خلال السنوات الخمس الماضية، أغلقت نحو 40% من المتاجر ذات الأقسام المتنوعة أبوابها في الولايات المتحدة، ما يعني أن كثيراً من مراكز التسوق والمباني الضخمة، المصممة على شكل صناديق، والتي كانت تباع فيها فساتين حفلات التخرج وتُجرّب عيّنات العطور، ستُهدَم، إلا أن البعض منها قد يجد استخدامات جديدة.
ما الغاية من إعادة استخدام هذه المتاجر على الرغم من أنها تُعَدّ مشروعات جوفاء في عالم البيع بالتجزئة؟ في الواقع، بدأ مالكو العقارات والمصممون المعماريون يكتشفون أن في التكاليف توفير وفوائد بيئية من خلال تكيّف الأعمال مع المباني القديمة بدلاً من هدمها. إلى ذلك، فإن عديداً من المتاجر المدنية ذات الأقسام المتنوعة يضمّ تصاميم هندسية تاريخية عالية الجودة، ويتمتع بمواقع ممتازة في وسط المدن، وبنوافذ ضخمة في الطوابق الأرضية، وبكثير من المساحات الطابقية المفتوحة. أمّا المتاجر في الضواحي التي غالباً ما تكون بسيطة التصميم وبلا نوافذ فهي تضمّ المساحات الطابقية الواسعة ذاتها من الداخل، كما تقع في أماكن مناسبة قرب تقاطعات الطرق الرئيسية (ليس من المستغرب إذاً أن بعض هذه المتاجر تحوَّل إلى مراكز تلقيح مؤقتة ضد فيروس كورونا).
قال أوين هوبكينز، مدير مركز “فاريل” (Farrell) المتخصص بالبحوث والتخطيط في جامعة نيوكاسل في إنكلترا: “كان السؤال الكبير على صعيد المدني في الثمانينيات والتسعينيات هو: ما الذي سنفعله بالمناطق الصناعية السابقة في كلّ مدننا الكبرى؟ أما في عشرينيات القرن الحادي والعشرين فقد أصبح السؤال: ماذا يمكننا أن نفعل بالمساحات ما بعد حقبة متاجر البيع بالتجزئة؟”.كلّيةأمضت كلّية المجتمع في أوستن بولاية تكساس أكثر من عقد من الزمن وهي تحوّل مركز التسوق السابق “هاي لاند” إلى حرم جامعي متعدد الاستخدامات، وذلك بالشراكة مع شركة التطوير العقارية “ريدليف بروبرتيز” (RedLeaf Properties). ففي عام 2014 أُعيد افتتاح متجر “جي سي بيني” ( J.C. Penney) البالغ عمره خمسين سنة، على شكل مساحة أكاديمية، بعدما أضافت شركة الهندسة المعمارية “بارنز غروماتزكي كوساريك” (Barnes Gromatzky Kosarek) قبة مركزية في السقف وصالة زجاجية مفتوحة. كما حوّلت شركتا التصميم المعماري “غينسلير وستاينبومير” (Gensler and Steinbomer) و”برامويل وفرازيل” (Bramwell & Vrazel) متجر “ديلاردز” (Dillard’s) السابق في مركز التسوق إلى مقرّات لمحطة “KLRU” التابعة لقناة “PBS” في أوستن ومنشآت بثّ جامعية ومكاتب.مكتبةتبدو “مكتبة مؤسسة ستافروس نياركوس” (SNFL) الواقعة في الجادة الخامسة في مانهاتن، وهي من تصميم “ميكانو وباير بليندر بيل” (Mecanoo and Beyer Blinder Belle)، في مكانها المناسب في أحضان مبنى من طراز الإمبراطورية الثانية، كان قد افتتح أبوابه في عام 1914 كفرع في الجزء الأعلى من المدينة تابع لسلسة متاجر “آرنولد كونستابل آند كو” (Arnold Constable & Co)، التي تُعتبر أول سلسلة متاجر ذات أقسام متنوعة في الولايات المتحدة. فالتخطيط الجليّ ومجالات الرؤية الواسعة لا تزال من المزايا التي يتمتع بها المبنى، على الرغم من خضوعه لأعمال ترميم سابقة. وقالت المديرة الشريكة لـ”باير بليندر بيل” إليزابيت ليبير: “إن كنت تريد الحصول على المساعدة في إعداد سيرتك الذاتية، فستتمكن من الدخول والتوجه مباشرة إلى المكان المقصود”.مساحة مكتبيةفي العام الماضي اشترت “أمازون” متجر “لورد آند تايلر” السابق المجاور لـ”مكتبة مؤسسة ستافروس نياركوس”، إذ تخطط لتحويل المبنى الأيقوني العائد إلى عام 1914 إلى مساحة مكتبية تمتد على 630 ألف قدم مربعة، وتضمّ ألفَي موظف. كما تخطط الشركة لإضافة طابقين وشرفة على سطح المبنى المؤلف من 11 طابقاً، فيما تعيد ترميم الواجهة، مستغلة الأسقف العالية في المبنى والنوافذ الضخمة القابلة للإقفال والفتح. وعلى صعيد منفصل، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن “أمازون” تخطط أيضاً لافتتاح متاجر للبيع بالتجزئة، ستشكل نماذج أصغر عن المتاجر ذات الأقسام المتنوعة.