كل هذه الأموال الساخنة جعلت بكين ساخنة ومنزعجة.
الآن، تشهد خدعة الاستثمار تغييراً كبيراً.
عودة السندات الأمريكية
ثانياً، تشهد أسواق الأسهم العالمية دوراناً كبيراً بين النمو والأسهم ذات القيمة، حيث يتخلى المستثمرون عن أسماء مرموقة مثل “تسلا” وصندوق “ايه آر كيه إنوفيشين” المتداول في البورصة العائد لكاثي وود من أجل أسهم البنوك وشركات الطاقة.
لنلق نظرة على تركيبة مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” القياسي، حيث تشكل قطاعات النمو، مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية الكمالية، أكثر من نصفها، بينما تمثل أسهم القيمة، مثل المالية والطاقة، 12% و 3% فقط. يفسر الدوران الحالي -ما يسمى بتجارة مقاومة الانكماش- سبب تقلب السوق الأمريكية مؤخراً.
لكن الأسهم الصينية بالكاد تبدو أجمل. فإذا كان تركيز الولايات المتحدة في أسهم “فيسبوك، أمازون، آبل، نيتفليكس، غوغل” FAANG” أمراً مثيراً للقلق لأن تمثيلهم الضخم يزيد من متاعب عمليات البيع العنيفة، يجب أن يشعر المستثمرون بالقلق حقاً بشأن عدم توازن المكافئ الصيني: “علي بابا غروب هولدينغ” و”تينسينت هولدينغز” وتطبيق تسليم الطعام المتفوق “ميتوان”. يمثل هذا الثلاثي -الملقب بـ”إيه تي إم” (ATM) – حوالي 35% من مؤشر “إم إس سي آي تشاينا”، الذي انخفض بنسبة تصل إلى 16% من أعلى مستوى له في منتصف فبراير.
أجندة بكين
نحن نشهد تلميحاً لذلك مرة أخرى. تراكمت على شركة “تشاينا فورتشن لاند ديفيلوبمنت”، أكبر مطور للمجمعات الصناعية في البلاد، 19.4 مليار يوان (2.92 مليار دولار) من الديون المتأخرة. واعتباراً من سبتمبر 2020، تضخمت الذمم المستحقة للقبض لدى المطور –متمثلة بشكل أساسي في الفواتير التي يتعين على البلديات دفعها- بنسبة 41% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 55 مليار يوان، وهو تقريباً حجم التكلفة السنوية للسلع المباعة نفسها. إنه أمر جلل.
احذروا أيها المشترون! مع مضي المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، يتحدث الرئيس شي جين بينغ وكبار مساعديه مرة أخرى عن الفقاعات والتخلص من المديونية. إن جهاز البيروقراطية المترامية الأطراف يميل إلى القفز من فوق الحافة لإثبات ولائه لمخططاته ومن المرجح أن ينفذ السياسات بمعدل متعصب.
خيار الهروب
من المؤكد أن المضاربين على ارتفاع الأسهم في مجال التكنولوجيا -في كل من الولايات المتحدة والصين- لم يستسلموا بعد لتجارة مقاومة الانكماش. ورغم عمليات البيع المكثفة، ترى كاثي وود من “إيه آر كيه” سوقاً صاعدة أوسع وتبقي عينها على الجائزة. في الماضي، عندما كانت أسعار الفائدة في ارتفاع، حيث نقلت الأسر الأمريكية ثروتها من النقد إلى الأسهم، وفقاً لشركة “غولدن ساكس غروب”، وهذا أمر منطقي، خاصة إذا كان ارتفاع عائدات السندات يشير إلى القوة الاقتصادية. ما هي أفضل طريقة للتعبير عن قناعتك باقتصاد بلدك من شراء الأسهم؟
ولكن حتى لو تمكنت أسهم النمو من البقاء رائجة، فإن حسابات التفاضل والتكامل تتغير. في العام الماضي، ونظراً لأن الصين كانت الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي نما وسط الوباء، لم يكن أمام المستثمرين العالميين خيار سوى الاستثمار في الأسهم والسندات في البر الرئيسي، رغم سجل الحكم غير المنتظم في البلاد. ولكن الآن بعد أن عادت الولايات المتحدة إلى طريق التعافي، لم يعد عليهم تحمل سياسات بكين المتغيرة. كما تعلم أي سوق ناشئة، الأموال الساخنة قادرة على الابتعاد والهروب.