منذ تموز الماضي، وافق مجلس الوزراء على الاستعانة بشركة Alvarez & Marsal للقيام بمهمة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، وانطلقت بعدها عملية المدّ والجزر، تارة في ما يتعلّق بالعقد الموقّع مع الشركة وطوراً في ما يتعلّق بقانون السرية المصرفية والتذرّع به، لعدم تسليم المعلومات والبيانات المطلوبة من قِبل الشركة للقيام بواجبها، الى أن فُتحت السجالات عمّا اذا كان القانون يعيق فعلاً التدقيق الجنائي أم انّه ذريعة للتهرّب، الى ان «هَشَلَت» Alvarez & Marsal وانهت في تشرين الثاني الاتفاقية الموقّعة مع وزارة المال للتدقيق المحاسبي الجنائي، لعدم حصولها على المعلومات والمستندات المطلوبة للمباشرة بتنفيذ مهمتها، وعدم تيقنها من التوصل إلى هكذا معلومات، حتى ولو أُعطيت لها فترة ثلاثة اشهر إضافية لتسليم المستندات المطلوبة للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان.
وبعد هدر فترة 6 أشهر من الوقت في السجالات والمزايدات السياسية، أقرّ مجلس النواب أمس، ما كان يجب عليه اقراره قبل توقيع أي عقد للتدقيق الجنائي في مصرف لبنان، اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي الى تعليق العمل بالسرية المصرفية لمدة سنة، عبر دمج 4 اقتراحات مقدّمة من كتلتي «التنمية والتحرير» و«الجمهورية القوية» و«اللقاء التشاروي» والنائب فؤاد مخزومي.
واعتبر النائب ابراهيم كنعان، انّ «المجلس النيابي اثبت جدّيته بالتدقيق الجنائي، وترجم طلب رئيس الجمهورية قانوناً. وجرى السير برفع السرية المصرفية لسنة، ليشمل التدقيق الجنائي مصرف لبنان والوزارات والادارات العامة».
كما ذكر النائب علي حسن خليل، انّ «المجلس النيابي حسم بصيغة مطورة لتوضيح غير قابل للاجتهاد، في ما يتعلق برفع السرية المصرفية عن كل الحسابات المرتبطة بملف التدقيق الجنائي، ولا يمكن لأحد ان يتذرّع بكل ما يتصل بالتحقيق الجنائي الذي تحدّده الحكومة او المصرف المركزي، ولا يوجد أمر يحول دون هذا الامر، دون المس بطبيعة نظامنا وتركيبته وتركه اثاراً سلبية على المدى البعيد، والدولة اليوم تتحمّل مسؤولياتها في التدقيق لإنجازه، وهذا اليوم صفحة مهمة في تاريخ وعمل المجلس النيابي».
في هذا الإطار، اوضح النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»، انّ تعليق قانون السرية المصرفية يشمل كافة حسابات مصرف لبنان والوزارات والصناديق والادارات، لافتاً الى انّه تمّ تعديل الاقتراح ليشمل القرارات السابقة للحكومة «كونه لم يتمّ تأليف حكومة جديدة لاتخاذ القرارات، مما سيسمح بأن تكون القرارات السابقة نافذة أيضاً». وأكّد انّ مجرد تعليق قانون السرية المصرفية يعني امكانية الاطلاع على حسابات مصرف لبنان وعقوده مع المصارف وحساباتها، في المقابل، فإنّ حسابات الدولة وعقودها لا تحتاج الى رفع السرية المصرفية.
ورأى انّ اي شركة تدقيق جديدة لن تقبل بالمهمّة في حال وجود عوائق امامها على غرار ما حصل مع «ألفاريز أند مارسال»، وهذا القانون سيزيل كافة العوائق ويمنع التذرعّ بالسرية المصرفية». وشدّد على انّه في حال وجود القرار السياسي للسير بالتدقيق الجنائي، فإنّ التعاقد مع شركة تدقيق لن يكون العائق، «وفي حال رفضت الشركات العالمية، يمكن الاستعانة بشركة محلية. إلّا انّ العبرة تبقى في التطبيق».
وختم: «قد يتلكأ البعض ويزايد، إلّا انّ القرار السياسي آتٍ لا محال في نهاية المطاف». ودعا جابر الى التدقيق الجنائي أيضاً في ديوان المحاسبة، للتحقيق في كافة العقود المبرمة في الاتصالات والطاقة وغيرها، وليس التركيز فقط على مصرف لبنان”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.