وزارة الشؤون الإجتماعية كانت قد طلبت من المواطنين، في بيان صادر عنها، تقديم طلباتهم للاستفادة من تقديمات وخدمات برنامج العائلات الأكثر فقرًا، عبر الموقع الإلكتروني التالي: www.nptp.gov.lb، ولكن هناك العديد من الأسر التي ترزح تحت خط الفقر، لم تعلم بذلك ولم تتسجّل، ما مصير هذه العائلات؟
النائب محمد الحجار في حديث لـ “لبنان 24” أكّد أنّ هذه الإشكالية قائمة فعلًا، “ويجب القيام بحملة إعلامية موسّعة من شأنها إيصال المعلومة إلى الأسر كي تُقدِم على تسجيل طلباتها على المنصّة المخصّصة لذلك”. ولكن هذه ليست الإشكالية الوحيدة “إذ لا يوجد قاعدة بيانات موحّدة، هناك استمارات لحوالي مليون ومئة ألف عائلة، موزّعة على أكثر من داتا في وزاراتي الداخلية والشؤون الإجتماعية ولدى الجيش، وهناك داتا الأسر المستفيدة من هبة الإتحاد الأوروبي، ولا بدّ من الوصول إلى داتا موحّدة”.
بدوره النائب هادي أبو الحسن طرح في حديث لـ “لبنان 24” جملة تساؤلات، “نظرنا بشكل إيجابي للمشروع، ولكنّه لا يعالج الوضع الإجتماعي المتفاقم، كونه موجّه بالدرجة الأولى للعائلات التي ترزح تحت خط الفقر المدقع، ولاحقًا للعائلات تحت خط الفقر، ولكنّ الأمور تتطوّر بسرعة في لبنان نتيجة إنهيار العملة، وهناك 70% من الشعب اللبناني باتوا فقراء، والمشروع يخصّص 29 مليون دولار منه فقط للعام 2021، وهذه القيمة قد لا تغطي أكثر من 25 ألف عائلة، في وقت بلغ عدد الأسر المحتاجة ما بين 600 و700 ألف عائلة، من أين نأتي بالفرق وماذا نفعل بالعائلات الأخرى؟ من هنا طالبنا كلقاء ديمقراطي في جلسة اللجان النيابية المشتركة، بأن يقرّ إلى جانب قرض البنك الدولي، اقتراحٌ تقدّمنا به لترشيد الدعم، من شأنه أن يحقّق وفرًا، ويوجّه الدعم الى الأسر الأكثر حاجة مباشرة عبر بطاقات تمويلية، بدل أن تُصرف الأموال على دعم السلع التي تذهب لجميع الأسر بما فيها الميسورة وللتجار، فضلًا عن إنفاقها في التهريب، ونرى أنّ الحلّ الأنسب هو تعديل وجهة الدعم ليطال شريحة الفقراء دون سواهم”.
بدوره الحجار طرح ” توسيع قاعدة المستفيدين بظل ارتفاع أعداد الأسر “بحيث طلبنا من الوزارات المعنية العمل على تأمين هبات أو قروض لتغطية العائلات التي لن يطالها قرض البنك الدولي، وننتظر جواب الحكومة”. كتلة المستقبل تؤيّد طرح إقرار قانون ترشيد الدعم بالتوازي مع إقرار قرض البنك الدولي، كتل أخرى أيضًا تتبنّى المقاربة نفسها، ولكن اقتراح ترشيد الدعم غير مدرج على جدول أعمال الجلسة التشريعية.
تعديلات كثيرة أدخلها النواب على المشروع، وفق ما كشفه الحجار لموقعنا، بعد آخر جلسة للجان النيابية المشتركة تواصلت الجلسات بين النواب من جهة والحكومة من جهة أخرى ممثّلة بوزيرة الدفاع زينة عكر “وبنتيجتها تمكّنا من خفض القيمة التشغيلية للمشروع بنسبة كبيرة وصلت إلى 70%. هذه القيمة كانت مرتفعة جدًا، وأثارت إعتراض عدد من النواب، بحيث بلغت 24 مليون دولار وليس فقط 18 مليون، وفق ما أُعلن في حينه، وانخفضت بشكل كبير إلى ما دون الـ 10 مليون دولار، كما تمّ إلغاء كلفة المسح الإجتماعي لتحديد الأسر الأكثر فقرًا وتوحيد قاعدة البيانات، وتأمّن ذلك كهبة، كذلك تمكّنا من خفض كلفة برنامج الأغذية العالمي من 6% إلى نصف بالمئة فقط”.
ماذا عن عملة المساعدات بالليرة أم الدولار؟
بطبيعة الحال البنك الدولي سيحوّل الأموال إلى مصرف لبنان بالدولار، ولكنّها ستصل إلى الأسر بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرف حُدّد بـ 6240. كان هناك أراء مختلفة للكتل النيابية بشأن هذه المسألة في هذا السياق يقول أبو الحسن “رأينا أن تدفع للعائلات بالدولار، نظرًا لتآكل القيمة بالليرة اللبنانية مع ارتفاع سعر الصرف، كما أن الدفع بالدولار يسهم بتأمين سيولة وخفض سعر الصرف”، كتلة المستقبل سألت عن وجهة استعمال هذه الدولارات مطالبة بأنّ تخصّص لسياسة دعم الدواء.
على رغم اعتراض عدد من الكتل على الدفع بالليرة أكّدت مصادر نيابية أنّ القرار شبه محسوم لإقرار المشروع بهذه الصيغة، نظرًا لحاجة مصرف لبنان للدولار الفراش، ليستخدم هذه العملات الصعبة بتمويل دعم ثلاثية السلع الأساسية، وخوفًا من أن تذهب الدولارات لغير وجهتها خصوصًا بظل قانون قيصر، من هنا تؤكّد تفهّم البنك الدولي إعطاء الأموال للأسر بالليرة ولن يعترض على هذه النقطة.
هناك نقاط لا زالت عالقة، منها ما أثاره النائبان وائل أبو فاعور وعاصم عراجي لجهة عدم لحظ المشروع فَرق الإستشفاء للأسر الأكثر فقرا، والمقدّر بـ 15%، في هذا الإطار أوضح الحجار “تبيّن ألاّ إمكانية لتعديل هذه النقطة، ولن يغطي المشروع فرق الإستشفاء، ولكن قد يتم ّتأمين هذه الفروقات عن طريق مشروع من قبل وزارة الصحة”.
كتلة الوفاء للمقاومة علّقت موقفها من اتفاقية القرض “بانتظار إجابات واضحة من الحكومة على ملاحظات قدّمتها، حول الكلفة التشغيلية العالية “ملاحظاتنا الاساسية كانت في برنامج الاغذية العالمية، لماذا ندفع 1 % من أجل إدارة هذا المشروع، مع العلم أنّه عبارة عن قرض ستسدده الدولة اللبنانية وليس هبة”
تبقى الإشكالية الدستورية، كون المشروع أحيل إلى المجلس النيابي خلافًا للأصول، بموجب تواقيع رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال والوزراء المعنيين، خلافًا للمواد الدستورية التي تنظّم عمل مجلس الوزراء وتنصّ على وجوب إحالة مشاريع القوانين من قبل مجلس الوزراء، هذه الإشكالية يقول الحجار “تمّ تجاوزها على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات” ولكن ماذا لو تقدّم أحدهم للطعن بالمشروع ؟ “عندها فليتحملوا المسؤولية في هذا الظرف الدقيق”.