مبادرات القطاع الخاص
“تشكل مبادرة شركة CME نموذجاً للقيادة بالمثال الذي نحن بأمس الحاجة اليه في لبنان”، يقول وزير الدولة السابق لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل افيوني. “فمبادرات القطاع الخاص ورجال الأعمال هي السبيل الوحيد لتخطي الزمن الصعب، في خضم هذه الأزمة الاقتصادية الرهيبة، والتخبط غير المسبوق في كل السلطات السياسية والتشريعية والنقدية والمالية”. إذا كانت المؤسسات المصدّرة بشكل عام تعتبر النموذج الأهم الذي يجب تشجيعه لكونها تُدخل النقد الصعب إلى البلد، فان شركات التكنولوجيا تمثل قيمة مضافة بشكل صرف، وبشكل خاص. فهي لا تحتاج إلى مبان عملاقة واستثمارات هائلة بل “تعتمد على الطاقات البشرية والفكرية التي يزخر بها لبنان”، يعتبر أفيوني. و”هي تساهم بادخال الدولار من خلال إنتاج وبيع التطبيقات والبرامج إلى الخارج. ومن الممكن ان تؤمن مثل هذه القطاعات خدمات للشركات الأجنبية إنطلاقاً من وجودها وعملها في لبنان”.
تصدير الخدمات
في الوقت الذي تعاني فيه القطاعات التصديرية من الكثير من العقبات التقنية واللوجستية والادارية، يفتح قطاع خدمات المعلومات نافذة على مستقبل أفضل. ففي حين تتطلب الصناعة التصديرية ما لا يقل عن 3 مليارات دولار سنوياً لشراء المواد الاولية وتنفيذ استثمارات في البنى التحتية والمعدات وحسم الاكلاف التهالكية.. قد لا يتطلب عمل الكثير من شركات المعلومات سوى خادم وأجهزة حاسوب محمولة ووصول إلى شبكة الانترنت. فكل شيء في هذا القطاع يمكن انجازه افتراضياً وعن بعد. ومن الممكن ان تكون لنا حصة تصديرية بكلفة محدودة وبمردود وعائد مرتفعين”، بحسب أفيوني. “ولطالما شددنا عندما كنا في وزارة الدولة لشؤون التكنولوجيا على أهمية دعم وتطوير هذه القطاعات، التي لا تتطلب إلا طاقات بشرية نتميز بها ونملك فيها قدرة تنافسية عالية”.
نقاط القوة الكثيرة التي تتمتع بها قطاعات صناعة المعلومات لم تجنبها بعض المشاكل. فقبل أعوام وتحديداً في العام 2014 أصدر مصرف لبنان التعميم رقم 331 الذي يسمح للمصارف والمؤسسات المالية، بالمساهمة ضمن حدود 3 في المئة من أموالها الخاصة، في دعم مشاريع التكنولوجيا الناشئة، وتعهد بدوره بالمساهمة بـ 400 مليون دولار، لزيادة مساهمة قطاع المعرفة في الناتج المحلي بنسبة 1 في المئة. إلا ان مساهمة هذا القطاع لغاية العام 2019 بقيت خجولة ولم تزد عن 3 في المئة. أما اليوم فان الامور أصبحت أصعب واعقد، وباستثناء عدد محدود نسبياً من الشركات، فان الاستثمار في هذا القطاع بقي محدوداً. وقد أضيف إلى العوائق البيروقراطية، التي تتعارض مع رشاقة القطاع المطلوبة، إنهيار القطاع المصرفي وتراجع التدفقات النقدية المباشرة وغياب أي شكل للدولة القادرة. وبحسب أفيوني فان “المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، إعطاء هذا النوع من الشركات الإعفاءات الضريبية وتشجيع المستثمرين والمساعدة الادارية في تسريع المعاملات واتمتتها، والقيام بورشة في كل إدارات الدولة والانتقال إلى الحكومة الالكترونية. فمن غير المنطقي أن يكون القطاع الخاص يعمل بأحدث التقنيات والدولة وضعها مذر”. وبرأيه ان حل مشاكل القطاع التي تعتبر سهلة بالمقارنة مع بقية المشاكل لا تتطلب، “إلا طاقات واعية وقادرة على العمل والانتاج. ولكن مع الاسف هذه الطاقات مختفية، فنحن لا نملك حتى حكومة”.