في ملف التدقيق الجنائي، عدنا الى المربّع الأول. وبانتظار الإجابة الرسمية لشركة Alvarez and Marsal لا بدّ من إيراد الملاحظات التالية:
اولاً- الإيجابية الوحيدة في عودة المُراسلة مع الشركة المنسحبة، انّها لم ترفض فوراً المقترح اللبناني الرسمي للعودة الى مهمة التدقيق الجنائي، استناداً الى المتغيّرات التي طرأت في القرار الذي اتخذه مجلس النواب، لكن ذلك لا يكفي للاعتقاد انّ الشركة التي تخلّت عن اتعابها لتهرب من المستنقع اللبناني ستوافق، بمجرد الاطلاع على قرار مجلس النواب واعتباره عنصراً مستجداً في القضية، على العودة الى المستنقع.
ثانياً – اذا سلّمنا جدلاً بأنّ الجواب الرسمي للشركة، والذي يتوقّع المسؤولون وصوله في الـ48 ساعة المقبلة، سيكون ايجابياً، بمعنى الموافقة على مبدأ العودة، إلّا أنّ ذلك ليس نهاية المطاف، بل بداية الطريق، لأنّ «ألفاريز» ستطلب توقيع عقدٍ جديد وبشروط جديدة. وهذه المرة ستكون الشروط قاسية، ومن المستبعد ان تتمكّن الحكومة من السير بها.
ثالثاً – بصرف النظر عن عودة «الفاريز» أو التوجّه نحو شركة عالمية أخرى لمنحها عقد التدقيق الجنائي، من حق الناس ان يسألوا، لماذا علينا ان نجري تدقيقاً جنائياً. هل نبحث فعلاً عن متهمين في جرائم هدر المال والفساد؟ ألا يشكّل ما يجري في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، وردود الفعل على ما بلغه المحقق العدلي في الجريمة، وما هو متوقّع في الأيام المقبلة، مؤشراً يُقنع من لم يقتنع بعد، بأنّ كل ادعاءات المحاسبة هي مجرد حفلات زجل ودجل سياسي، ولن تصل الى نتيجة؟
رابعاً – في زمن الغرق، الأولوية دائماً لإنقاذ الركاب والسفينة، وكل ما عدا ذلك يأتي لاحقاً. وهنا لا بدّ من توضيح حقيقة ينبغي أن يعرفها الجميع: ليس صحيحاً انّ التدقيق الجنائي ممر إلزامي للحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي، بل أنّ المطلوب هنا تدقيق مالي يوضح حقيقة الأرقام والوضع في مصرف لبنان، لكي يتمكّن صندوق النقد من إقرار خطة انقاذ تتماهى وهذا الواقع.
في هذا السياق، تشير المعلومات المتوفرة الى أنّ شركتي Oliver Wyman وKPMG أحرزتا حتى الآن تقدّماً ملموساً في التدقيق المالي في أوضاع مصرف لبنان. وقد تبلّغت وزارة المال ارتياح الشركتين لتعاون المركزي مع متطلباتهما. وبالتالي، فإنّ التقرير النهائي الذي سيحدّد حقيقة الوضع المالي في مصرف لبنان لن يتأخّر في الصدور قريباً. هذا التقرير سيشكّل مستنداً كافياً لصندوق النقد أو لأية جهة دولية أخرى، لكي تتعاطى مع أي خطة انقاذ بناء على أرقامه. وهذا هو الأهم اليوم بالنسبة الى البلد. بعد ذلك، ليتسلّى أرباب المنظومة السياسية بالتدقيقات الجنائية التي باتت ستشمل كل المؤسسات والادارات العامة، بقدر ما يرغبون.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.