الدولار عَصِيّ على الخفض والليرة تحتضر.. هل من توقعات لفترة ما بين الأعياد؟

30 ديسمبر 2020
الدولار عَصِيّ على الخفض والليرة تحتضر.. هل من توقعات لفترة ما بين الأعياد؟

كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”: حافظَ سعر صرف الليرة مقابل الدولار على استقراره خلال فترة الأعياد، وتراوَح بين 8000 و8300 ليرة رغم دخول بعض العملات الأجنبية، ومصدرها المغتربين الذين قدموا الى لبنان، أو من حاجة بعض الأسَر لتصريف الدولار للاستهلاك الاضافي خلال موسم الأعياد. فما أسباب هذا الاستقرار؟ وهل من توقعات لفترة ما بين الأعياد؟
تَبرَع السلطة في سياسة شراء الوقت، وبعدما كان من المتوقّع أن يُشارف مخزون الاحتياطي الالزامي على الانتهاء نهاية كانون الثاني، وفق ما سبق وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، برزت علامات استفهام عدة حول ما طَرأ ليعود ويعدّل في رأيه ويكشف انّ الاحتياطي الالزامي المُتبقّي هو 2 مليار دولار، بما يعني أنه لا يزال الوقت سانحاً لمزيد من الصَرف بهدف تغذية الدعم. وقد تلقّف رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب هذا الرقم، ليعلن انه مع اعتماد الترشيد سيكفي هذا المبلغ 6 أشهر.

فهل شراء الوقت في هذه المرحلة أبعدَ شَبح تَوجّه الليرة الى مزيد من التدهور، حيث كان من المرجّح ان يسجّل الدولار مستويات قياسية مقابل الليرة ما ان يتم رفع الدعم ويتوقف المركزي عن تأمين الدولار للاستيراد؟

في السياق، يقول أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة Johns Hopkins الاستشاري مايك عازار انّ هناك أسباباً عدة تحول دون تراجع سعر الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء، منها انّ السوق اللبنانية صغيرة ومن السهل التلاعب بها وقد لا تعكس السعر الحقيقي لليرة، أضف الى ذلك انه في حال أدخَلَ المغتربون، خلال وجودهم في لبنان في فترة الأعياد، عملات صعبة فإنّ حجمها أقلّ من حجم الطلب على الدولار في لبنان، خصوصاً انّ لبعض المغتربين حسابات عالِقة في المصارف اللبنانية وربما ارتأوا استعمالها بَدل إدخال دولارات جديدة.

ورأى عازار انّ إدخال دولارات جديدة الى لبنان خلال هذه الفترة ربما ساهَم في خفض سعر الدولار مقابل الليرة، ما حال دون مزيد من التدهور في سعر الصرف. ولفت الى انّ الحركة السياحية هذا العام أتَت أقل بكثير مقارنة مع العام الماضي بسبب كورونا.

وعمّا اذا كان استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار قرب الـ 8000 يعكس سعرها الحقيقي، يقول: «طالما هناك قيود (كابيتال كونترول) على السحب بالليرة وبالدولار فهذا يعني انّ هذا ليس سِعر الليرة الحقيقي. يُضاف الى ذلك التدابير المتخذة لتهدئة السعر بحيث انّ المصرف المركزي لا يزال يُلبّي أكثرية الطلب على الدولار، لكن في حال تمّ رفع القيود ووقف الدعم فإنّ سعر الليرة سيكون أقلّ بكثير». وشرحَ انه «لمعرفة السعر الحقيقي لليرة يجب السماح للمودعين بسحب ودائعهم بالليرة من دون قيود، ووَقف الدولار المدعوم، والسماح لِمَن يريد شراء الدولار أن يشتريه من السوق، وعندها فلنراقب كم سيبلغ سعر الليرة».

وتابع: «اليوم، ومع كل التدابير المتخذة، نلاحظ انّ بعض المتاجر ترفض ان تتقاضى ثمن البضائع بالليرة اللبنانية»، لافتاً الى «انّ هذه الخطوة ستزيد في المرحلة المقبلة، وسنلاحظ رفضاً للتعامل بالليرة اللبنانية كعملة تجارية لأنها ستصبح من دون قيمة اذا بقيَ لبنان في هذا المسار الانحداري».

وبالانتقال الى الحديث عن تصريح حاكم مصرف لبنان الأخير من انّ الاحتياطي القابِل للاستعمال يبلغ ملياري دولار، يقول عازار: «لا احد يعلم من اين أتت هذه الأموال، فمنذ نحو أسبوعين أعلن النائب الثاني لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين انّ المتبقّي هو 800 مليون دولار فقط».

أمّا عن فرضية تراجع حجم الاحتياطي الالزامي تَوازياً مع تراجع حجم الودائع في المصارف، فيوضح: «منذ مطلع العام حتى شهر تشرين الأول 2020 لم يسجّل تراجع كبير في حجم الودائع»، مستبعداً في الوقت عينه ان يكون هذا التراجع تحقّق في الفترة الممتدة بين تشرين الأول 2020 وكانون الأول الحالي، لافتاً الى انه حتى يرتفع حجم الأموال القابلة للاستعمال من نحو 800 مليون دولار الى ملياري دولار، أي بزيادة 1.2 مليار دولار، فيجب ان يُسجّل إخراج مبالغ كبيرة من الودائع من المصارف، وهذا الامر لم يحصل.

مجلس النقد
وعن جدوى إنشاء مجلس النقد كأحد الحلول المطروحة لتثبيت سعر الصرف والحد من التضخّم، اعتبر عازار انّ «التسويق لمجلس النقد هو إضاعة للوقت، ولا يَصلُح اعتماده في لبنان، إذ لا يمكن تطبيقه في بلد يعاني مجموعة أزمات، هي: الأزمة المصرفية والمالية والاقتصادية وإفلاس الدولة…». وشرحَ انّ مجلس النقد ليس الحل اليوم في لبنان لأنّ عمله يقوم على ضبط الأسعار في دولة تَصرف أكثر من مدخولها بينما نعاني في لبنان عدة أزمات مجتمعة: الأزمة المصرفية والودائع التي ما عادت موجودة وتحويلها الى ليرة… لذلك لن يحل مجلس النقد المشكلة، بل يجب أولاً حل الأزمة المصرفية، معرفة مصير الودائع، توزيع الخسائر وإعادة هيكلة المصارف ثم يأتي إنشاء مجلس النقد، لكنّ المفارقة انه عندها يكون الاقتصاد بدأ بالتعافي فستنتفي الحاجة اليه.

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.