السوق السوداء “تستعر”.. ونار المحروقات تهدّد بانهيار كامل للاقتصاد!

1 سبتمبر 2021
السوق السوداء “تستعر”.. ونار المحروقات تهدّد بانهيار كامل للاقتصاد!

كتب خالد أبو شقرا في نداء الوطن: مع استمرار “غرق” كل ما هو مدعوم في “بحر” المحتكرين ومنتهزي الفرص، “فاشت” على وجه السوق السوداء فئة جديدة من “أثرياء الدعم”. أفراد ومجموعات يختلفون من حيث الحجم والنفوذ، ويتشابهون في طريقة عملهم التي تشبه “المنشار”. فهم يأكلون ما تبقى من أموال المودعين بـ”الطالع”، وينهشون من جيوب محتاجي السلع عـ”النازل”. وإذا كان فشل الدعم الذريع هو المحفز لهذه الفوضى القاتلة فان السؤال الجوهري يبقى: هل ستنتهي السوق السوداء بعد رفع الدعم كلياً؟
 
على الرغم من تخفيض الدعم على المحروقات وارتفاع سعر صفيحتي البنزين والمازوت بنسبة 65 و69 في المئة على التوالي، فان المادتين ما زالتا مفقودتين، وتباعان في السوق السوداء بأسعار خيالية. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأدوية التي خفض الدعم عليها لتباع على اساس 13650 ليرة للدولار، فهي مفقودة عن رفوف الصيدليات، وموجودة عند “تجار الدواء” بسعر أعلى من سعر السوق الموازية. حتى أن القمح والطحين والخبز لم تُستثنَ من التهريب، ويجري بيعها بأسعار مرتفعة جداً. والسبب لاستمرار توسع السوق السوداء بشكل فظيع، يعود بحسب علم الإقتصاد إلى أمرين: الأول يرتبط بالعلاقة العكسية مع الحرية الإقتصادية، حيث يدفع تقلص الحرية الإقتصادية إلى توسع السوق السوداء، والعكس صحيح. والثاني عدم قدرة الانتاج المحلي والإستيراد الخارجي على تغطية الطلب الداخلي. فيزداد الطلب بشكل كبير عن العرض ويصبح من مصلحة العارضين بيع البضائع خِفية بأسعار عالية جداً، لكل من يكون مستعداً لدفع السعر الأعلى.
 
تنتهي بانتهاء الدعم
الحالتان تنطبقان على الوضع في لبنان. فاستمرار العمل بسعر الصرف الرسمي الوهمي المحدد بـ 1500 ليرة بشكل عام، وعدم رفع الدعم بشكل خاص، يعنيان أن الإقتصاد مقيّد ولا يتمتع بالحرية. فيما يؤدي استمرار الدعم من الجهة الأخرى و”التقطير” في فتح الاعتمادات بالنسبة للمحروقات والدواء إلى ارتفاع الطلب عن العرض بأضعاف مضاعفة. خصوصاً في ظل غياب النقل العام والاعتماد الكبير على النقل الخاص، وتزايد الحاجة بشكل هستيري على المازوت لتأمين الكهرباء من المولدات الخاصة. هذه الحالة الشاذة “سوف تنتهي مع رفع الدعم”، يجزم الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين. فـ”السوق السوداء تتغذى من وجود سلع مدعومة. ومع تحرير الأسعار وفتح الإستيراد والبيع بسعر الكلفة، ينتفي مبرر التخزين والبيع بأسعار غير حقيقية من جهة، ويتراجع من الجهة الأخرى الإستهلاك والطلب نتيجة ارتفاع الأسعار. وفي كلتا الحالتين تنعدم مبررات وجود السوق السوداء، فتختفي وتعود الأمور إلى طبيعتها”.
 
وبحسب شمي الدين فان “ما نشهده اليوم من عمليات بيع وشراء في السوق السوداء يعود للتخزين أكثر منه للبيع، ولتحقيق هامش ربح كبير. وعلى الرغم من وجود فئة تتاجر بالأدوية، والمحروقات بشكل خاص، وتبيعها بأسعار مرتفعة جداً لمن يستطيع شراءها من أصحاب الدولارات الطازجة، فان هذ العمليات تبقى محدودة نظراً لانخفاض أعداد من يستطيعون دفع مبالغ كبيرة للحصول على هذه السلع. وبرأيه فان الأغلبية تعمد اليوم إلى تخزين ما أمكنها من هذه السلع تحضيراً لمرحلة رفع الدعم كلياً في نهاية أيلول للاستفادة من فرق السعر. خصوصاً أن أسعار المحروقات ستتضاعف.