وتشير دراسة لـ”الدولية للمعلومات” إلى أنّ الرواتب في القطاعين العام والخاص قيمتها، حيث بات موظف برتبة مدير عام من الدرجة الأولى، يتقاضى نحو 478 دولاراً بعدما كان راتبه يعادل 3000 دولار تقريباً. هذا المسار الانحداري جعل لبنان في مرتبة متدنية جداً قياساً الى دول تتمتع بمستوى معيشي مشابه له أو أقل منه، إذ تقدّمت عليه دول مثل تونس، مصر، موريتانيا، بنغلادش، التشاد، باكستان وكوبا…
انطلاقاً من هذه الأرقام، نشرت قناة “العربية” تقريراً تناولت فيه التدهور اللاحق بأجور اللبنانيين، متسائلةً عما إذا سيلحظ تعديلاً في المدى القريب.
وأوضح التقرير أنّ المادة 44 من قانون العمل تنص على ما يلي: “يجب أن يكون الحد الأدنى من الأجر كافياً ليسد حاجات الأجير الضرورية وحاجات عائلته على أن يؤخذ بعين الاعتبار نوع العمل ويجب أن لا يقل عن الحد الأدنى”، لافتاً إلى أنّ المادة 46 منه تتناول مسألة إعادة النظر بالحد الأدنى، إذ تقول: “يعاد النظر في تحديد الأجر الأدنى كلما دعت الظروف الاقتصادية إلى ذلك”.
وفي السياق نفسه، لفت التقرير إلى أنّ دائرة الإحصاء المركزي بيّنت أنّ معدل التضخم السنوي بلغ حسب دراسة مؤشر الاستهلاك للعام 2019 (2,90%)، موضحةً أنّ الأسعار ارتفعت بنسبة 145.8% في كانون الأول الفائت بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام 2019. فهل تستدعي هذه الظروف تعديلاً للأجور؟
في حديث مع “العربية”، قال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة: “يستدعي (رفع الحد الأدنى للأجور) تشريع قانون الذي يتطلب بدوره موافقة مجلس الوزراء – وهذه مسألة صعبة جداً بالنسبة إلى حكومة تصريف أعمال”.
إشارة إلى أنّه سبق لوزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال لميا يمين أن شدّدت على ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور، كاشفةً عن تشكيل “لجنة من مختصين لنضع دراسة حول تداعيات غلاء المعيشة على المواطنين وأتانا الجواب أن هذا الأمر غير ممكن في ظل حكومة تصريف الأعمال”.
رأي قانوني
المحامي مجد حرب حذّر من أنّ رفع الحد الأدنى للأجور يُعد بمثابة رهان خطير في ظل “أزمة عميقة”. وقال حرب لـ”العربية”: “عندما يرتفع الحد الأدنى للأجور بإيعاز من الحكومة، تأتي مكاسب بعض العمال على حساب خسائر آخرين”. فمن أجل البقاء في السوق ودفع أجور أعلى لموظفيهم، “يتعين على أصحاب العمل رفع الأسعار وإلغاء الوظائف التي لا تنتج الحد الأدنى للأجور على الأقل”، بحسب ما شرح حرب.
وأضاف: “يمثّل ذلك تمريراً للمسؤولية من القطاع العام الذي يحكمه سياسيون فاسدون إلى القطاع الخاص الذي سينتهي به المطاف بدفع فاتورة فسادهم (السياسيين) وسوء إدارتهم”.
الحد الأدنى باقٍ على حاله.. وتحذيرات من الأسوأ
مع تحذير الاقتصاديين من أنّ لا إمكانية للجم ارتفاع سعر صرف الدولار من دون تدابير ملموسة. تشير تصريحات نعمة ويمين إلى أنّ تعديل الأجور لن يحصل في المدى القريب، أو في حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على الأقل. ومع استمرار الخلافات على الحقائب والثلث المعطل، ومرور 130 يوماً على تكليف الحريري، يبدو أنّ أياماً صعبة تنتظر اللبنانيين، ناهيك عن أنّ المفاوضات مع صندوق “النقد الدولي” متوقفة منذ تموز الفائت.