قسّم هؤلاء أراضيهم وحقولهم الى قسمين، «للحشيشة حصة الأسد والباقي لغيرها من الزراعات»، يقول أحد المزارعين في غرب بعلبك، إذ «لا مجال للمغامرة ولا للمقارنة… هالموسم، ما في غير الحشيشة السند لإبعاد شبح الخسارة كما حصل الموسم الماضي»، مشيراً الى الكلفة المتدنية لزراعة دونم الحشيشة في مقابل سعر إنتاجها المضمون، وملاءمة زراعتها لطبيعة المنطقة ومناخها. والأهم لأنها «مجرّبة»، والثقة بها أكبر من الثقة بسياسات حكومية فاشلة لدعم الزراعات البديلة، كلّفت على مدى سنوات مليارات الليرات… فكانت النتيجة أن لا زراعات بديلة نجحت ولا تمويل وصل الى المزارعين. وحدها شتلة الحشيشة كانت، ولا تزال، مصدر «الرزق» شبه الوحيد، و«القرش الأبيض» في زمن الانهيار الأكثر سواداً.
‘الحشيشة’ اليوم بأحسن أيامها.. الطلب متزايد وبالسعر الذي يطلبه المزارع
كتب رامح حمية في “الأخبار”:«بالورقة والقلم»، تكلّف زراعة دونم الحشيشة 9 آلاف ليرة ثمن ثلاثة كيلوغرامات من البذور، من دون حاجة الى أي نوع من الأسمدة والمبيدات، باستثناء الري، وهو ينتج قنطارين من الحشيشة على الأقل (القنطار يساوي 6 «هقّات»، والـ«هقة» تزن 1250 غراماً). سعر الـ«هقة» اليوم يبلغ 750 ألف ليرة، أي إن عائدات الدونم تصل على الأقل الى 4 ملايين وخمسمئة الف ليرة، فضلاً عن تسابق التجار على شراء المنتج «خضير» (تُشترى في أرضها ويتولى التاجر قصّ المنتوج وتشميسه ونقله الى مخازنه). يسأل أحد المزارعين: «بشرفك أي زراعة أفضل وأربح… ولو محلي شو بتعمل؟»!
الحشيشة اليوم «في أحسن أيامها»، يقول أبو علي وهو ينثر حبيبات القنبز في أحد الشعاب الجردية، بسبب «الطلب المتزايد عليها من التجار والمصنعين وبالسعر الذي يطلبه المزارع». في السنوات الماضية تكدس الإنتاج لدى التجار ووصل سعر «هقة الزهرة النخب» الى 200 دولار (300 ألف ليرة). لكن ارتفاع سعر صرف الدولار وتصريف إنتاج الأعوام الماضية لعبا دوراً في رفع سعر الـ«هقّة» الى 750 ألف ليرة. ساعد ذلك المزارعين على سداد ديونهم لتجار البذور والشركات والصيدليات الزراعية، وأدى الى زيادة مساحة الاراضي المزروعة هذا العام استناداً إلى الطلب المتزايد عليها. وحتى من سيغامرون بالخوض في زراعات تقليدية، كالثوم والبصل والبطاطا وغيرها، مع كلفتها الباهظة، لجأوا الى الخطة «ب».