الغاز الإسرائيلي.. هل يضع حكومة الأردن وبرلمانه في مواجهة؟

7 ديسمبر 2020
الغاز الإسرائيلي.. هل يضع حكومة الأردن وبرلمانه في مواجهة؟

مع انعقاد مجلس النواب الأردني الجديد (الغرفة الأولى)، الخميس، تلوح في الأفق مواجهة محتملة، بحسب مراقبين، بين المجلس والحكومة، بطلها اتفاقية الغاز الموقعة بين المملكة وإسرائيل عام 2016.

تلك الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، والتي لم يحسم الجدل بشأنها نظرا لانتهاء دور انعقاد مجلس النواب السابق، وانتخاب مجلس جديد الشهر الماضي.

 

وتنص الاتفاقية، التي ووجهت برفض شعبي لها منذ تم توقيعها عام 2016، على تزويد إسرائيل للأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاما، اعتباراً من كانون الثاني 2020.

والأردن، بلد مستورد شبه خالص لمصادر الطاقة المتجددة كالنفط الخام والغاز الطبيعي، وتفوق فاتورة وارداته السنوية منها 3 مليارات دولار، بحسب بيانات إحصائية رسمية.
في آذار 2019، اتخذ مجلس النواب قرارا بالإجماع برفض اتفاقية الغاز؛ إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت قرارا حينها، بأن الاتفاقية “لا تتطلب موافقة مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)”؛ لأنها موقعة بين شركتين لا حكومتين.
وجرى توقيع الاتفاقية بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية (حكومية) مع شركة “نوبل إنرجي” (Noble Energy) (المشغلة لحقل ليفاثيان للغاز الطبيعي قبالة سواحل إسرائيل).
غير أنه في كانون الأول 2019، وقع 58 نائباً من أصل 130 مذكرة تم التصويت عليها في مجلس النواب بالإجماع في كانون الثاني 2020، تلزم الحكومة بتقديم مشروع قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل.
لكن الحكومة لم تقدم هذا المشروع حتى اللحظة، وهو ما جعل مراقبين يتوقعون إثارة الموضوع مرة أخرى مع الانعقاد الجديد للمجلس.
وفي حال قدمت الحكومة مشروع القانون، سيتم مناقشته والاتفاق على صيغته وبنوده داخل البرلمان بشقيه، ثم التصويت عليه بالأغلبية، ليحال بعدها إلى ملك البلاد؛ للمصادقة عليه قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية ليصبح بذلك قانونا نافذا.‎‎
وحسب ما أعلنه الطرف الأردني، فإن الاتفاقية ستوفر نحو 300 مليون دولار من خلال شرائها الغاز الإسرائيلي؛ قياسا بشرائه من الأسواق العالمية.
رأي غير ملزم
صالح العرموطي، عضو مجلس النواب، ورئيس كتلة الإصلاح التي يقودها الإسلاميون، اعتبر أن قرار المحكمة الدستورية بأن الاتفاقية لا تتطلب موافقة مجلس الأمة “غير ملزم”.
في حديثه للأناضول، أضاف العرموطي “من واجب الحكومة عرض مشروع القانون، الذي يمنع استيراد الغاز من فلسطين المحتلة على المجلس؛ لمناقشته وإقراره، كما ينص عليه الدستور”.
واستطرد البرلماني، وهو كذلك نقيب المحامين الأسبق “لا مجال لتهميش دورنا التشريعي، الذي هو أساس عمل مجلسنا، وعلى الحكومة الالتزام بدورها المنصوص عليه دستوريا، وحفظ الأدوار دون تعدي أي سلطة على عمل الأخرى”.
لا مبررات
بدوره، أكد خبير الطاقة مبارك الطهراوي في حديثه للأناضول أنه من البداية ليس هناك أي مبررات لتوقيع هذه الاتفاقية مع إسرائيل، خاصة مع وجود الكثير من البدائل، كما أن الأردن يملك بدائل عن إسرائيل لاستيراد الغاز، ممثلة بالغاز المصري، الذي بدأ ضخه التجريبي منذ الربع الأخير 2018 للمملكة، إضافة إلى الغاز العراقي والجزائري.
وبين الطهراوي أن “الظرف الإقليمي بشكل خاص والعالم بشكل عام غير مستقر، وأي اتفاقيات طويلة الأمد في مثل هذه الظروف فيها مخاطرة عالية، وبالتالي لن نضمن التزام إسرائيل بتغيرات أسعار الغاز عالميا وتعديلها إذا ما تراجعت”.
وأضاف “هذه الاتفاقية لا تتماشى مع الهدف الرئيس لمعظم الإستراتيجيات الوطنية للطاقة، والتي تسعى لتحقيق أمن التزود بالطاقة، لا سيما أن مشروع العطارات (قيد التجهيز جنوب البلاد) اقترب من إنتاج 480 ميغاوات/ساعة من الكهرباء بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي الأردني”.
وتساءل الطهراوي “إذا ما ارتفع سعر الغاز عما هو مدرج في الاتفاقية، وامتنعت إسرائيل عن تزويد الأردن بالسعر نفسه، هل نستطيع أن نلزمها باستمرار الضخ؟”.
واستبعد الطهراوي حدوث أي مواجهة بين الحكومة والبرلمان بشأن الاتفاقية، لا سيما وأنها دخلت حيز التنفيذ وبدء الضخ التجريبي مطلع العام الجاري، حسب تعبيره.
وختم بالقول إن المجلس السابق لم يتمكن من فعل شيء إزاء الاتفاقية، و”هذا أيضا ما أتوقعه من المجلس الجديد، خاصة أن التنصل من الاتفاقية سيؤدي إلى خسائر كبيرة للمملكة”.
اتفاقية باطلة
الخبير في القانون الدولي أنيس قاسم أوضح للأناضول أن هذه الاتفاقية باعتبارها مكفولة من الحكومة الأردنية، وشركة الكهرباء الوطنية مفلسة واقعيا، وليس قانونيا؛ بسبب أن الالتزامات المترتبة عليها تفوق أصولها المتاحة.
وأضاف أنه يجب أن تعرض الاتفاقية على مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)؛ لأنها في النهاية سترتب التزامات على الحكومة الأردنية، والتي بدورها ستمررها للمواطنين، في إشارة لتحويل تلك الالتزامات إلى ضرائب يتحملها المواطنون.
واعتبر قاسم أن رد المحكمة بشأن دستورية عرض الاتفاقية على المجلس “صحيح قانونا لسؤال خاطئ”، وبين أن السؤال “الخاطئ” كان “هل الاتفاق بين شركتين خاصتين يحتاج إلى عرض الموضوع على مجلس الأمة؟ وكان الجواب لا”.
وأضاف “لو كان السؤال أن الشركة (الكهرباء الوطنية) في حالة إفلاس واقعي، هل مناط ذلك أن يعرض الاتفاق على مجلس الأمة أم لا؟، فلو كان هذا السؤال لكانت إجابة المحكمة الدستورية مختلفة في الغالب”.
وانطلاقاً من ذلك، خلص الخبير قاسم إلى أن اتفاقية الغاز مع إسرائيل باطلة، ومطلب إلغائها مشروع لمجلس النواب؛ لأنه يدرك خطورة ارتهان الأردن للضغط الإسرائيلي في أي معاملات مستقبلية.