وأدى تفاقم الأزمة المالية، التي تأثرت بانهيار العملة المحلية، إلى تسجيل ارتفاع متواصل وغير مسبوق بأسعار المواد الغذائية والأساسية بالأسواق، مما انعكس سلبًا على قدرة اللبنانيين الشرائية.
ويتساءل لبنانيون عن حالهم في رمضان هذا العام في ظل تعليق الموائد الرمضانية في المطاعم، وتوقف عروض الفنادق، والغياب التام للحسومات بمحلات الحلويات، وعدم ضبط الارتفاع الجنوني للأسعار، إضافة إلى تبدل العادات العائلية، كالزيارات الرمضانية والتجمعات.
علياء نابلسي (43 عامًا)، وهي مربية منزل، قالت لـ”سكاي نيوز عربية”: “للأسف رمضان هذا العام يأتي في ظروف صعبة جدا، فبعد الأوضاع السيئة التي كنا نمر بها أتتنا كورونا وغلاء الأسعار وتوقف الأعمال، والمشاجرات في السوبرماركت.. في الأيام السابقة كنا نحاول التوفير، لكن مع حلول رمضان نحن بحاجة لشراء حاجاتنا الأساسية التي تغاضينا عنها سابقًا”.
وتساءل المواطن سليم العانوتي بالقول: “قد تكون أوضاعنا أفضل من آلاف العائلات الفقيرة، التي لا يوجد فيها رغيف خبز لأكله، فمن سينظر إلى هؤلاء الناس ومن سيساعدهم”.
لا شك بأن مأساة اللبنانيين هذه اختصرتها نشرة “الدولية للمعلومات” في تقريرها الصادر قبل يومين، وأشارت فيها إلى تراجع في صناعة حلوى العيد في لبنان، فمن خلال عيّنة صغيرة مؤلفة من 100 أسرة من الطائفة المسيحية ااحتفلت نهاية الأسبوع الماضي بعيد الفصح، تبيّن التالي: 45 في المئة من العائلات لم تصنع حلوى العيد هذا العام – 35 في المئة من العائلات صنعت حلوى بكلفة أقل، إذ استبدلت حلوى الفستق الحلبي والجوز، بالحلوى بالتمر أو بالسكر فقط – 15 في المئة من العائلات لم تغيّر العادة، إنما صنعت حلوى بكميات أقل بنسبة 25 إلى 50 في المئة – 5 في المئة من العائلات لم تُبدِّل عادتها، واستمرت بتصنيع الحلوى بالكمية والنوعية ذاتهما، كما في الأعوام السابقة.
وتعني هذه الأرقام أن 95 في المئة من العائلات اللبنانية بدّلت عاداتها خلال العيد. أما محال بيع الحلوى، فتراجع بيعها خلال فترة العيد هذه السنة بنسبة 45 في المئة مقارنةً بفترة العيد في العام الماضي.
جولة في بيروت
وللاطلاع على أسعار بعض الحلويات المفضلة في العاصمة بيروت، جالت “سكاي نيوز عربية” في شوارع العاصمة اللبنانية التي بدأت معظم متاجر الحلويات فيها تقفل، وتوقف عند أبرز مصانعها التي اعتادت جذب الصائم وكانت في مثل هذه الأيام تتألق بالزينة، فكانت المفاجأة عند المداخل، يافطة معلقة تحمل الشعار التالي: “حلويات الداعوق، داعوقية 100 ألف ليرة لبنانية شكراً رياض سلامة شكراً زعماء لبنان”.
هذا المصنع الذي يحمل اسم كنية صاحبه هو محط انتباه وجذب للصائم في العاصمة اللبنانية، أبوابه مشرعة منذ أكثر من خمسين عاما.
وجرت العادة أن يقف شرطي السير أمامه قبل كل إفطار رمضاني كي لا يتسبب بازدحام في المنطقة المتواجد فيها.
وفي الحديث مع الحاج البيروتي محمد خير الداعوق، صاحب أبرز الحلويات اللبنانية العربية الشهيرة في بيروت “داعوقية”، قال لـ” سكاي نيوز عربية”: “مهما قست الظروف لم أتوقف عن العمل. نمر بأيام صعبة والأسباب عديدة.. غلاء الدولار الفاحش وارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على المواد الأساسية أبرزها الفستق الحلبي ناهيك عن فقدان العملة من بين أيدي المواطن وهي غير متوفرة وإذا وجدت بقيت في المصارف، وحده من يحمل الدولار الأميركي هذه السنة يستطيع شراء الحلوى وهؤلاء باتوا قلة في لبنان”.
وأضاف الداعوق: “حركة السوق خفيفة جدا فيما يخص الحلويات فبعد أن كان كيلو الداعوقية على سبيل المثال بـ16 دولار (أي 24 ألف ليرة لبنانية ) صار اليوم بـ8 دولارات (أي ما يوازي المئة ألف ليرة لبنانية)”.
وفي إشارة إلى اليافطة المعلقة عند المدخل قال الداعوق: “وحدها تكفي، فهي تتحدث عما يقوله قلب المواطن”، مبرزا أن “مادة الفستق الحلبي باتت باهظة الثمن، حيث يبلغ الكيلو الواحد منها 200 ألف ليرة لبنانية وهي مادة أساسية في الداعوقية وغيرها”، مؤكدا أنه “لن يقفل المصنع وواجهاته الملونة مهما صعبت الظروف”.
ضرورة للصائم
وشددت خبيرة التغذية ريان فراشة لـ”سكاي نيوز عربية” على ضرورة تناول جزء من الحلويات خلال شهر رمضان لتزويد الصائم بالطاقة.
وحددت كحد أقصى 3 أيام من الأسبوع يتناول خلالها كميات قليلة (قطعة واحدة من دون قطر).
كما شجعت فراشة على صناعة الحلويات المنزلية، ونصحت بتناول 3 حبات من التمر واستبداله بالحلويات الجاهزة للتزود بالطاقة.