‘تصدير’ الدولارات: تجّار الأزمة يفتحون اعتمادات لاستيراد المواد بُغية تهريب العملة

11 يناير 2021
‘تصدير’ الدولارات: تجّار الأزمة يفتحون اعتمادات لاستيراد المواد بُغية تهريب العملة

كتبت ليا القزي في “الأخبار”: لكلّ انهيار أو حرب «تُجّارها» الذين يستفيدون من تدهور الأوضاع لتأمين خلاصهم. هؤلاء كُثر في لبنان، من بينهم يُمكن الحديث عن تُجّار وصناعيين يستغلون تصدير السلع وفتح اعتمادات لاستيراد المواد، بُغية «تهريب» الدولارات إلى الخارج. تصرفاتهم تزيد في استنزاف العملة الصعبة وارتفاع العجز في ميزان المدفوعات، وضرب الاقتصاد المحلّي. ولكنّ المُصدّرين يُبرّرون بأن «لا ثقة» بالقطاع المصرفي. 

آخر إبداعات أصحاب الثروات لتهريب الدولارات إلى الخارج، العمل في مجال التصدير من لبنان. الدائرة القانونية في مصرف لبنان تبحث اقتراحاً يتعلّق بفرض شروط على الأشخاص الذين يُصدّرون السلع للبيع في الأسواق الخارجية، لدفعهم إلى إعادة ضخّ الأموال «الفريش» في الاقتصاد المحلّي.

الحجّة تنطلق من أنّ صناعيين وتُجّاراً، يستفيدون من الدعم الذي يوفّره «المركزي» لاستيراد المواد الأولية وفتح الاعتمادات لإجراء عمليات الاستيراد والتصدير، ومن الدعم على الكهرباء، ودفعهم الضرائب على أساس سعر الصرف القديم (1515 ليرة) وبأنّ الأجور لم تشهد أي تعديل، لكنّهم في المقابل يُحوّلون أرباح المبيعات إلى حساباتهم المصرفية في البلدان الأجنبية، لتكون بذلك «الاستفادة» من «الدعم» أحادية الجانب.
الأمر يُشبه، إلى حدّ ما، عملية «تهريب الدولارات» إلى الخارج التي قام بها مُديرو المصارف وكبار المُساهمين وسياسيون ورجال أعمال وجمعيات، في الوقت الذي مُنع فيه على مودع «عادي» سحب الدولارات وفُرضت القيود على عملياته المصرفية بالليرة. لا توجد روادع قانونية تمنع الناس من «الفرار» بدولاراتها إلى الخارج، بعدما منع «اللوبي المصرفي» داخل مجلس النواب فرض القوانين اللازمة، لكن لا يجب أن يُشكّل ذلك «غطاءً» لمن يُريد أن يُنقذ نفسه فقط، مُتخلياً عن أي مسؤولية اجتماعية تُحتّمها حالة الانهيار التاريخية التي يشهدها لبنان، وخاصة أنّ النظام المُنهار وفّر في السابق المُناخ المُلائم لتجّار وصناعيين ومُحتكرين ونافذين للاستحواذ على رأس المال، فلا يُمكن لمن تذوّق لحم الأسد في السنوات الماضية، أن يبصق عليه حين لم يبقَ منه إلا العظام. قصّة «تخزين» الدولارات في الخارج، برزت في السابق حين بدأ التحريض للتوقّف عن دعم استيراد المواد الأساسية، فكانت «معلومة» أنّ تُجّاراً يطلبون فتح اعتمادات بما يفوق الكمية المُستوردة، ليتركوا نسبة من المبالغ في حسابات مصرفية أجنبية، إحدى الحُجج التي قُدّمت للتأكيد أنّ «الدعم» لا يذهب إلى مُستحقيه. اليوم، وأمام الحاجة الماسة إلى إعادة ضخّ العملة الصعبة، بطريقة استدامية لا تُشبه العادة السيئة التي تستسهل الاقتراض ورفع الفوائد لجذب ودائع «تطير» مع أول جرس إنذار، يتم التوجّه نحو أموال التصدير. ما يجري حالياً، أنّ الدولارات تُحوّل لاستيراد مواد أولية للتصنيع، وبعد أن تُفرز البضائع المُخصصة للسوق المحلية، يتم تصدير السلع الأخرى. تقول مصادر وزارة الاقتصاد إنّ «أكثرية المُصدّرين يودعون أرباح المبيع في حسابات مصرفية في دول أخرى، ويكتفون بتحويل قسم يسير منها إلى لبنان لسدّ حاجات وظيفتهم». تترك هذه العملية أثراً سيئاً على الاقتصاد، ولا سيّما في زيادة عجز ميزان المدفوعات (صافي الأموال التي دخلت إلى لبنان وخرجت منه). يقول أحد أساتذة الاقتصاد إنّ «هذه الأموال يجب أن تُضخ في الداخل، لتدور في الاقتصاد المحلّي، وتخلق قيمة مُضافة». ولكن الأنجح من إلزام المُصدّرين على إعادة الأموال هو «إمّا التوقّف عن دعم المواد الأولية للبضائع المُخصصة للتصدير، والتركيز على خلق سياسة نقدية تُشجّع مديونية القطاعات المُنتجة وتُعيد بناء القدرات الإنتاجية وتُخفّف الحاجة لاستيراد حتّى المواد الأولية»، أو الذهاب نحو «فرض ضرائب على التصدير بناءً على نسبة المواد المدعومة في السلع المُصنعة المُصدّرة».

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.