ربما يقلِّل الاحتياطي الفيدرالي من خطورة استمرار ارتفاع التضخم، لكن هؤلاء الذين يتمتَّعون بلا شكٍّ بزاوية أفضل رؤية، وهم الشركات، يتبنون وجهة نظر أقل تفاؤلاً تجاه ارتفاع الأسعار.قبل أسبوع فقط، أشارت “كوناغرا براندز إنك”، و”بيبسي كو إنك” إلى أنَّ التكاليف الأعلى ستكون أكثر من فترة خاطفة، وبدلاً من ذلك يتوقَّعون أن يظلَّ كل شيء بدءاً من المكوِّنات الخام إلى العمالة أكثر تكلفة بكثير في الأشهر المقبلة.
وقال هيو جونستون، المدير المالي لـ”بيبسي كو”، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” في 13 يوليو: “لن أفترض أنَّ التضخم سيكون مؤقتاً، وإنَّما سيكون معنا خلال أغلب العام المقبل”.وإذا أثبتت هذه التوقُّعات دقتها، سيتعيَّن على المستثمرين في الأسهم إعادة حساباتهم وفقاً لبيئة التضخم المستمر، وقد كانوا هادئين حتى الآن، مما ساهم في ارتفاع في أسهم التكنولوجيا وغيرها من المجموعات ذات التقييمات العالية التي تتفوَّق في الأداء عندما تنخفض عائدات الخزانة، ولكن قد يتغيَّر ذلك سريعاً إذا ظلَّ التضخم مرتفعاً وقفزت العائدات، وفقاً لمايكل داردا، كبير الاقتصاديين واستراتيجي السوق في “إم كيه إم” (MKM) في ستامفورد بولاية كونيتيكت.
وكتب في مذكرة بحثية في 14 يوليو: “نرى مخاطر تتزايد في القطاعات الأكثر حساسية للتحول في الفائدة الحقيقية أو ارتفاع في توقُّعات التضخم”.تهدئة الأسواقساعدت التطمينات من رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بأنَّ ارتفاع التكاليف ما يزال تحت السيطرة على تهدئة الأسواق الأسبوع الماضي خاصة بعد أن أظهر تقرير صدر في 13 يوليو أنَّ مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بأكبر قدر منذ عام 2008 الشهر الماضي.وتراجعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من حوالي 1.42% في 13 يوليو إلى دون 1.30% في 16 يوليو، وهبط مؤشر “ستاندرد آند بورز” بنسبة 1%، لكنَّه ظلَّ على مسافة قريبة جداً من أعلى مستوى وصل إليه على الإطلاق أوائل الشهر الجاري، وواصلت أسهم التكنولوجيا الكبيرة، مثل “أبل إنك”، و”مايكروسوفت كورب” ارتفاعاتها برغم التراجع الأوسع في الأسهم.تمرير التكاليففي تلك الأثناء، برز التضخم وقدرة الشركات على تمرير التكاليف للعملاء كواحد من أهم الموضوعات في موسم نتائج الأعمال، وذُكرت كلمة التضخم في 87% من المؤتمرات الهاتفية لمناقشة الأرباح الشهر الجاري من قبل شركات “ستاندرد آند بورز 500” التي تتعقَّبها “بلومبرغ”، مقارنة بنسبة 33% في الفترة نفسها من العام الماضي.49 مرةذُكر التضخم في المؤتمر الهاتفي لـ”كوناغرا” يوم 13 يوليو، 49 مرة، وتراجعت أسهم الشركة المنتجة لمخللات “فلاستيك” (Vlasic)، والوجبات الخفيفة “سليم جيم” (Slim Jim) بعد أن خفَّضت توقُّعاتها لأرباح السنة المالية الحالية، لأنَّها ترى أنَّ تكاليف المدخلات المرتفعة ستؤثر على الهوامش، وخفَّض محللان تصنيفهما للسهم، الذي انخفض بنسبة 3.5%، وهو أكبر تراجع أسبوعي له في شهر.كان أداء شركة “بيبسي كو” أفضل؛ إذ رحب المستثمرون بتوقُّعات نمو الأرباح والإيرادات برغم تحذيرات التضخم، وقال جونستون، المدير المالي، إنَّ العملاء على استعداد لدفع المزيد مقابل منتجات الشركة، مما يساعد على تعويض تكاليف المدخلات المرتفعة، وصعد السهم 4.2% مسجلاً أفضل أسبوع له منذ مارس، وأغلق عند مستوى قياسي يوم الجمعة.البنوك بخيربالطبع، هناك الكثير من المديرين التنفيذيين الذين يعتقدون أنَّ المخاوف من التضخم الجامح مبالغ فيها، وفي مؤتمر مناقشة الأرباح الهاتفي لـ”جيه بي مورجان تشيس أند كو” الأسبوع الماضي، قال المدير التنفيذي، جيمي ديمون، للمحللين، إنَّ التضخم قد يكون أسوأ مما يتوقَّعه الاحتياطي الفيدرالي، ولكنَّه “لن يحدث أي فرق” إذا كانت الوظائف وفيرة والنمو قوي، وفي الوقت نفسه، قال رئيس مجموعة “غولدمان ساكس”، ديفيد سولومون، إنَّه يتوقَّع أن تكون الضغوط الناجمة عن التضخم مؤقتة، وأن “أي مخاطر ناتجة يمكن إدارتها بشكل مناسب”، وانخفض مؤشر “KBW ” لأسهم البنوك بنسبة 2.4% خلال الأسبوع، وهو أكبر هبوط في شهر.ومع ذلك، فإنَّ تلك الآراء المتفائلة ليست مفاجئة، نظراً لأنَّ الشركات المالية تتفوَّق في الأداء عندما يرتفع التضخم.وقال المحلل في “جيه إم بي سيكيوريتيز” (JMP Securities)، ديفن رايان: “بالتأكيد هناك مستوى معين من التضخم يمكن قبوله، وهو المستوى الذي قد يؤدي إلى أسعار فائدة أعلى، وبالتالي سيكون إيجابياً للبنوك”.ومن المرجح أن تكون القدرة على مواجهة آثار التضخم في صدارة أذهان المستثمرين الأسبوع الجاري عندما تعلن شركة “تشيبوتل ميكسيكان غريل إنك” (Chipotle Mexican Grill Inc)، و”كوكاكولا كو” عن نتائج الأعمال.وقال بيل ستون، مدير الاستثمار في شركة “غلين فيو ترست” (Glenview Trust Co): “كان الاقتصاد قوياً للغاية في الربع الثاني، لذا أتوقَّع أن تتمكَّن معظم الشركات من تحقيق صافي الأرباح، وكذلك الإيرادات.. ويتعلَّق الأمر برمَّته إذا كانوا قادرين على تمرير زيادات الأسعار للمستهلكين أم لا”