رفع البنك المركزي الأوروبي مستهدف التضخم، وقال إنه مستعد لتحمل تجاوز محدود للهدف. حيث يأتي الهدف الجديد نتيجة تجديد الإستراتيجية، والذي يرمي إلى تعزيز الاقتصاد بعد سنوات من الأداء الباهت.
وفي ذروة مراجعة استمرت 18 شهراً ونُشرت يوم الخميس، اتفق صانعو السياسة على السعي لتحقيق نمو في أسعار المستهلك بنسبة 2% على المدى المتوسط بهدف “متماثل” والذي قد يعني “فترة انتقالية يكون فيها التضخم أعلى من الهدف بشكل معتدل”.ويعد هذا التعديل تغييراً مهماً من صيغة “أقل ولكن قريبا من 2% على المدى المتوسط”، والتي شعر بعض المسؤولين النقديين أنها غامضة للغاية وأدت إلى دعوات لتشديد السياسة في وقت قريب جداً.
هذا وواصل اليورووالسندات الحكومية الارتفاع بعد الإعلان، حيث ارتفعت العملة الموحدة إلى أعلى مستوى لها في اليوم عند 1.1846 دولار، في حين استقرت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بالقرب من أدنى مستوى لها في ثلاثة أشهر عند -0.34%.من جهتها قالت إيما ساماني، محللة سوق العملات الأجنبية في “مونكس يوروب”، إن الإعلان “يمكن أن يُنظر إليه على أنه يستهدف معدلات فائدة منخفضة وسياسة نقدية توسعية على المدى القصير؛ حيث يمنح هدف التضخم المتماثل الجديد البنك المركزي مجالاً واسعاً لإدارة السياسة النقدية التيسيرية لفترة أطول دون الاضطرار إلى محاربة الأسواق”.وفيما يتعلق بتغير المناخ، وهو موضوع آخر مثير للجدل بالنسبة لبعض محافظي البنوك المركزية، قالت المؤسسة إنها ستُدرج الآن اعتبارات حول هذا الموضوع في عمليات السياسة النقدية. في غضون ذلك، قال المسؤولون أيضاً إنهم سيبدؤون النظر في تكاليف المساكن التي يشغلها مالكوها في تدابيرهم التكميلية للتضخم.علاوةً على ذلك، قالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي في بيان لها: “مع الأخذ بعين الاعتبار الولاية الأساسية للبنك المركزي الأوروبي بشأن استقرار الأسعار، فقد سمحت لنا المراجعة بتحدي تفكيرنا، والمشاركة مع العديد من أصحاب المصلحة، والانخراط في التأمل والمناقشة، والوصول إلى أرضية مشتركة حول كيفية تكييف استراتيجيتنا؛ فالاستراتيجية الجديدة هي أساس قوي سيوجهنا في إدارة السياسة النقدية خلال السنوات القادمة”.الجدير بالذكر أن مراجعة الاستراتيجية هي الأولى منذ عام 2003، وقد نفذها البنك المركزي الأوروبي ومقره فرانكفورت ضمن إطار محاولة أكثر شمولاً وطموحاً لإعادة التفكير في دوره في خدمة 342 مليون مواطن في منطقة اليورو منذ إنشاء العملة الموحدة.إستراتيجية البنك المركزي الأوروبي الجديدة:• تغيير هدف التضخم إلى هدف “متماثل” بنسبة 2% على المدى المتوسط بدلاً من “أقل ولكن قريبا من 2%”• قد يسمح البنك المركزي الأوروبي بفترة انتقالية يكون فيها التضخم أعلى من الهدف• يوصي مجلس الإدارة بإدراج المساكن التي يشغلها مالكوها في مقياس التضخم بمرور الوقت• سيتم إدراج اعتبارات تغير المناخ في عمليات السياسة النقدية في مجالات الإفصاح، وتقييم المخاطر، وإطار الضمان، ومشتريات الشركات من الأصول• سيتم تطبيق إستراتيجية جديدة ابتداء من اجتماع السياسة النقدية في 22 يوليو.• يعتزم مجلس الإدارة تقييم إستراتيجيته بشكل دوري، مع توقع التقييم التالي في عام 2025.تغير في الفكرتأتي مهمة البنك المركزي الأوروبي المجددة بعد جهد مماثل بذله بنك الاحتياطي الفيدرالي للتشكيك في منهجيته إزاء التحديات الاقتصادية للقرن الحادي والعشرين بعد سنوات من المحاولات المراوغة في جميع أنحاء العالم المتقدم لإحياء أسعار المستهلك بشكل مستدام.كما تعكس النتيجة أيضاً صفقة كبيرة بين صانعي السياسة والتي تمنح لاغارد الفرصة لوضع حد للانقسامات في مجلس الإدارة حول المدى الذي يجب أن يذهب إليه البنك المركزي في دعم الاقتصاد.وفي الحقيقة، وجد المسؤولون من ألمانيا على وجه الخصوص أن موقف سلفها، ماريو دراغي، يمثل انحيازاً نحو الأموال السهلة التي قوضت صمود البنك المركزي الألماني في مكافحة التضخم بعد الحرب، والذي تم على أساسه وضع البنك المركزي الأوروبي كشرط لمشاركة الدولة في اليورو.علاوةً على ذلك، درس صانعو السياسة مجموعة واسعة من الاتجاهات والأدوات الاقتصادية لفهم سبب معاناتهم من أجل زيادة التضخم على الرغم من أسعار الفائدة السلبية والتحفيز النقدي بتريليونات اليورو.في هذا الصدد، قال أناتولي أنينكوف، خبير اقتصادي في “سوسيتيه جنرال”: “السؤال الكبير الآن هو كيفية متابعة هذا الموضوع؟ هل يعني ذلك أنهم سيكونون أكثر عدوانية في التيسير، وهو ما أعتقد أنه صعب. فنحن أمام رد فعل مؤجل أكثر مع صعود التضخم نحو الهدف. وينبغي أن يعني ذلك أن البنك المركزي الأوروبي يستهدف معدلات فائدة منخفضة وسياسة نقدية توسعية للغاية في المستقبل”.