تزايدت المخاوف من إمكانية انتقال الضغوط الائتمانية المتزايدة في الصين، والناجمة عن الحملة الحكومية، إلى مجموعة من الصناعات وصولاً إلى المحافظ الائتمانية للمستثمرين الأمريكيين.وفقاً لرئيس استراتيجية الائتمان في “يو بي إس غروب” ماثيو ميش، يمكن لمديري الصناديق العالمية ذات العائد المرتفع، الذين يعانون من خسائر في محافظهم الائتمانية في آسيا، أن يتطلعوا إلى تقليل المخاطر في ممتلكاتهم، أو بيع مزيد من السندات عالية الأداء والسيولة مثل السندات الأمريكية مرتفعة العائد لتلبية عمليات الاسترداد. وقد يؤثر ضغط البيع في تقييمات الأوراق المالية التي وصلت إلى مستويات قياسية.
وخلال مقابلة معه عبر الهاتف قال ميش: “قد يختار المديرون تقليل المخاطر بشكل استباقي أو إذا كان في الائتمان الآسيوي سيولة أقل، وقد يبيعون بشكل جزئي أيضاً لأن الاختلافات في التقييم الإقليمي شديدة”.وفقاً لـ”بنك أوف أمريكا” تُعَدّ ضائقة الائتمان في الصين من أهم المخاطر التي تواجه أسواق الائتمان العالمية الآن، وذلك لأن الصين هي ثاني أكبر سوق لسندات الشركات المقوّمة بالدولار الأمريكي في العالم، بقيمة تبلغ نحو 425 مليار دولار من السندات القائمة، كما أنها ثاني أكبر موطن للديون ذات العائد المرتفع للدولار، بمبلغ يصل إلى 103 مليارات دولار، وفقاً لمذكرة كتبها الاستراتيجيان أوليغ ميلينتيف وإريك يو في وقت سابق من هذا الشهر.
كتب ميلينتيف ويو في مذكرة حول النسبة المئوية للسندات ذات الدرجة الاستثمارية العالية، وذات العائد المرتفع بالدولار، التي تُتداول عند فروق أسعار تزيد على 10 نقاط مئوية، أنه “عندما يُتداول 15% عند مستويات متعثرة، فإننا نولي الأمر اهتماماً”.وتبدو المخاطرة مرتفعة بما يكفي، إذ خفض فريق ديون الأسواق الناشئة في” تي روي برايس” (T. Rowe Price) حجم تعرضه للديون الصينية ذات العائد المرتفع منذ الربع الأول، كما تحول إلى السندات المالية غير المرغوب فيها، و ذات التنصيف الأعلى.من جانبه قال بن روبينز، المتخصص في محافظ الدخل الثابت العالمية، إن الحكومة كانت ترسل إشارات بشكل عام بأنها تعتزم السماح لمزيد من الشركات بالفشل، وهو أمر جيد في النهاية للنظام المالي هناك، حتى لو تُرجم إلى انخفاضات في الأسعار على المدى القريب.مخاوف متزايدةونشأت مخاوف متزايدة في الآونة الأخيرة في الأسواق المالية من حملة الصين المتصاعدة على الصناعات من التكنولوجيا وصولاً إلى التعليم والممتلكات.يتوقف جزء كبير من النتيجة لما سيحدث في الصين على ما ستفعله الحكومة في المرحلة التالية، إذ عقدت هيئة تنظيم الأوراق المالية في البلاد اجتماعاً افتراضياً مع المديرين التنفيذيين للبنوك الاستثمارية الكبرى الأربعاء الماضي، في محاولة لتهدئة مخاوف السوق بشأن التضييق على صناعة التعليم الخاص.ونشرت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة مقالات بعد حدوث اضطراب في الأصول الخطرة، أشارت فيها إلى المبالغة في البيع. وبعد تلك التحركات انتعش كل من الائتمان والأسهم الآسيوية في يوم الخميس، لكن الركود الأخير أصاب الأعصاب، إذ وصلت عائدات السندات الدولارية الصينية غير المرغوب فيها إلى أعلى مستوى لها في 15 شهراً، يوم الأربعاء وحده، وفقاً لمؤشر “بلومبرغ باركليز”.وأشار ميش من “يو بي إس غروب” إلى أنه “إذا كانت هناك إعادة هيكلة أو حدث ما في تلك السوق مع وجود جهة إصدار كبيرة، وبدأت ترى التداعيات، فستكون أمام سلسلة من التخلف عن السداد على نطاق أوسع، وشعور بأن هذا أصبح حدثاً منهجياً بشكل أكبر، وهذا من شأنه أن يغير الصورة”. ويضيف ميش: “إنها بالتأكيد نتيجة من النتائج المحتملة، لكنها ليست حالتنا الأساسية، وكثير من هذا يعتمد بشدة على الحكومة”.أزمة “إيفرغراند”تمثل شركة العقارات “تشاينا إيفرغراند” واحداً من أكبر المخاوف في أسواق الائتمان الصينية الآن، إذ كافح المطور الأكثر مديونية في العالم، وأكبر مُصدر للسندات الدولارية ذات العائد المرتفع في آسيا، لطمأنة السوق بأن لديه ذخيرة كافية للوفاء بقروضه بشكل جيد، مع جهود لمواجهة البائعين على المكشوف.وقد وُجّهت دعوى قضائية ضد الوحدة المحلية الرئيسية في “إيفرغراند” من قِبل شركة تعدين بسبب فواتير غير مدفوعة، وفي وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي خُفض التصنيف الإئتماني للشركة من قِبل “ستاندرد آند بورز” بشكل أعمق، ليهبط إلى مستوى “غير جديرة بالاستثمار فيها”، ما يُعَدّ ثالث تخفيض في تصنيف لـ”إيفرغراند” من قِبل شركة عالمية في غضون شهر تقريباً. وقالت “ستاندرد آند بورز” إنه رغم سداد “إيفرغراند” جميع سنداتها العامة المستحقة هذا العام، لكن إعادة تمويل السندات المستحقة العام المقبل ستكون صعبة إذا لم يتعافَ وصول المطور إلى سوق رأس المال في الوقت المناسب.وواصلت السندات الدولارية للمطور “إيفرغراند” المستحقة في عام 2025 تراجعها لليوم الرابع على التوالي يوم الخميس، إذ انخفضت إلى نحو 44.5 سنت، مسجلة أدنى مستوى قياسي، وفقاً للأسعار التي جمعتها “بلومبرغ”.ورغم أن تداعيات “إيفرغراند” والمخاطر التنظيمية الصينية قد جرى احتواؤها إلى حد كبير في آسيا حتى الآن، لكن أحد مصادر ضعف السندات الأمريكية غير المرغوب فيها يتمثل في أن تقييماتها مرتفعة نسبياً. ووصل مؤشر العائد الإجمالي لسندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية العالية الأمريكية في مؤشر “بلومبرغ باركليز” إلى مستوى قياسي في 12 يوليو الجاري، وكان يحوم بالقرب من هذا المستوى مؤخراً. واعتباراً من يوم الثلاثاء، كان المؤشر أقل 0.2% فقط من ذروته.