بعد شباط ليس كما قبله بنوك لبنانية ستختفي من السوق..ماذا سيحّل بأموال مودعيها؟

6 ديسمبر 2020
بعد شباط ليس كما قبله بنوك لبنانية ستختفي من السوق..ماذا سيحّل بأموال مودعيها؟

في إطلالته الأخيرة عبر قناة “الحدث”، تحدّث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن إعادة هيكلة القطاع المصرفي، من خلال طلبه من المصارف زيادة رأس المال بنسبة 20%، كاشفًا عن توجّه مصرف لبنان لوضع اليد على المصارف التي تفشل في الإمتثال لمتطلّبات إعادة الرسملة. قبل ذلك كان الحاكم قد أصدر تعميمًا في الإطار نفسه حمل الرقم 567، مفاده أنّ البنوك اللبنانية غير القادرة على زيادة رأس المال بنسبة 20 % بنهاية شباط 2021 سيتعين عليها الخروج من السوق.

 

نحن فئة المؤمنين ببقعة ضوء صغيرة، لا بدّ وأن تلمع في نهاية النفق، ولكنّنا أيضّا فئة فاقدي الثقة بالمصارف والمركزي والدولة في آن، نسأل: ماذا يعني كلام الحاكم فعليًّا؟ هل يندرج في سياق لعبة شراء الوقت؟ وإذا أحسنا النيّة، هل ستمتثل المصارف لطلب سلامة؟ وهل سيتمكّن بوضعه الراهن من إلزامها بذلك؟ ماذا عن المصارف التي تفشل بإعادة الرسملة، هل ستختفي من السوق؟ وفي هذه الحال ماذا سيحّل بودائع عملائها؟

 

إذا نظرنا إلى الأمس القريب نجد أنّ طلب المركزي ليس جديدًا، والمصارف انخرطت في عملية المماطلة منذ أكثر من سنة، فالمركزي كان قد منحها مهلة ثانية لزيادة رأسمالها انقضت في حزيران الماضي، قبل أن يمدّدها لنهاية شباط المقبل. تفاوتت نسبة الإلتزام بين المصارف، كما أنّ بعضها لجأ إلى الإلتفاف على جوهر الرسملة، بأن عمد إلى إعادة زيادة رأس المال من أموال داخلية وليست خارجية، بما يفرّغ التعميم من مضمونه وهدفه.

 

معظم الخبراء في الشأنين المالي والإقتصادي يرون أنّه لا بد من إعادة هيكلة ورسملة القطاع المصرفي، خصوصًا بظلّ تضخّم حجم المصارف في لبنان بنسبة أربعة أضعاف قياسًا بحجم الاقتصاد. من أصحاب هذا الرأي دكتور روك-انطوان مهنا خبير في الشؤون الإقتصادية ومستشار سابق في البنك الدولي، رأى في إعادة الرسملة إجراءً إيجابيًّا وضروريًّا وفي غاية الأهمية، موضحًا في حديث لـ “لبنان 24” أنّ الحاكم في طلبه إعادة الرسملة العام الماضي كان يجب أن يكون أكثر دقّة، وأن يحدّد ماهية هذه الزيارة بأموال fresh من خارج لبنان. يشير مهنا إلى أنّ بعض المصارف زادت رأسمالها بنسبة 5%، بعضها بنسبة 10% وبعضها الآخر وصل إلى 20%، وفي تعميمه الأخير عاد وأوضح المركزي أنّ الزيادة يجب أن تكون بأموال من خارج لبنان.

 

عن آلية توفير الأموال يوضح مهنا أنّه يمكن إجراؤها عبر طرق عدّة، إمّا من خلال ضخّ المساهمين من أموالهم الخاصة في الخارج، أو عبر إدخال مستثمرين جدد بقصد زيادة الرسملة، أو من خلال بيع الأصول أو الإستثمارات أو بيع أصحاب المصارف الفروع التي لديها في الخارج، فعلى سبيل المثال يتفاوض بلوم بنك لبيع فروعه في مصر، وسابقًا كان بنك عودة يعمل على بيع فروع في الخارج. تنتهي المهلة التي حدّدها الحاكم آخر شباط

 

المقبل، وإذا حققّ مصرف ما زيادة في الرسملة بنسب أقل من 20% “يستحوذ مصرف لبنان على الأسهم المتبقية لتصل إلى القيمة المطلوبة، وذلك بشكل مؤقّت، ولحين أن يتمكّن من إتمام عملية البيع، كما حصل مع مصرفBLC بحيث استحوذ مصرف لبنان على البنك لفترة مثتة، ومن ثمّ أعاد بيعه لفرنسبنك“.

 

بموجب هذه العملية ستختفي مصارف من السوق، وتلك التي ستفشل بتكوين المؤونات تعطي أسهمها إلى البنك المركزي، ولكن ماذا بشأن الأموال المودعة في هذه المصارف؟

 

هذه العملية من شأنها أن تساهم بدمج المصارف، يوضح مهنا، مؤكّدا أنّ المودعين لن يتأثروا مباشرة بها، كون الملكية أو جزء منها تنتقل، ليحمل مصرف لبنان أسهمها لفترة مؤقتة “وهذا إجراء ضروري ومفيد لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، ومن شأنه أن يضخّ سيولة في الداخل، شرط أن تتمّ إعادة الرسملة بشكلٍ نقدي، ومن أموال المصارف في الخارج، وليس عبر تمييع العملية بأموال من الداخل، فعندها لا نكون قدّ حققنا شيئًا“.

 

في أيّ حال المصارف شريك أساسي في الأزمة المالية، وإن حاولت التهرب من المسؤولية بتسويقها الدائم أنّ أزمتها بفعل تخلّف الدولة عن سداد ديونها، صحيح أنّ في الأمر شيئًا من الواقعية، ولكن ذلك لا يلغي قرارات وممارسات كانت المصارف شريكة بها، ومسؤولية الإنهيار المالي الحاصل موزّعة بين المصارف ومصرف لبنان والحكومة وفساد أبرز أركانها وسياساتها الإقتصادية والسياسية الخارجية المعادية لأشقاء لبنان، كلها عوامل ساهمت بالكارثة، انطلاقًا من هنا المسؤولية بإنتاج الحلول تقع على عاتق الجميع.