين على الاستمرار». والشكوك لن تضمحّل إلا في حال اتخاذ إجراءات مُعينة، «كضخّ أموال جديدة في الرأسمال، أو وضع خطّة اقتصادية عامة»، يقول أحد الخبراء الماليين.
المصارف التي نُشرت تقارير التدقيق لديها هي: عوده، لبنان والمهجر، سوسيتيه جنرال، البحر المتوسط، بيمو، البنك اللبناني للتجارة، فرنسَبنك وبيبلوس. اتفقت شركات التدقيق على «محدودية أدلة التدقيق التي أُتيحت لنا… ولا تتضمن البيانات المالية الموحدة المُرفقة إفصاحاً مُناسباً عن خطة الإدارة للتعامل مع الأحداث والظروف التي أنتجت عدم يقين مادياً». بالنسبة إلى «سيدروس»، فقد صدر أيضاً التقرير لكن مع اختلاف بسيط عن البقية، بأنّ المصرف يُحافظ «على نسبة كفاية رأسمال أعلى بكثير من الحدّ الأدنى المطلوب من قبل مصرف لبنان، ومع ذلك فإنّ الظروف والأحداث (…) يُمكن أن تؤثّر على السيولة والملاءة وربحية المجموعة. قدّمت المجموعة بياناتها المالية الموحدة على أساس مفهوم الاستمرارية بناءً على خطة عمل… لا يُمكن تحقيق خطة مستدامة إلا بعد أن تكون أوجه عدم اليقين (…) قد سوّيت. وبناءً عليه، لم نتمكن من الحصول على أدلة تدقيق كافية ومناسبة حول الخطة بسبب حالات عدم الوضوح المرتبط بالوضع العام وخيارات الحلول المحتملة التي قد تظهر في المستقبل المنظور».
الظروف التي ذكرتها شركات التدقيق في تقاريرها، وقد أثّرت على وضع كلّ القطاع المصرفي، هي:

ــــ تعطّل الأعمال منذ الربع الأخير من الـ 2019.
ــــ التدهور المستمر لمخاطر الائتمان السيادي التي بدأت منذ الربع الأخير من الـ 2019، وأدّت إلى تخفيض التصنيف من قبل جميع وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية في آذار 2020.
ــــ القيود على سحب الأموال بالعملات الأجنبية.
ــــ عدم القدرة على تحويل الأموال بالعملة الأجنبية إلى خارج لبنان.
ــــ التقلّبات الحادّة في سعر الصرف، وخلق أسواق موازية.
ــــ إعلان الحكومة اللبنانية التخلّف عن سداد نسبة 6.375٪ من سندات «اليوروبوندز» (الدين بالعملة الأجنبية) المستحقة في 9 آذار 2020.
ــــ إعلان الحكومة في 23 آذار التوقّف عن سداد جميع مدفوعاتها لسندات «اليوروبوند».

ــــ التدهور في القيمة السوقية لسندات الدين بالليرة إلى مستوى غير مرغوب فيه، ما أثّر على تقييم الأصول المالية سلباً في لبنان.

لقراءة المقا كاملا اضغط هنا.