السواد يتشح بلدة التليل العكارية التي تعرضت لـ”مجزرة بنزين” راح ضحيتها 28 شخصاً وجرح عشرات آخرون نتيجة انفجار خزان محروقات كانت معدة للتهريب.
فيما تنتشر قنابل موقوتة في العديد من المناطق اللبنانية حيث يصار الى تخزين كميات كبيرة من مادتي البنزين والمازوت شبه المفقودتين في السوق، إما بغرض الاستفادة من بيعها وفق أسعار السوق السوداء أو تهريبها الى الداخل السوري والموثق بالصور والفيديو.
وفي هذا الوقت، لا تزال الطوابير أمام محطات البنزين على حالها، فيما تكاد مادة المازوت تنقطع عن المستشفيات والمولدات الخاصة التي تحل اليوم محل الدولة في توفير ساعات باتت قليلة من الطاقة الكهربائية.
وسط هذا المشهد المأسوي وبانتظار الاتفاق بين وزارة الطاقة ومصرف لبنان على السعر الجديد لصفيحة البنزين بعد قرار المصرف المركزي تأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات معتمداً الآلية السابقة إياها، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة تبعا لأسعار السوق، ومع إصرار مصرف لبنان على أنه لن يفتح أي اعتمادات جديدة إضافية من دون غطاء من مجلس النواب يتيح له التصرف بالاحتياطي الإلزامي، أشارت معلومات إلى أن وزارة الطاقة أنجزت الإجراءات لفض عروض المناقصة التي أطلقتها (نشرتها على موقعها الرسمي في السادس من الجاري) لاختيار شركة ستقوم بعملية مقايضة للنفط العراقي بفيول ملائم لمعامل إنتاج الكهرباء، وذلك بعد تأخير غير مبرر لوضع الاتفاقية من الجانب العراقي موضع التنفيذ.
فبغداد وبيروت وقعتا في الرابع والعشرين من تموز الماضي على الاتفاقية التي يمنح العراق بموجبها لبنان مليون طن من زيت الوقود الثقيل مقابل “خدمات وسلع”.
علماً ان اتفاقاً أولياً وقعه البلدان في نيسان الماضي، نص على تأمين بغداد النفط للبنان مقابل تقديم لبنان الدعم في مجال الخدمات الطبية والاستشفائية، لا سيما عبر إرسال خبراء لبنانيين وفرق طبية متخصصة للمساعدة في إدارة منشآت طبية جديدة في العراق.
لكن غموضاً يلف مضمون هذه الاتفاقية التي لم ينشر مضمونها، وسط تكتم شديد من قبل وزير الطاقة ريمون غجر الذي كان يماطل في وضع الاتفاقية قيد التنفيذ ويبتز في المقابل اللبنانيين بالعتمة في حال لم يتم تأمين الفيول عبر سلفات خزينة تستنزف احتياطات مصرف لبنان بالعملات.
ونشير هنا الى ما نشر في صحيفة “أحوال” العراقية منذ ايام، عن “مصادر”، قولها إن غجر يتحمل مسؤولية تأخير استفادة لبنان من 8 ساعات كهرباء يومياً لمدة 6 أشهر، وإنه يتأخر في إطلاق مناقصات استبدال الفيول العراقي، كما المناقصات لشحنه إلى لبنان بعد استبداله. وتستند المصادر إلى أن وزير الطاقة “لم يفكر بإجراء المناقصات في وقت مبكر لتأمين وصول الفيول إلى لبنان فور توقيع العقود”.
النفط الايراني
في مقابلة مع قناة “المنار”، كشف السفير الايراني في بيروت محمد جلال فيروزنيا أن هناك “نتائج ملموسة قريباً بخصوص المحروقات الايرانية الى لبنان”.
وكان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أعلن هذا “المخرج” في مناسبات عديدة وآخرها خطابه الأخير الأحد في ذكرى عاشوراء قال فيه “انّ النفط (الايراني) بات قريباً ومحسوماً وسينقل جهاراً نهاراً وسنعلن عن تفاصيله في اليومين المقبلين”.
وهو في ذلك يحاول التخفيف من النقمة التي بدأت تظهر في بيئته خلال الفترة الأخيرة لاسيما الإشكال الذي تعرض له نائب “حزب الله” حسين الحاج حسين أثناء مشاركته في مجلس عزاء في منطقة علي النهري البقاعية ومطالبته بالخروج من الحسينية، او التحركات أمام عدد من منازل المسؤولين في الحزب في الضاحية أو الاشكالات التي تحصل داخل بيئته في الجنوب.
في المعلومات أن ثلاث بواخر نفط إيرانية كانت رست في مرفأ بانياس السوري – وليس في مرفأ بيروت كما كان أصرّ نصرالله وذلك في تحايل على العقوبات الاميركية – بوشر تفريغها عبر صهاريج ونقلها الى لبنان.
وكان “لبنان الكبير” كشف أن الحصة الكبرى للبنزين الإيراني ستكون لمحطات “الأمانة” للمحروقات والتي تنتشر على مختلف الأراضي اللبنانية والتي أدرجت على لائحة العقوبات العام الماضي بسبب ارتباطها بـ”حزب الله”.
وكان موقع “تانكرز تراكرز” الذي يقدم خدمة تعقب ناقلات النفط على الإنترنت، كشف في 13 حزيران الماضي أن سفينة “عرمان 114” التي ترفع العلم الايراني رست في ميناء بانياس في سوريا. وقال الموقع إنه تمكن من تعقب “عرمان 114” مع سفينتين أخريين تحملان الخام الإيراني، وأن الميناء هو بانياس السوري وليس بيروت.
هل يعني اعتماد مرفأ بانياس تحايلاً على العقوبات؟
يقول مراقبون في هذا الاطار إنه على الرغم من أن إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن أشارت إلى استعدادها لاستئناف المفاوضات مع إيران، إلا أن العقوبات الأميركية لا تزال سارية. ويعتبرون انه حتى ولو دفع لبنان ثمن الوقود بالليرة أو حاول “حزب الله” استيراد الوقود خلسة من ايران، لن يمكن لواشنطن مراقبة هذه الشحنات ووقفها.
من جهته، شرح فرزين نديمي، الكاتب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والخبير في شؤون الأمن والدفاع لإيران ومنطقة الخليج العربي، انه “يمكن للكونغرس الأميركي إصدار قانون، أو قد يصدر الرئيس امراً تنفيذياً يعاقب الناقلات الفردية ويطلب من الدول الأخرى إيقافها بمجرد دخولها إلى مياهها الإقليمية، وإلا مواجهة العقوبات”.
اضاف نديمي لمجلة “فورين بوليسي” أن “إيران تمتلك أحد أكبر أساطيل الناقلات ولديها خبرة كبيرة في كيفية إخفاء حركة شحناتها النفطية، وانها تقوم بانتظام بتغيير الأعلام الموجودة على سفنها، وتعيد تسمية الناقلات، وتوقف أنظمة تحديد الهوية التلقائية الخاصة بها لتجنب التعقب.
اضافة إلى ذلك، وفقًا لتقرير وزارة الخزانة الأميركية ، نشرت إيران مجموعة من الشركات الواجهة بمساعدة حزب الله لتتمكن من بيع نفطها على الرغم من العقوبات”.