ايرادات عمالقة التكنولوجيا يعززها “كورونا”… فماذا عن سلوك المستهلك؟

2 مايو 2021
استفادت مجموعات من شركات الإنترنت عبر التعرف بشكل أكبر على احتياجات المستخدمين – وما يتولد عنها من إيرادات – خلال عمليات الإغلاق بسبب الجائحة، حيث بقى الناس في المنزل والتصقوا أكثر بأجهزتهم. وستكون أكبر استفادة للمستعدين لجني فوائد طويلة الأجل من عادات المستهلك المتغيرة.

وأظهرت إعلانات أرباح شركات “أمازون” و”فيسبوك” و”غوغل” هذا الأسبوع شرح تفصيلي لكيفية اعتماد الناس بشكل أكبر على عروض تلك الشركات خلال عمليات الإغلاق والحجر الصحي في ظل تغيير طريقة تسوقهم وعملهم وتعلمهم وتفاعلهم، حيث أشارت إلى أن هذه الاتجاهات يمكن أن تدفع نمو أعمالهم في الأجل الطويل.

وفي الوقت نفسه، جاءت نتائج أعمال شبكات التواصل الاجتماعي الأصغر حجماً مثل “تويتر” و”بينتيريست” مخيبة لآمال المستثمرين، حيث جاءت إيراداتها أقل من التوقعات وسط تحذيرات بتباطؤ معدل نمو المستخدمين في الولايات المتحدة، كما أشارت “إيباي” إلى توقعها تراجع المبيعات مع تسارع وتيرة التطعيم وحصول المستخدمين على دفعات برامج التحفيز وعودتهم للحياة الطبيعية مرة أخرى.

هيمنة الكبار
وتعكس تلك النتائج التباين بين الشركات المهيمنة على الإنترنت وارتباط معدلات نمو الشركات بمدى قوتها وحجم أعمالها وقدرتها على تعزيز انتشارها في كل مكان.

ونجحت “أمازون” في زيادة عملاء تسليم البقالة كما زادت مبيعاتها من جهاز “أليكسا” للتحكم في الصوت ووقعت عقود مع المزيد من الشركات لاستخدام خدمة الحوسبة السحابية الخاصة بها.

وعقب براين أولسافسكي المدير المالي لـ”أمازون” خلال مؤتمر المستثمرين الذي عقب الإعلان عن النتائج قائلاً، أنه من المتوقع أن يستمر ذلك الاتجاه “بينما ننتقل إلى التعافي بعد الوباء”.

وزادت الثقة في تفوق منتجات “غوغل” مثل أجهزة “كروم بوكس” Chromebook واعتبارها أفضل الأدوات للمدرسة الافتراضية إضافة إلى زيادة الاعتماد على “يوتيوب” ومنافسة التلفزيون في الترفيه الشخصي وهو ما يزيد من قدرته على حصد المزيد من أموال المعلنين.

وأشارت كل من شركتي “غوغل” و”فيسبوك” إلى إسراع الجائحة بتحول الشركات الصغيرة إلى الويب واستخدام منصاتهم لإعلانات التجارة الإلكترونية والمبيعات، حيث قالت شيريل ساندبرغ رئيسة العمليات في فيسبوك، إن هذه الشركات “تطلب منا مساعدتها ليس فقط الآن ولكن على المدى الطويل”.

وحتى من قبل تفشي فيروس كوفيد 19 نجح عمالقة الإنترنت في إيجاد طرقاً مبتكرة لترسيخ تواجدهم في الحياة اليومية للمستهلكين في ظل سعيها في البحث عن طرق تتوقع بها أية توجهات مستقبلية قد تحد من قدرتهم التنافسية.

منافسة أم احتكار؟
وواجهت الشركات الثلاثة تحقيقات في الكونغرس بشأن مكافحة الاحتكار وسط مخاوف من قيامهم ببناء إمبراطوريات على حساب قواعد المنافسة وقدرة المستهلك على الاختيار، وهي التحقيقات التي يمكن أن تتجدد مرة أخرى بسبب ما حققته تلك الشركات من نتائج خلال الوباء تقلص خيارات البيع بالتجزئة والترفيه الشخصي وتحول المستهلكون الراغبين في الترفيه والإنفاق إلى شركات التقنية العملاقة التي يسهل الحصول على خدماتها والمنتشرة في كل مكان.

ونجحت حملات التسويق في الوصول للمستهلكين أينما ذهبوا وقامت بالتركيز على الإعلانات الرقمية أثناء الجائحة وخاصة حملات التجارة الإلكترونية. و تقول ساندبرغ إن إقبال المستهلكين على شراء المزيد من السلع عبر الإنترنت دعم نتائج إعلانات “فيسبوك” في الربع الأول، حيث قفز متوسط سعر إعلان شركة التواصل الاجتماعي 30%، ما يشير إلى أن زيادة الطلب سمح للشركة بفرض المزيد من الرسوم على كافة مساحاتها الإعلانية.

كذلك ارتفعت إيرادات أمازون التي تصنف في القوائم المالية تحت بند “أخرى” والتي تشمل إيرادات الإعلانات بنسبة 77% لتصل إلى 6.9 مليار دولار، وهو ما وصفته نيكول بيرين الباحثة في إيماركتير بأنه “مؤشر آخر على تعزيز أعمال أمازون العام الماضي وعدم وجود أية مؤشرات على الانحسار”

كما باعت “غوغل” خلال الربع الأخير من العام المزيد من الإعلانات لشركات البيع بالتجزئة والسفر الحريصة على الوصول إلى المستهلكين مع عودتهم للإنفاق مرة أخرى.

توقيت مثالي
وأكدت روث بورات المديرة المالية لشركة “ألفابيت” المالكة لغوغل، أن استمرار ذلك الاتجاه سوف يعتمد على وتيرة التعافي العالمي من جائحة كورونا، فيما أبدى بعض المحللين تفاؤلاً بشأن احتمالات استفادة عملاق الإنترنت من عودة الحياة لطبيعتها خلال الفصول المقبلة وهو ما سينعكس على نتائج أعمالها ربع السنوية.

وقال فيليب شندلر كبير مسؤولي العمليات في غوغل إن “الوضع المثالي” للشركة يتمثل في مزيج من عمليات الشراء عبر الإنترنت إلى جانب عمليات الشراء التقليدية غير المتصلة بالإنترنت، ولكن التي يتم الحصول عليها من خلال منتجات مثل البحث والخرائط ويوتيوب.

وساعدت منتجات “غوغل” كبار بائعي التجزئة مثل “ديكس سبورتنغ” Dick’s Sporting Goods Inc. وسلسلة الفنون والحرف اليدوية “ميتشايلز”Michaels Cos في تلبية طلبات عملائهما الباحثين عن أماكن التوصيل أو تحديد المنتجات المتاحة بالقرب منهم.

وكتب رون غوزي المحلل في “جيه إم بي سكيوريتيز” JMP Securities في مذكرة بحثية حديثة: “من المرجح أن تستمر تلك الاتجاهات مع استمرار الانتعاش الاقتصادي على نطاق أوسع طوال عام 2021، بحيث تصبح اتجاهات التحولات الرقمية أكثر استدامة”.

وأضاف غوزي: “لقد تأثرنا كثيراً بنتائج الإعلانات الأساسية على شبكة البحث حيث سلطت غوغل الضوء على حجم قوتها في أغلب شرائح الإعلانات مع التركيز الأساسي على البيع بالتجزئة وكذلك مع عودة السفر لاهتمام المستخدمين من جديد”.

تعثر آبل وتويتر
ولم تتأثر تدفقات إيرادات الإعلانات والتجارة الإلكترونية لعمالقة الإنترنت ببعض المشاكل التي واجهت شركات التكنولوجيا الرائدة الأخرى أثناء الجائحة، فعلى سبيل المثال كان مصدر أغلب إيرادات شركة “أبل”، التي كانت من بين الشركات التي تم التحقيق معها في الكونغرس بشأن مكافحة الاحتكار، تأتي من بيع الأجهزة وهو ما يعني أنها أكثر عرضة لمخاطر سلاسل التوريد.

وأشار المسؤولون التنفيذيون في “أبل” هذا الأسبوع إلى توقعاتهم بتأثير سلبي خلال الربع الثاني الذي ينتهي أخر يونيو المقبل تبلغ قيمته نحو 3 – 4 مليارات دولار نتيجة نقص إمدادات الرقائق الإلكترونية والتي أثرت على خطي إنتاج أجهزة “أيباد” و”ماك” اللذان شهدا إقبال خلال الجائحة.

وتركز “أبل” بشكل أكبر على إيراداتها من الخدمات غير المتعلقة بالأجهزة مثل “أبل ستور” و” أبل ميوزيك” والألعاب والتخزين السحابي والدعم الفني والإعلانات والفيديو، حيث تحقق تلك الخدمات إيرادات تزيد عن 50 مليار دولار سنوياً.

ولم تحقق “تويتر” الأقل حجماً من “فيسبوك” ولو قليل من الإيرادات التي حققتها منافستها والاستفادة من زخم الإنفاق الإعلاني خلال الجائحة في ظل اعتماد الشركة على العروض الترويجية التي تهدف إلى ترويج العلامة التجارية للشركات عكس الإعلانات التي تقود الأشخاص مباشرة إلى شراء منتجات بعينها، خاصة في ظل بقاء المستهلكين بالمنزل وتحول التسوق عبر الإنترنت باستخدام الهاتف المحمول إلى هواية خاصة مع تحول الإنفاق على السفر والتنزه خارج المنزل إلى الإنفاق على البقالة وتحسين المنزل وخزائن الملابس الأكثر راحة.

ما بعد الوباء
ورغم تسجيل “إيباي” و”بينتريست” أداء جيد خلال الإغلاق، لكن الشركتين حذرتا من عدم استدامة تلك المكاسب. وقالت “بينتريست” في بيان: ” تباطأ المعدل الشهري لزيادة أعداد المستخدمين في الولايات المتحدة منذ منتصف مارس بالتزامن مع تخفيف القيود الوبائية، والذي يأتي وسط تراجع سنوي خلال الأعوام الاخيرة مع قضاء المستخدمين وقت أقل على الإنترنت”.

كذلك توقعت “إيباي” تراجع إنفاق المستهلكين مع إنتهاء إجراءات التحفيز الحكومي.

وتتوقع “فيسبوك” أيضاً تراجع اعتماد الأشخاص على تطبيقات الشركة الخاصة بالترفيه والتواصل مع تلقيهم التطعيم والعودة إلى النشاط المباشر مع الأصدقاء والعائلة، لكن من غير المحتمل أن يكون ذلك على نطاق واسع أو يتسبب في قلق المستثمرين.

وقال ديف وينر المدير المالي لفيسبوك يوم الخميس: “لا أعتقد أن تحدث تغيرات كبيرة”.