اقتصاد لبنان 2020 الأسوأ.. ولا خلاص في 2021

18 ديسمبر 2020
اقتصاد لبنان 2020 الأسوأ.. ولا خلاص في 2021

ليس بجديد القول إن العام 2020 هو الأسوأ على لبنان منذ المجاعة الكبرى في أوائل القرن الماضي، حتى أن التدهور الإقتصادي خلال الحرب الأهلية لم يكن بمستوى التدهور الذي حصل خلال العام الحالي مع انفجار كل الأزمات السياسية، الإجتماعية، الإقتصادية، المالية والنقدية في وقت واحد. 


وفق عدد من المراقبين من المتوقع أن تلوح مخاطر السيناريو الأسوأ في الأفق بشكل كبير في العام 2021 في ظل استحالة خروج لبنان من الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية، من دون دعم خارجي، فمعهد التمويل الدولي، توقع أن تصل نسبة الانكماش في لبنان إلى 7.4% في 2021، ومعدلات التضخم إلى 25.2% كما توقع أن يتآكل احتياطي البلاد من العملات الأجنبية ليبلغ 11.3 مليار دولار في 2021، و4.5 مليار دولار في 2022. 

فهل فعلًا خرج الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي عن السيطرة وما هي التداعيات التي سوف تطغى في العام المقبل؟ 

وفق الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، خرج الوضع عن السيطرة الداخلية منذ قرار الحكومة وقف دفع سندات اليوروبوندز من دون القيام بأية مفاوضات مع حاملي السندات مرورا بامتناع المصارف عن إعطاء المودعين أموالهم وعطفا على انفجار المرفأ وجائحة كورونا، الامر الذي أدّى إلى تطوّر الأمور بشكل عشوائي مع تخبّط سياسي يمنع أي قرار اقتصادي صائب للخروج من الأزمة. 

وعليه، فإن التداعيات السلبية في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه ستكون كارثية خصوصًا على الصعيد الإجتماعي، يقول عجاقة لـ”لبنان24″، فنسبة الفقر سترتفع بشكل كبير إذا لم يتمّ اتخاذ إجراءات تطال تأمين شبكة أمان إجتماعي للفقراء وأسفل الطبقة الوسطى، خصوصا أن هذه الأخيرة مُرشّحة للسقوط في الفقر بعد عدة أشهر. أضف إلى ذلك المخاطر القانونية التي قدّ تظهر جراء بدء رفع دعاوى من قبل حاملي السندات والتي قد تؤدّي إلى تجميد أصول لبنانية في الخارج. وبالطبع لا يمكن نسيان ما يخسره لبنان على صعيد التموضع الاستراتيجي الاقليمي لصالح إسرائيل”. 

ولذلك، فإن الحكومة العتيدة إذا ما تمّ تشكيلها ستكون أمام تحدّيات كبيرة في العام 2021 خصوصًا من ناحية التفاوض مع الدائنين من أجل استحقاقات سندات اليوروبوندز وتحدّيات إعادة ودائع المواطنين خصوصا بالعملة الصعبة، وتوفير الدولار الطالبي. وعلى هذا الصعيد يقول عجاقة “تبلغ قيمة سندات اليوروبوندز المحمولة من قبل الخارج ما بين 11 و12 مليار دولار أميركي. وبالتالي من السهل التفاوض مع الدائنيين على إعادة جدّولة الدفع خصوصًا إذا ما كان هذا التفاوض يتمّ تحت رعاية صندوق النقد الدولي الذي يُشكّل مظلّة قانونية للدولة اللبنانية وهو ما يسمحّ بإعادة لبنان إلى المنظومة المالية العالمية. أما في ما يخصّ حاملي السندات داخليًا وأموال المودعين، فإن الأمر يتطلّب وضوحًا وإلتزامًا كاملاً من قبل الحكومة على الإصلاحات والخطّة الإقتصادية مما يسمح بسدّ هذه السندات وإعادة أموال المودعين بالعملات الأجنبية وبالليرة اللبنانية. أما الدولار الطالبي، فهو حق وتأمينه واجب على الدولة، وهذا الأمر يُمكن معالجته من خلال خطوات عدّة على رأسها إجراءات تطال القطاع التربوي اللبناني والماكينة الإقتصادية اللبنانية. 

اذاً الإلتزام الحكومي يتطلّب خططًا ومقاربات رسمية حقيقية وجذرية، لكن من شبه المُستحيل الخروج من الأزمة الحالية من دون توافق سياسي. فالوضع ما زال قابلا للحل إذا ما تمّ تشكيل حكومة قادرة على إدارة الشأن العام خصوصًا وأن ما يجب على الحكومة القيام به يتصل برزمة اصلاحات يطالب بها المجتمع الدولي. 

لكن ماذا عن المرافق العامّة؟ وهل الحل ببيعها لشركات خاصة لإعادة إعمارها وتشغيلها وتطويرها وتحسين خدمتها ؟ بالنسبة الى عجاقة، الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص من خلال إستخدام أموال وخبرات القطاع الخاص على المنصة العامة، سوف تسمح  للقطاع الخاص بتطوير المرافق العامة مقابل الإستفادة من عائدات التشغيل على أن تعود الملكية للدوّلة بالكامل بعد إنتهاء مدّة العقد. 

الاكيد، ان المُشكّلة الإقتصادية والمالية والنقدية ترتبط بشكل مباشر بطبيعة النظام السياسي المعقد، ما يعني ان الحلول المرجوة  ليست على الابواب ولن تكون الا حلولا ترقيعية  في ظل تعمد الطبقة السياسية اعتماد الاستنسابية في الاصلاحات ونقص النقد الأجنبي والتضخم المفرط والفقر المتزايد، وهذا يعني ان لا خلاص للبنان في العام 2021..