بعد سجنه وانهيار شركاته… عاد للمنافسة من جديد

11 يونيو 2021آخر تحديث :
بعد سجنه وانهيار شركاته… عاد للمنافسة من جديد

في عام 2018، برأت المحكمة العليا الصينية تشانغ وين زونغ من تهم سوء السلوك المالي بعد أن أمضى أكثر من نصف عقد في السجن. وبعد ثلاث سنوات، أعاد رجل الأعمال الصيني إحياء أعمال السوبر ماركت التي أسسها، وفي الوقت الحالي أصبح على وشك إطلاق اكتتابين عامين أوليين، أحدهما في هونغ كونغ والآخر في الولايات المتحدة.

تمثل تلك الخطوة تغييراً واضحاً في حظوظ تشانغ البالغ من العمر 59 عاماً، والذي شاهد سلسلة بقالة “وومارت” (Wumart) التي أسسها في عام 1994 تتلاشى عقب إدانته بتلقي أموال من الدولة عن طريق الاحتيال، ورشوة متعلقة بعمل كان قد حاول الاستحواذ عليه، واستخدام الأموال من شركة تأمين للتداول لتحقيق مكاسب شخصية.عندما ألغت أعلى محكمة في الصين الإدانات في نهاية المطاف عام 2018، عاد “تشانغ” من السجن إلى شركة هجرها موظفوها وموردوها ومستثمروها.

قال تشانغ في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “جعلتني هذه التجربة أفهم حقاً أن الحياة قصيرة. يمكن أن يحدث كل شيء فجأة. وفي تلك الأثناء، كل شيء سيمضي”.في الفترة منذ إطلاق سراحه – في عام 2013، بعد قضاء عقوبة مخففة – أعاد تشانغ بناء “وومارت” لتعود لاعباً أساسياً في قطاع السوبر ماركت شديد التنافسية في الصين مرة أخرى.رائد البقالة يعتمد على مزايا التوريداستطاع “تشانغ” فعل ذلك من خلال توجيه متاجر “وومارت”، المعروفة باسم “وومي”في لغة الماندرين الصينية، نحو ابتكارات عمالقة التكنولوجيا مثل “علي بابا” و”جي دي دوت كوم”، ليصبح رائداً في سوق البقالة الصيني الذي تبلغ قيمته 1.3 تريليون دولار. شمل ذلك ضمان التسليم السريع لمواد البقالة الطازجة، ومنح العملاء خيار تجاوز نقاط الدفع والدفع عبر الهواتف المحمولة.استخدمت “وومارت” مزايا سلسلة التوريد غير المتصلة بالإنترنت لإطلاق علامات تجارية فرعية تبيع الأسماك والخضروات الصالحة ليوم واحد فقط، وهي الآن تخدم 94 % من مجمعات بكين السكنية داخل الطريق الدائري الخامس في غضون 30 دقيقة، حيث تعمل متاجر السوبر ماركت التابعة كمراكز تلبية للطلبات.كافح تشانغ أيضاً لتوسيع حجم الشركة، واقترض لشراء حصص أغلبية في الشركات الصينية في السلسلة البريطانية لتطوير المنازل “بي آند كيو” وشركة تجارة الجملة الألمانية “ميترو”.منصة جديدةيتطلع “تشانغ” إلى جمع حوالي مليار دولار في اكتتاب عام أولي في هونغ كونغ لصالح شركة “دبليو إم تيك”، وهي وحدة تضم سلسلتين رئيسيتين لشركة “وومارت” مع 426 متجراً، و “ميترو تشاينا”، التي لديها 97 متجراً.وتظهر نشرة “دبليو إم تيك” أن إيراداتها قفزت إلى 39.1 مليار يوان (6.1 مليار دولار) عام 2020، مقابل 21.4 مليار يوان في عام 2018، نظراً لاستحواذها على شركة “ميترو”. وفقاً للوثائق، نمت إيرادات سلسلة “وومارت” وحدها بنسبة 6.4% و 8.1% في عامي 2019 و2020 على التوالي.من جهة أخرى، أسس تشانغ أيضاً منصة للتجارة الإلكترونية باسم “دي مول” التي توفر حلولاً للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت، وتساعد الشركات التقليدية على تقديم خدماتها عبر الإنترنت، من خلال أنظمة التشغيل السحابية وأنظمة التشغيل.في وقت سابق أفادت “بلومبرغ” بأن “دي مول” تخطط لإدراج في الولايات المتحدة في النصف الثاني من هذا العام، بدعم من مستثمرين مثل “تنسينت هولدينغز” و”آي دي جي كابيتال”، وصندوق صناعة التكنولوجيا التابع لمجموعة “لينوفو غروب”، لكن “تشانغ” يواجه معركة شاقة للحفاظ على نمو أعماله في صناعة البقالة المجزأة والتنافسية في الصين.سادس أكبر سلسلة هايبر ماركت بالصيناستحوذت “وومارت” على3.4% من صناعة الهايبر ماركت في الصين في عام 2020 وفقاً لبيانات “يورومونيتور إنترناشيونال”، ما يجعلها سادس أكبر سلسلة، إلا أن الرقم لا يزال بعيداً عن نسبة 9.3% التي تتمتع بها عمليات مجموعة “وولمارت” في الصين، و11.9% لـ”يونغهوي سوبر ستورز”، وحصة 13.7% لمجموعة “صن آرت ريتايل غروب” المدعومة من “علي بابا” والتي تحتل الصدارة.وفيما تمكنت “وومارت” من اللحاق بالركب في بعض المناطق، يستمر مشهد السوبر ماركت في الصين في التغير بسرعة، مدفوعاً بالجهود المبذولة لتزويد المتسوقين بتجربة تسوق سلسة عبر الإنترنت تتمحور حول تطبيقات الأجهزة المحمولة، لا سيما مع تخلي المزيد من المستهلكين عن زيارة متاجر التجزئة في أعقاب الوباء.يتمتع عمالقة التكنولوجيا بميزة تتمثل في البنية التحتية الرقمية الحالية والتحكم في بيانات العملاء. وبدأت سلسلة سوبر ماركت “هيما” التابعة لشركة “علي بابا” في عام 2015 فقط، وهي تحقق بالفعل إيرادات أكثر من شبكة “وومارت”، وفقاً لبيانات عام 2019 من ” رابطة سلاسل المتاجر والامتيازات الصينية.تسيطر شركة “علي بابا” أيضاً على شركة “صن آرت” الرائدة في السوق ولديها حصة 20% في “سونينغ دوت كوم”.منافسة شرسةتبدو المنافسة شرسة أيضاً حيث لا يوجد قادة واضحون في السوق، وتسيطر أكبر خمسة متاجر تجزئة للبقالة في الصين على 27% فقط من السوق مقارنة بـ 66% في الولايات المتحدة، و76% في المملكة المتحدة، و77% في فرنسا، وفقاً لما يقوله لينغي تشاو، كبير محللي التجزئة والتجارة الإلكترونية في “إس دبليو إس ريسيرش” التي يقع مقرها في بكين، نقلاً عن البيانات المجمعة من شركة أبحاث المستهلك “كانتار”.قال تشاو: “لطالما كانت أعمال المتاجر الكبرى من الأعمال التجارية ذات هامش الربح الضئيل التي يقول الناس عنها إنها مثل التقاط العملات المعدنية على الأرض. والآن يضيف دخول عمالقة التكنولوجيا إلى ساحة المعركة مصدراً جديداً للضغط”.تبدو “دبليو إم تيك” مثقلةً بالديون بعد ما اقترضته لتمويل تحولها، ما يجعل توقيت الاكتتابات أمراً بالغ الأهمية. وكانت نسبة الالتزامات إلى الأصول 97% في عام 2020، مقارنة بأكثر من 60% قليلاً بالنسبة للمنافسين الكبار في الصناعة مثل “صن آرت” و”يونغهوي”.تضخمت الالتزامات إلى 40.8 مليار يوان (6.4 مليار دولار) بسبب عمليات الاستحواذ، في حين زادت تكاليف التمويل بنسبة 33% لتصل إلى 760 مليون يوان في عام 2020 من العام السابق – بما يفوق صافي دخل “دبليو إم تيك” في الفترة نفسها.العالم يتغير ومعه البقالةيقول تشانغ إن الشركة تواكب توجهات الصناعة الصينية وتستثمر في محركات نمو جديدة، مثل خدمات “الشراء المجتمعي”، حيث تتشكل المجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم طلبات البقالة بكميات كبيرة للجيران والأصدقاء.وفي مارس، وافقت الشركة على الاستثمار في خدمة الشراء الجماعي لشركة “ديدي تشوزينغ”، عملاق النقل الصيني، ودخول الفضاء الذي استثمرت فيه شركات تكنولوجيا مثل “ميتوان” و”بيندودو”.بدأت “وومارت” أيضاً بثاً مباشراً لأحداث المبيعات العام الماضي، وهي تقوم بذلك الآن مرتين في الأسبوع عادةً، وتستضيف علامات تجارية مختلفة.قال تشانغ: “اليوم، تختلف متاجر “وومارت” كثيراً عما كانت عليه قبل ستة أعوام. لقد تغير العالم. إذا كنت تريد البقاء على قيد الحياة كبائع بالتجزئة فيجب أن تتكيف”.البقاء حياًفي البداية حُكم عليه بالسجن 18 عاماً بتهم الاحتيال والرشوة التنظيمية والاختلاس، وتم الإفراج عن تشانغ في عام 2013 بعد اختصار عقوبته. ثم أمضى سنوات في صراع مع النظام القانوني في الصين قبل أن تُبطل محكمة الشعب العليا الإدانات الصادرة بحقه في عام 2018.في قرارها، قالت المحكمة إن الشركات الخاصة كانت مؤهلة للحصول على أموال من الدولة، في الوقت الذي تقدمت فيه “وومارت” بطلبها، وإن شركة تشانغ لم تمتلك ميزة غير لائقة في الاستحواذ، وإنه لا يوجد دليل على أن تشانغ قد اختلس الأموال لمصلحته الخاصة.وسوف يتضح مدي تأثير هذا التاريخ على قدرة “شانغ” في جمع الأموال. ويجري التخطيط لإدراج “دي مول” في الولايات المتحدة في وقت تزيد إدارة بايدن من التدقيق في الأعمال التجارية الصينية.نظراً للفترة التي قضاها في السجن، كتب تشانغ ملاحظة متفائلة بشأن التحديات التي تنتظره، حيث قال: “إن كان لديك قلب قوي حقاً، وإذا نجوت فعلاً من تلك المصاعب، فسوف تصبح أقوى. يمكنك البقاء على قيد الحياة في مواسم مختلفة”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.