إلغاء التدقيق… جنائي بإمتياز

21 نوفمبر 2020
إلغاء التدقيق… جنائي بإمتياز

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن” وسقط التدقيق الجنائي بضربة تحالف “أغلبية القوى السياسية – المركزي”، القاضية. كل الأطراف “داست” على مصلحة الوطن والمواطن لتخرج من نفق التدقيق رابحة. السياسيون سيتسابقون في الأيام القادمة على دعمهم وتأييدهم التدقيق الجنائي. وسيفاخر مصرف لبنان بحمايته السرية المصرفية. و”سيتنطّح” الوزراء والنواب بمهاجمة بعضهم البعض، سيتبادلون الاتهامات نهاراً بشكل علني وسيرفعون الكؤوس مساء لانتصارهم بجولة جديدة على الحقيقة. فيما لبنان خسر قدرته على تطبيق احد أهم الشروط لمساعدته مالياً.

على عكس ما كان متوقعاً أبلغت شركة “الفاريز آند مارسال” وزير المالية غازي وزني في كتاب رسمي ظهر أمس “إنهاء الإتفاقية الموقعة مع وزارة المال للتدقيق المحاسبي الجنائي”، وذلك “نظراً لعدم حصول الشركة على المعلومات والمستندات المطلوبة للمباشرة بتنفيذ مهمتها، ولعدم تيقنها من التوصل الى هكذا معلومات، حتى ولو أعطيت لها فترة ثلاثة اشهر إضافية لتسليم المستندات المطلوبة للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان”.

ما بين القبول والرفض

الحدث مثير للإستغراب والتساؤل. فهو يأتي عقب قبول شركة التدقيق تمديد فترة عملها 3 أشهر إضافية في مطلع هذا الشهر. وذلك بعد ان تم الإتفاق في قصر بعبدا على تأمين حقوق المتعاقدين في ضوء موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة. “فما الذي دفعها إلى فض الإتفاقية وما المعطيات المستجدة التي بدّلت موقفها لاتخاذ مثل هذا القرار؟”، يسأل المحامي والبروفسور في كليات الحقوق د.نصري دياب. “مع العلم ان أكثر من بادرة إيجابية لحلحلة عقدة السرية كانت قد ظهرت في الأيام الماضية. ومنها مبادرة تكتل “الجمهورية القوية” الذي بادر إلى طرح مشروع قانون بهذا الخصوص. لذا من المهم جداً معرفة ما حصل خلال الفترة الفاصلة بين قرار التمديد وإنهاء التعاقد”. وما لا يقل اهمية برأي دياب هو أن “الوصول إلى التعاقد مع “ألفاريز” في 31 آب تطلب أشهراً طويلة من استدراج العروض والاختيار والإتفاق على تفاصيل العقد. وبالتالي فان الدخول مرة جديدة بمثل هذه الآلية سيستغرق الكثير من الوقت وسيكون أصعب بكثير نظراً لما حدث مع ألفاريز”.

تمييع التدقيق

“مسرحية” السرية المصرفية التي تبادل فيها حاكم مصرف لبنان ووزارتي المالية والعدل ومجلس الوزراء وأغلبية مجلس النواب، باستثناء كتلة “الجمهورية القوية”، دور البطولة في تمييع التدقيق الجنائي وضمان عدم وصوله إلى أي نتيجة، إنتهت إلى غير رجعة. “وهو ما ثبّت مخاوفنا وشكوكنا بأن موضوع التدقيق سياسي بحت”، يقول رئيس مجموعة FFA PRIVATE BANK جان رياشي. “فيما الشركة المدققة عملها موضوعي وعلمي ولن تحرق اسمها وسمعتها في بازار ألاعيب السياسيين و”استقتالهم” في الدفاع عن مصالحهم على حساب بقاء لبنان وسكانه”.

إنسحاب “ألفاريز” أخيراً كان قد سبقه “إنسحاب شركة تدقيق أخرى في فترة إستدراج العروض وذلك بعدما تيقّنت ان الموضوع مفخخ”، بحسب رياشي. هذا الواقع يوفر معلومات أكثر من وافية لكل شركات التدقيق عن محرقة العمل في لبنان ويثنيها عن الإقدام في حال أعيد فتح الملف في المستقبل. خصوصاً مع تسجيل البلد “رقماً قياسياً في الخلافات الداخلية بين الحكومة من جهة ولوبي البنك المركزي والمصارف ومن خلفهم من سياسيين ورجال أعمال الذين يعترضون على أي إصلاح، إنطلاقاً من المحافظة على منافعهم وعدم كشف أوراقهم”، يقول المدير التنفيذي السابق في بنوك وصناديق مالية عالمية صائب الزين. شطارة السياسيين تجلت بأوضح صورها عندما حوروا هدف التدقيق الجنائي من تدقيق على مصرف لبنان بحد ذاته إلى تدقيق على حسابات الدولة، وما يتطلبه برأيهم من قيام الوزراء برفع السرية عن حسابات وزاراتهم في مصرف لبنان مع العلم أنه “لا سرية على حسابات الدولة” للمرة الألف، بحسب رياشي. وما التمييع سوى دليل على ان “السياسيين مرتكبين لمخالفات وليس من مصلحتهم كشفها ومحاسبتهم عليها”. لأنهم يكونون كمن يعلّق مشنقته بيده.

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا