الدعم مرفوع والبطاقة النقدية “تأتي متأخرة”

9 سبتمبر 2021
الدعم مرفوع والبطاقة النقدية “تأتي متأخرة”
المحرر الاقتصادي

رفع الدعم عن المحروقات بات مسألة مفروغاً منها لن تتعدى الأيام وليس في نهاية أيلول كما افترضه رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة المستقيلة حسان دياب حين اتُفق في 21 آب الماضي على صيغة لدعم استيراد المحروقات تقضي ببيع مصرف لبنان الدولارات للمستوردين وفق سعر صرف المنصة مقابل تسعير وزارة الطاقة المحروقات على سعر 8 آلاف ليرة للدولار، وتسجيل فارق السعرين كديون لمصرف لبنان على الحكومة، إضافة لفتح حساب موقّت لتغطية دعم المحروقات من مازوت وبنزين بـ225 مليون دولار لغاية آخر أيلول.

كان يفترض أن يتم خلال هذه الفترة إطلاق البطاقة التمويلية من أجل التعويض عن بعضٍ من الدعم الذي سيرفع حكماً. لكن لم يحصل هذا الامر بعد. وحتى ولو حصل وتقرر اليوم عقد مؤتمر صحافي – وهو كان مقرراً منذ أيام عدة – لاطلاق عمل المنصة الالكترونية (impact) لبدء تسجيل الأسر التي ستستفيد من هذه البطاقة، فهو يأتي متأخراً ولن يواكب عملية رفع الدعم.

نشير مجدداً الى أن قانون إصدار البطاقة النقدية الذي أقره مجلس النواب في 30 من حزيران الماضي ينص على استفادة 505 آلاف أسرة من الدعم النقدي وبتكلفة قدرت على مدار سنة واحدة بـ556 مليون دولار. ومن المقرر أن تحصل الأسرة على مبلغ شهري يراوح بين 93 دولاراً و126 دولاراً.

أسباب كثيرة تحجّم الأهداف المتوخاة من اصدار بطاقة نقدية لمساعدة الفئات الاكثرا فقراً أبرزها:

-لقد مضى أكثر من عام ونصف العام على الاعلان عن وجوب توفير شبكة أمان اجتماعي وإطلاق بطاقة نقدية تساعد اللبنانيين في مواجهة الازمة المركبة.

ولكن حين طرحت هذه الفكرة، كان عدد الفقراء الذين أحصتهم اللجنة الاقتصادية والاجماعية لغربي آسيا (الاسكوا) يناهز الـ52 في المئة، وهو اليوم يبلغ 82 في المئة بحسب “الاسكوا” أيضا.

أي ان البطاقة النقدية لن تستطيع تغطية العدد الأكبر من الذين وضعوا قسراً اليوم في خانة الفقراء بسبب عدم مسؤولية من هُم في الحكم على اتخاذ قرارات اجتماعية طارئة تساند اللبنانيين أيا تكن انتماءاتهم أو مذاهبهم.

-لم تحسم مسألة نوع العملة التي يصار على أساسها دفع المساعدة النقدية والتي يشدد البنك الدولي على وجوب أن تكون بالدولار فيما يفضل مصرف لبنان على أن تكون بالليرة مقابل احتفاظه بالعملات الصعبة في خزائنه.

لكن الدفع بالليرة سيفاقم الكتلة النقدية التي هي في التداول والبالغة نحو 52 ألف مليار ليرة والتي سترتفع أصلاً بفعل القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للدفاع وبينها زيادة بدل النقل الى 24 ألف ليرة لموظفي القطاع العام ومنح الموظفين راتباً شهرياً.

-لم يحسم بعد الموضوع الأبرز المتعلق بمصدر تمويل البطاقة، علما أن الآلية التي أقرتها في السادس من آب الماضي اللجنة الوزارية المختصة البحث في تمويلها، أشارت الى”مصادر تمويل عديدة” منها إعادة توجيه نحو 300 مليون دولار من مشروع الطرق الممول من البنك الدولي، و/أو من ضمن حقوق السحب الخاصة بلبنان التي أقرها صندوق النقد الدولي والبالغة 860 مليون دولار مع اقتراح اقتطاع مبلغ 300 مليون منها بالاتفاق مع مصرف لبنان لكون المبلغ الإجمالي سيودع في المصرف المركزي بهدف تعزيز احتياطاته من العملات (لم يدخل المبلغ بعد في ميزانية مصرف لبنان).

-لا توجد آلية واضحة أو معايير دقيقة حتى هذه اللحظة لإطلاق البطاقة على رغم الإعلان عن إطلاق منصة impact لبدء تسجيل الأسر التي قد تستفيد من المساعدة النقدية.

كما ان مسار تحديد الأسر سيكون طويلاً قبل الحصول على البطاقة.

وبالتالي لن تبدأ العائلات اللبنانية من الاستفادة من البطاقة، في حال اصدارها- قبل شهرين على افتراض اطلاق المنصة اليوم.

– تعبر بعض المؤسسات الدولية عن قلقها من تأخير اطلاق البطاقة النقدية ومن أن تستخدم كمنصة انتخابية مع اقتراب الاستحقاق النيابي، والتحكم بمسار الانتخابات من خلال توزيع هذا النوع من المساعدات.

كل ما تقدم يعني أن معاناة اللبنانيين ستكون أضعافاً مضاعفة على ما هي عليه اليوم وسط المزيد من الشح في حصولهم على الليرة بفعل تقييد السحوبات بالعملة المحلية.

وحتى لو صدرت البطاقة النقدية فهي ليست الحل المنشود.

ما نحتاج اليه البارحة قبل اليوم هو وقف النزيف الاقتصادي لتبدأ بعدها مرحلة التعافي في ظل حكومة تطبق إصلاحات هيكلية وبنيوية معروفة.

لكن ما يحصل على صعيد تشكيل الحكومة لا يبشر بأن النزيف سيتوقف قريباً.

المصدر لبنان الكبير