أظهر تقرير جديد أصدره “معهد المحاسبين الإداريين” حول حالة التكنولوجيا في مجالي المالية والمحاسبة في منطقتي الشرق الأوسط والهند، تحولاً رقمياً واسعاً على مستوى وظائف المالية والمحاسبة للشركات من مختلف الأحجام والتي تنشط في كلتا المنطقتين.
ويعتبر التقرير الأول من نوعه على الإطلاق، ويسلط الضوء على تأثير التكنولوجيا على وظائف المالية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والهند على مدار عامين.
وحسب التقرير، شهدت مسيرة التحول الرقمي تقدماً متسارعاً في مختلف أنحاء المنطقة، مدفوعة بالتنافس الطبيعي بين الشركات وتداعيات جائحة “كوفيد-19”.
وتشهد أتمتة العمليات الروبوتية اعتماداً واسعاً في جميع المناطق ويعد الذكاء الاصطناعي وحوكمة البيانات من أهمّ المهارات التقنية بالنسبة لوظائف المالية.
وبهذه المناسبة، قالت مديرة العمليات لدى “معهد المحاسبين الإداريين” في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والهند: هنادي خليفة، إن توجهات التحول الرقمي تسهم في إحداث تغييرات جوهرية تشمل طريقة مزاولة الشركة لأعمالها وكيفية اتخاذها وتطبيقها للقرارات وتقييمها لموظفيها، وبالتالي كيفية توفير القيمة لعملائها.
وأضافت هنادي أنه ينبغي للوظائف المالية أن تواكب هذا التحوّل لتحافظ بذلك على أهميتها وقدرتها على تعزيز تنافسية الشركات، موضحة أن مشاركة أقسام الشؤون المالية في هذا التحول يتباين إلى حد كبير من شركة لأخرى، لا سيما عند تناوله من منظور حجم الشركة”.
وفيما يتعلق بالتحول الرقمي الشامل في مجال الشؤون المالية، شهد أكثر من نصف الشركات الكبيرة (ألف موظّف أو أكثر) تطبيق مسارات التحوّل الرقمي إلى حدّ كبير.
وفق التقرير، تعتبر هذه النسبة أعلى بكثير (50% تقريباً) قياساً بمعدل تطبيق مسارات التحول الرقمي على مستوى وظائف المالية في الشركات الصغيرة (أقلّ من خمسين موظّفاً).
في الواقع، سجلت النسبة المئوية للوظائف المالية في الشركات الكبيرة التي أعلنت عن اعتماد تحولات رقمية واسعة النطاق بين عامي 2019 و2020 زيادة كبيرة بمقدار النصف تقريباً.
وكان هذا التغيير ملحوظاً على نحو أكبر بين الشركات متوسّطة الحجم، التي غالباً ما تعاني من هوامش أضيق وموارد أكثر محدودية، مع تسجيلها لزيادة في هذه النسبة بواقع أكثر من الضعف.
وعلاوة على ذلك، تؤثر التكنولوجيا أيضاً على العمليات المالية، بدءاً من التخطيط المالي ووضع الميزانيات، وهي المشكلة الأبرز التي تواجه المديرين التنفيذيين للشؤون المالية والتي ساهمت الجائحة في زيادة حدتها. وبينما تلجأ الشركات بمختلف أحجامها إلى التكنولوجيا لتحسين عمليات التخطيط ووضع الميزانيات.
ويرجح لهذا أن ينطبق بشكل أكبر على الشركات الكبيرة (59%) بالمقارنة مع الشركات الصغيرة. وليست هذه النتيجة المتسقة عبر جميع الدول الخاضعة للدراسة مفاجئةً، باعتبار أن الشركات الكبيرة تشهد حاجة أكبر للتخطيط الاستراتيجي المتكامل كما أنها تمتلك موارد أوسع يمكن تخصيصها لهذا الغرض.
ويتركز التأثير الأكبر للثورة الرقمية على العمليات التي تتطلب أتمتة المهام الروتينية المتكررة، حيث يتألف العديد من العمليات المالية من مهام مشابهة وتعتبر بمثابة مرشح محتمل لخوض التحول الرقمي.
وتابع التقرير: “بهدف تعزيز القيمة وتقليص التكاليف التشغيلية، يتجه العديد من الشركات نحو أتمتة العمليات الروبوتية للمساهمة في إحداث نقلة نوعية على مستوى العمليات التنظيمية والمالية. وقد سجلت أنشطة تطبيق تقنيات أتمتة العمليات الروبوتية زيادة هائلة”.
وأشارت نسبة 57% من الشركات إلى أنها لم تطبق تقنيات أتمتة العمليات الروبوتية 2019. وبعد مرور عام واحد، انخفضت نسبة الشركات المشمولة بالدراسة والتي لم تباشر هذه الرحلة إلى 28% فقط.
ويقود قسم الشؤون المالية أنشطة تطبيق أتمتة العمليات الروبوتية في 22% من الشركات، وفي 43% من الشركات الأخرى، يتعاون قسم الشؤون المالية مع قسم تكنولوجيا المعلومات للمضي قدماً في العملية. وفقط في 26% من الشركات، يلعب قسم الشؤون المالية دوراً محدوداً (حيث يقود قسم تكنولوجيا المعلومات أنشطة تطبيق أتمتة العمليات الروبوتية وينحصر دور قسم الشؤون المالية بتقديم المشورة)، بينما لا يلعب قسم الشؤون المالية أي دور يذكر في النسبة المتبقية من الشركات والبالغة 9%، وكانت هذه النتيجة متسقة عبر جميع البلدان المشمولة بالدراسة.
وكانت نسبة الشركات الكبيرة التي طبقت الأتمتة الذكية (أي أتمتة العمليات الروبوتية إلى جانب تطبيقات الذكاء الاصطناعي) قد ارتفعت من 18% إلى 32% بين عامي 2019 و2020، في حين ارتفعت نسبة الشركات متوسطة الحجم من 2% إلى 16%. ولكن الشركات الأصغر حجماً لا تزال متأخرة عن نظيراتها الأكبر، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن قدرتها على اعتماد التقنيات الرقمية بالشكل المناسب.
وبالرغم من الفوائد التي يوفرها اعتماد قدرات التكنولوجيا والتحليلات المتقدمة، تواجه الغالبية العظمى من الشركات (95%) بعض التحديات على صعيد تطوير هذه القدرات. وتتمثل التحديات الأكثر انتشاراً في تكلفة الاستثمار في تقنيات جديدة (30.3%) يليها مباشرة تطوير المهارات اللازمة لدى الموظّفين الحاليين (29.4%) ومحدودية موارد الموظّفين والتركيز على المبادرات المتنافسة (29.2%) وصعوبة تعيين موظفين يمتلكون المهارات اللازمة 28.6%.
خلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن مسألة اعتماد التقنيات الجديدة وزيادة استخدام أدوات وتقنيات التحليلات المتقدمة ساهمت في تغيير شكل العلاقة بين الشؤون المالية وغيرها من المجالات التنظيمية. وبالنسبة إلى الشركات بمختلف أحجامها، تجد 78% منها أن الشؤون المالية باتت تعتبر بمثابة شريك حقيقي للأعمال، إذ إنها تساعد على تحسين عملية اتّخاذ القرارات وإدارة الأداء.