مصائب قوم عند قوم فوائد. على هذه القاعدة وجد من يخزّن الاموال النقدية الوَسخة خارج القطاع المصرفي فرصة لتبييض أمواله عبر إدخالها الى القطاع المصرفي بطريقة شرعية ونظيفة. فقد ساهمت الأزمة النقدية التي يعانيها لبنان والضوابط المصرفية بالترويج لتجارة شراء الشيكات المصرفية ودفعها نقداً، فمن يملك مبالغ طائلة في المصرف غير قادر على سحبها ومتخوّف في الوقت عينه من فقدانها او من الـ«haircut»، وجدَ في مَن عرض عليه المال النقدي ولو بحسم نسبته 30 في المئة سبيلاً للوصول الى أمواله واطمئنانه الى عدم فقدان ثروته. امّا صاحب الاموال النقدية القذرة فهو لطالما كان يبحث عن طريقة يدخل فيها أمواله الى القطاع المصرفي، وكان يدفع عمولة لمن يساعده في التبييض تتراوح بين 30 و40 في المئة.
اليوم، انقلبت الآية، وبدلاً من ان يدفع صاحب الاموال القذرة لأحدهم لإدخال الاموال الى البنك بات هو يجني ارباحاً إضافية، ولَو دفترية، من عملية التبييض لأنه يأخذ شيكاً بقيمة أكبر ممّا يدفع بنسبة تصل الى 30 أو 35 في المئة. على سبيل المثال، يأخذ شيكاً مصرفياً قيمته مليون دولار ويدفع ثمنه نقداً 700 الف دولار، وفي حال طاولت الـ«haircut» أمواله بنسبة 50 في المئة فهو ليس خاسراً، لأنه في الوضع الطبيعي كان سيدفع حوالى 225 الف دولار لقاء تبييض مبلغ الـ700 الف دولار، أي كان سيتبقى له 475 الف دولار. وبالتالي، فإنّ الـ«haircut» بنسبة 50 في المئة على المليون دولار التي أخذها ستجعله يحصل على 500 الف دولار. أما اذا لم يحصل الـ«haircut» فسيخرج رابحاً بنسبة مذهلة، واذا حصل اقتطاع بسيط مثل 10 أو 20 في المئة، سيبقى رابحاً لمبالغ طائلة. أضِف الى انّ عملية التبييض اليوم تبدو أسهل وأقل مجازفة.
وبالتالي، يمكن القول انّ هذه التجارة هي إحدى نتائج او مساوئ الضوابط المصرفية الموضوعة، والتي أكثرت من التعامل بالكاش بما أدّى الى نشوء سوق رديف او قناة رديفة للتعاملات النقدية”.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.