وأوضح الكاتب فكرته قائلاً: “لقد حصدت روسيا، أكبر مصدر للحبوب في العالم، ورغم الجفاف، 133 مليون طن من الحبوب هذا العام، بما في ذلك 85.7 مليون طن من القمح، وهو ما يزيد عن العام الماضي. وبحسب مركز التحليل “روس أغرو ترانس” Rusagrotrans، فقد بلغت الصادرات من تموز وحتى كانون الأول من العام الماضي رقماً قياسياً وقدره 30.2 مليون طن من الحبوب، بما في ذلك 25.4 مليون طن من القمح”.
وأضاف: “ومع ذلك، وبسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية، سوف تفرض الحكومة رسوماً إضافية على صادرات الحبوب اعتباراً من 15 شباط من العام الجاري. ولهذا السبب يتوقع مركز “سوفيكون” Sovekon التحليلي انخفاضاً في صادرات روسيا من القمح من 40.8 مليون طن إلى 36.6 مليون طن في الموسم 2020-2021، أي أن روسيا سوف تصدر في الفترة المتبقية حتى نهاية الموسم، في يوليو 2021، نصف ما صدرته في الفترة الأولى من الموسم. وعلى أي حال، فقد أدخلت الحكومة حصصاً، لا يمكن بموجبها، في الفترة من 15 فبراير وحتى 30 يونيو، أن تتجاوز الصادرات 15 مليون طن.
وبحسب مركز التحليل “روس أغرو ترانس”، فقد ارتفعت أسعار القمح الروسي، للأسبوع قبل الأخير من كانون الأول الماضي، إلى أعلى مستوياتها في 4 سنوات، عند 260 دولاراً للطن الواحد، ومن المتوقع أن ترتفع تلك الأسعار”.
وتابع: “في أوكرانيا، وبسبب الجفاف، انخفض محصول الحبوب لعام 2020 بمقدار 7 ملايين طن عن العام الماضي، وكذلك انخفضت صادرات الحبوب والفاصولياء منذ بداية الموسم 2020-2021 وحتى 1 كانون الثاني من العام الجاري بنحو 4.5 مليون طن. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الخبز بنسبة 20%، في الوقت الذي دعا فيه مربّو الماشية في البلاد الحكومة إلى تقييد صادرات الذرة لتأمين احتياجات السوق المحلية.
في الوقت نفسه، تأتي 95% من واردات مصر من القمح، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، من منطقة البحر الأسود، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا ورومانيا. وفي النصف الثاني من عام 2020، اشترت مصر 6.3 مليون طن من القمح من هذه المنطقة (بزيادة سنوية قدرها 26%) من إجمالي الصادرات وقدره 6.61 مليون طن (بزيادة قدرها 7%). وسوف يؤثر ارتفاع أسعار قمح البحر الأسود الرخيص بشدة على ميزانية مصر والأردن والمنطقة بأكملها، وقد يؤدي إما إلى عجز في الموازنة، إذا استمرت الحكومة في دعم مشتريات الحبوب، أو إلى زيادة في أسعار الخبز.
ويتوقع المركز التحليلي “سوفيكون” مزيداً من النمو العالمي لأسعار القمح، مع الأخذ في الاعتبار ضعف حصاد الذرة في أميركا الجنوبية، ونمو واردات الذرة من الصين، والحالة السيئة لمحاصيل القمح في روسيا والولايات المتحدة الأميركية. في روسيا، من المتوقع أن ينخفض الحصاد العام المقبل، حيث تبلغ حصة المحاصيل الشتوية ذات الحالة السيئة 22%.
على الجانب الآخر فقد ارتفع سعر الصرف في بورصة القمح الأميركي في الولايات المتحدة من 486.5 دولاراً في 28 حزيران 2020 بالنسبة للعقود القياسية، إلى 633.62 دولاراً حتى وقت كتابة المقال، الاثنين 11 كانون الثاني.
كذلك علّقت الأرجنتين بدورها إصدار تراخيص تصدير الذرة حتى الأول من مارس لتوفير الأعلاف للمواشي في البلاد.
وارتفع سعر الصرف في بورصة الذرة الأميركية من 342.5 لكل عقد في 28 يونيو 2020 إلى 496.38 في الوقت الحالي.
أما فيتنام، ثالث أكبر منتج للأرز في العالم، فقد بدأت للمرة الأولى منذ عدة عقود في شراء الأرز من الهند، بسبب انخفاض إمداداتها. وارتفعت أسعار الأرز في فيتنام إلى 500-505 دولارات للطن، بينما تتراوح أسعار الأرز الهندي بين 381 و387 دولاراً، كما بدأت الصين أيضاً في شراء الأرز من الهند لأول مرة منذ عقود.
ارتفعت كذلك أسعار الصرف للسكر في الولايات المتحدة الأميركية من 12.24 لكل عقد في 28 حزيران 2020 إلى 15.48 الآن”.
وعليه، خلص الكاتب إلى ما يلي: “باختصار، سوف ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في عام 2021، وهو ما يهدد بزيادة التوترات الاجتماعية، وإمكانية اندلاع احتجاجات في جميع أنحاء العالم، خاصة في الدول العربية، كما أن محاولات الحكومات العربية تعويض ارتفاع الأسعار من خلال الدعم، يمكن أن تزيد من زعزعة استقرار الموازنات الحكومية، التي تعاني بالفعل من العجز دون جدوى.
بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يكون تضخم الغذاء العالمي نتيجة لطباعة البنوك المركزية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان ودول غربية أخرى لتريليونات الدولارات واليورو والين وغيرها بلا غطاء، والتي بدأت الآن في الانتقال من الأصول الافتراضية إلى الأصول العينية، وفي المقام الأول في قطاع المواد الغذائية. ويؤكد هذه النظرية ارتفاع الطلب على العقارات في جميع أنحاء العالم.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن المزيد من التضخم في قطاع المواد الغذائية والمواد الخام والأصول العينية سينمو بوتيرة متسارعة. ثم نلاحظ الآن بداية التضخم العالمي المفرط، والذي سيدمر النظام المالي العالمي.
ومع ذلك، فمن السابق لأوانه التحدث عن ذلك على وجه اليقين، حيث أن تلك مجرد نظرية لتفسير الأحداث. على أي حال، لا يسعني إلا أن أكرر نصيحتي لكل أسرة بتأمين مواد غذائية لعدة أشهر قادمة”.