كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”: بعدما رفع المصرف المركزي نسبة الدعم على الادوية والمستلزمات الطبية من 85 % الى 100 %، من المتوقع ان تَتكشّف قريباً ما اذا كانت ستطرأ أي تغييرات على نسبة الدعم التي يؤمّنها المركزي لكل من المحروقات والقمح والسلع الغذائية، خصوصاً مع بدء الحديث عن توجّه لترشيد الدعم. والسؤال: وفق أيّ شكل سيكون الترشيد وما هي السلع التي سيشملها؟
مع بدء العد العكسي للاقتراب من الاحتياطي الالزامي، بدأ الحديث مؤخراً عن ترشيد الدعم الذي سيَطال المحروقات والقمح وسلة السلع الاستهلاكية المدعومة من المركزي. حتى الآن هناك سيناريوهات عدة قيد الدرس، لكنّ المؤكد انه كيفما أتت القرارات المتعلقة بمصير الدعم، فإنّ الخيارات المطروحة ما عادت بين الأفضل والأسوأ إنما بين السيئ والاسوأ بين الكارثة والفاجعة، بين استنفاد الاحتياطي الالزامي، أي ما تبقّى من ودائع الناس، في مقابل ارتفاع معدلات الفقر لتشمل أكثر من نصف الشعب اللبناني وتضييق سبل العيش. لا شك انّ أيّاً من القرارات يحتاج الى غطاء سياسي، فهل مَن يجرؤ على اتخاذه مع علمه انّ رفع الدعم او المَس بالاحتياطي الالزامي سيؤدّي الى إفقار الناس، خصوصاً بعدما سُرقت منها ودائعها ومدّخراتها.
في هذه الاثناء، تعمل وزارة الاقتصاد على ترشيد الدعم من خلال خفض عدد السلع المدعومة بما يُساهم في إطالة مدة الدعم المُقدّم من المركزي. وفي السياق، كشف المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر عن خفض السلة المدعومة بنسبة تتراوح ما بين 55 الى 60 %، أي من 210 ملايين دولار الى أقل من 100 مليون دولار. وأوضح لـ»الجمهورية» انّ السلة المدعومة كانت عبارة عن 30 سلعة الى جانب 270 سلعة تُصنّف مواد أولية تدخل في التصنيع، وبترشيد هذه السلة نكون أخرجنا منها كل المواد الأولية التي لن يؤثر رفع الدعم عنها على سعرها، وكل السلع المصنّفة فَخمة او غير أساسية، مثل: الفاكهة المجفّفة، الادوية البيطرية، السردين… لكن هذا لا يعني انّ أسعار هذه المنتجات سترتفع في السوق فوراً، لأننا، وقبل رفع الدعم، تأكدنا من تَقارب حجم استيرادها مع السنوات السابقة، بما يعني انه يفترض بالكميات المدعومة ان تغذّي السوق لفترة، وألّا يكون بعض التجار قد خَزّنوا هذه المواد لبيعها بأسعار مضاعفة لاحقاً. ولمواجهة هذه المشكلة نحن على اطّلاع على الكميات المستوردة والمخزّنة لدى التجار، ولدينا تقديراتنا للمدة التي سيستغرقها قبل نفاد المخزون المدعوم.
وتابع: من خلال ترشيد الدعم، حاولنا ألّا نَمسّ بالأمن الغذائي. لذا، من الملاحظ انّ اللحوم والاسماك لا تزال مدعومة، الحليب، الزبدة، المعكرونة، الارز، السكر، العدس، الفول والحمص…
وأكد انّ اللائحة الجديدة للسلع المدعومة تدخل حَيّز التنفيذ اعتباراً من اليوم، وينتهي العمل بها مع إعلان المركزي وقف الدعم على السلع الاستهلاكية، لكن هذا لا يعني رفع الأسعار فوراً لأننا على علم بالكميات المخزّنة لدى التجار للأشهر المقبلة.
دعم المحروقات
من جهة أخرى، وبعدما تردّد مؤخراً انّ الاتفاق على رفع الدعم عن المحروقات بات قريباً، تؤكد مصادر في القطاع النفطي لـ«الجمهورية» انّ أحداً من المسؤولين لن يجرؤ على السير بقرار رفع الدعم او تحمّل تداعياته. ها قد مَرّت 4 أشهر على بدء الحديث عن رفع الدعم، وأي قرار من هذا القبيل لم يُتّخَذ بعد.
أضاف: كنّا موعودين بحكومة جديدة وتغيير جدي تبدأ معه النهضة في البلد، على ان يتم بالتوازي الرفع التدريجي للدعم. امّا اليوم، وفي ظل تعثر تأليف الحكومة، فإنّ أيّاً من الأطراف السياسية لن يتجرّأ على اتخاذ قرار رفع الدعم على عاتقه. وأكدت المصادر انّ اجتماعات عدة عُقدت لهذه الغاية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وصيَغ عدة طُرحت، لكن لا شيء نهائياً بعد.
وكشفت المصادر انّ هناك أفكاراً عدة جرى تداولها خلال هذه اللقاءات، منها من يرى انّ الحكومة أعلنت التعثّر عن دفع اليوروبوندز الّا انّ شيئاً لم يحصل في البلد، وهؤلاء يراهنون على دعم لبنان من المجتمع الدولي عند اشتداد الأزمة أكثر، البعض الآخر يطرح استكمال الدعم حتى آخر رمق حتى لو مَسّ الاحتياطي الالزامي، والبعض يقترح خفضاً تدريجياً لدعم البنزين والإبقاء على دعم المازوت، والبعض يقترح خفض الدعم بنسبة 35 %. الّا ان كل هذه الاقتراحات تبقى طروحات وأفكاراً يبقى تنفيذها رهن تأليف حكومة، لأنها هي من سيغطّي سياسياً أي قرار يُتّخذ.
وعمّا تردّد انّ رفع نسبة دعم الأدوية والمستلزمات الطبية سيقابله بدء الخفض التدريجي لبقية السلع المدعومة، قالت المصادر انّ كل هذه الأمور تبقى تحليلات، لأنه من الواضح انّ المركزي يعتمد سياسة التأخير في الدفع ونظرية الترشيد لكسب الوقت لا أكثر، فهو ماطَلَ بالموضوع الطبي من أيلول الى اليوم كَسباً لبعض الوقت، إذ انه كان يأمل في ان تتشكّل حكومة خلال هذه المدة لعله يقع على عاتقها اتخاذ قرار في ما خَص الدعم، لكنّ هذا لم يحصل. وأكدت المصادر انّ كل الطرق ستوصِل في نهاية الامر الى المَس بالاحتياطي الالزامي