وبحسب أرقام البنك المركزي فإن المبيعات من الدولار وصلت إلى أقل من ثمانية مليون دولار في آخر عملية بيع، مقابل أكثر من 200 مليون دولار يوميا قبل اعتماد قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي.
ويقول نوزاد عبد الجليل، وهو صاحب شركة صرافة تتعامل مع البنك المركزي إن “شركته أوقفت تعاملها مع البنك بسبب توفر عملة الدولار في السوق بأسعار أرخص من الأسعار التي يبيع بها البنك تلك العملة”.
ويؤكد نوزاد أن ما يجري حاليا هو “غير مسبوق” إذ لم يحصل أبدا أن بيع الدولار في الأسواق المحلية بسعر أقل مما يبيع به البنك المركزي العراقي، كما إنه لم يسبق لشركات الصرافة وقف التعامل مع البنك، “كنا نتقاتل على مزاد البنك بسبب الأرباح الكبيرة التي يوفرها” بحسب نوزاد.
ويقول الصحفي المتخصص بالاقتصاد باسم حمزة إن السبب في قلة الإقبال على العملة الأجنبية التي يبيعها البنك المركزي يعود إلى عدة أسباب، منها أن البنك المركزي باع نحو مليار ونصف المليار دولار في الأسبوع السابق لقرار خفض العملة المحلية بأسعار منخفضة، وما يزال الكثير من هذه الأموال متداولا في السوق.
وبحسب حمزة فإن “السوق العراقية مشبعة تقريبا من الأموال، خاصة وأن الاستيراد انخفض بشكل كبير بعد ارتفاع أقيام المواد المستوردة واتجاه الناس تدريجيا نحو بدائل محلية”.
ويعزو حمزة انخفاض الطلب على العملة أيضا إلى أن “الجهات التي كانت تبيع النفط خارج سيطرة الحكومة المركزية تبيع الدولار الآن للحصول على العملة المحلية، مما زاد من كمية الدولارات في السوق العراقية”.
وحذر البنك المركزي العراقي، بحسب أصحاب شركات صيرفة تلك الشركات من الاستمرار بعدم شراء الدولار من المصرف.
وقال علي الركابي، صاحب شركة من النجف، إن “البنك هدد بتجميد إجازات الدخول في المزاد لعام كامل للشركات التي تستمر بعدم الشراء من مزاد العملة”.
ويقول الخبير الاقتصادي غانم السهيل إنّ “البنك يريد توفير أموال بالعملة المحلية لتغطية دفع الرواتب للموظفين وباقي الالتزامات الأخرى، وتمسك التجار بتلك العملة هو تصرف لم يكن متوقعا في ظل انخفاض عملتها”.
ويعتقد السهيل أن البنك سيتجه لطبع أوراق نقدية جديدة لتغطية النقص في العملة المحلية، لكنه يقول إن “مدة شهرين إلى ثلاث ستكون كافية لإعادة الاستقرار إلى الأسواق بعد التخلص من الفائض النقدي من العملة الأجنبية”.
وبحسب السهيل فإن “تهريب العملة الأجنبية انخفض بشكل كبير، كما أن أسعار المواد المحلية وخاصة المواد الغذائية بدأت تعود للاستقرار، وشهدنا افتتاح أو التخطيط لافتتاح مشاريع كبيرة لإنتاج المواد الغذائية وتصنيعها محليا، كما أن العراق بدأ بتصدير مواد زراعية وهذه كلها أمور إيجابية”.
وحذر تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” الشهر الماضي من أن تخفيض قيمة العملة العراقية ربما لن ينقذ البلاد ويخرجها من أزمتها الحالية مالم يترافق مع إجراءات أكثر إيلاما تتضمن خفضا كبيرا للإنفاق الحكومي.
وقال التقرير إن عدم إجراء التخفيضات في الإنفاق سيؤدي إلى عواقب اقتصادية جمة، في بلد يعاني مواطنوه أصلا من مصاعب كثيرة.
وتحاول الحكومة العراقية إقرار موازنة العام الحالي، لكن عقبات مثل تخفيض سعر العملة وموقف إقليم كردستان العراق من تصدير النفط يهددان بعرقلة تمريرها.