3 أسعار أساسية للدولار.. وبهذه الحيلة سرقت المصارف أموالكم

31 مارس 2021

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:  من الناحية التقنية يفسّر المستشار المالي د. غسان شماس أن “الودائع تصنف من المطلوبات. وهي دين في ذمة المصرف على الدائنين، أي المودعين. وكل ارتفاع في سعر صرف الدولار في السوق الموازية مقابل تثبيت السحوبات من المصارف على 3900 ليرة يؤدي إلى تقليص ديون الأخيرة بنسبة أكبر. ولفهم العملية نفترض أن سعر 3900 ليرة مقابل كل دولار هو نقطة الصفر التي يتساوى عندها سعر المصرف مع السعر في السوق الموازية. وسحب 3900 ليرة لشراء سلعة ثمنها 1 دولار يؤدي إلى حسم المصرف 1 دولار من حساب المودع وحسم المصرف المركزي 1 $ من حساب المصرف لديه. أمّا في حال ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية إلى 15 ألف ليرة، فيُجبر المودع عندها على سحب 3.8 دولارات من حسابه لشراء نفس السلعة بقيمة 1 دولار. وإذا أصبح سعر الصرف 25 ألف ليرة، فان المودع سيسحب من حسابه 6.4 دولارات لشراء نفس السلعة بقيمة 1 دولار. وعليه فان كل ارتفاع في سعر الصرف في السوق الموازية يخفف دين المصرف على العميل، الذي سيعمد إلى سحب مبالغ أكبر بالعملة الصعبة لشراء نفس السلع.

رفع سعر الصرف في السوق الموازية مخطط له بعناية وفق ما يؤكد المشاركون من الفريق الحكومي في اجتماعات صندوق النقد الدولي. وقد سبق لرئيس وفد الصندوق تحذير حاكم المصرف المركزي من مغبة هذه العملية وانعكاساتها الخطيرة على الفقر وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين. إنما مع الأسف فانه “لا حياة لمن تنادي”، يقول الخبير الإقتصادي د. وليد أبو سليمان. “فبدلاً من السير بخطة الحكومة التي أقرت بتأييد من صندوق النقد الدولي تحرير تدريجي لسعر الصرف Crawling peg بنسبة 5 في المئة سنوياً ليصل بعد 5 سنوات إلى حدود 4500 ليرة جرى تطيير الخطة والمفاوضات، وفرض ضريبة جارية على كل اللبنانيين تتمثل بالتضخم المفرط. وهذا ما يزيد الشك بان الذي يجري مخطط له وهو ينفذ عن سابق إصرار وتصميم”.

وإذا استعرضنا أسعار الصرف الموجودة نرى انه لا يزال هناك 3 أسعار أساسية بحسب أبو سليمان: سعر 1500 ليرة تستفيد منه كارتلات الإستيراد في المحروقات القمح والأدوية. وهناك سعر 3900 ليرة لا يستفيد منه فعلياً إلا المصارف والمصرف المركزي. وهناك سعر السوق الموازي الذي يحمّل كل المودعين هيركات مقنعاً بحوالى 80 في المئة، والمواطنين تضخماً هائلاً وفقدان الليرة لقيمتها الشرائية. وبحسب أبو سليمان فان “الإستمرار في هذه الخطة الممنهجة القائمة على طباعة العملة والتضخم يقوض يوماً بعد آخر إحتمالات الخروج من الأزمة بأقل أضرار ممكنة. فلبنان استنزف خلال عام حوالى 16 مليار دولار من الإحتياطي، ذهب مناصفة بين الإستهلاك والتهريب وإخراج الأموال من دون أن يكون له أي فائدة استثمارية تعيد تحريك الإقتصاد. ولسخرية القدر فان هذا الرقم المفرّط به، يبلغ ضعف الحد الأقصى الذي يمكن للبنان طلبه من صندوق النقد الدولي كقرض استثنائي، (بناء على حصته في الصندوق المقدرة بـ 800 مليون دولار) مقسط على مدى عدة سنوات.

عدا عن أنه لا يوجد بصيص أمل في آخر هذا النفق المظلم الذي أُدخل فيه البلد عنوة، فان المسار مفتوح برأي أبو سليمان على العديد من السيناريوات السيئة التي “تبدأ بالفقر والجوع ولا تنتهي بالخضات الأمنية”. 
في النتيجة أدت المعالجة المشوهة أو الأصح “اللامعالجة”، للأزمة الإقتصادية وعدم سير الدولة بالخطة إلى تحميل المودعين والمواطنين الكلفة الأعلى للأزمة. أمّا الطبقة السياسية ومن ترعاهم، وصولاً إلى مصرف لبنان والمصارف التجارية، فقد خرجوا بالتدرج كالشعرة من العجين، ونأوا بأنفسهم، لغاية اليوم، عن تحمل أي مسؤولية تذكر.