ميزان المدفوعات فائضاً للمرة الأولى منذ آب 2019

12 سبتمبر 2021آخر تحديث :
ميزان المدفوعات فائضاً للمرة الأولى منذ آب 2019
المحرر الإقتصادي

في نهاية العام 2020، سجل ميزان المدفوعات، الذي يحصي الأموال الصافية التي دخلت لبنان وتلك التي خرجت منه، عجزاً تراكمياً كبيراً وصل الى نحو 10.55 مليارات دولار بعدما كان سجل 5.85 مليارات دولار تقريباً في نهاية العام 2019.

وكان من الطبيعي أن يسجل ميزان المدفوعات عجوزات في ظل الشح الكبير في تدفق الرساميل والعجز المتواصل في الميزان التجاري، على رغم تناقصه بسبب تراجع الاستهلاك.

فكما هو معلوم، يتكون ميزان المدفوعات بشكل رئيسي من الميزان التجاري وميزان الرساميل.

وكل فائض في ميزان المدفوعات تاريخياً يكون ناتجاً من فائض كبير في ميزان الرساميل يساهم في التعويض بفائض أكبر من عجز الميزان التجاري، الذي لطالما عرف تاريخياً تراكم عجوزات في لبنان.

منذ العام 2011، بات العجز في ميزان المدفوعات هو “الرائج” بفعل بدء حالة عدم الاستقرار السياسي نتيجة الانقلاب على الحكومة الأولى للرئيس سعد الحريري وتشكيل حكومة من لون واحد. فانقلبت الإحصاءات من اللون الاخضر الى اللون الأحمر للتعبير عن مستوى العجز المسجل.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، حقق ميزان المدفوعات بين السنوات 2002 و2010 فوائض تراكمية مهمة جداً تخطت الـ25 مليار دولار ليبدأ المنحى التنازلي في العام 2011. ففي خلال ثماني سنوات، أي بين العام 2011 و2019، سجل ميزان المدفوعات عجزاً تراكمياً بلغ نحو 22 مليار دولار (باستثناء العام 2016 حين حقق فائضاً نتيجة الهندسات المالية التي نفذها مصرف لبنان والتي ساهمت في دخول أموال طازجة الى لبنان).

الجديد اليوم، هو أن يحقق ميزان المدفوعات فائضاً شهرياً في تموز الماضي للمرة الأولى منذ آب 2019 ليبلغ 38.7 مليون دولار.

علماً أنه على أساس سنوي، سجل عجزاً تراكمياً حتى شهر تموز قدره ملياراً و733 مليون دولار مقارنة بعجز بـ5 مليارات و532 مليون دولار في الفترة نفسها من العام 2020. ففي خلال سبعة أشهر، انخفضت الموجودات الصافية بالعملات الأجنبية لمصرف لبنان بواقع 3 مليارات و458 مليون دولار فيما ارتفعت الموجودات الصافية بالعملات للمصارف التجارية بواقع مليارين و108 ملايين دولار.

وللتدقيق في تفاصيل هذه الأرقام، يجب تحليل الموجودات الصافية بالعملات للمصارف التجارية التي هي في الواقع الفرق بين موجوداتها ومطلوباتها الأجنبية.

فبالنسبة إلى شهر تموز وحده، يمكن أن يعزى الانخفاض في المطلوبات إلى حد كبير إلى الانخفاض الشهري في “ودائع العملاء غير المقيمين”.

إذ انخفضت إلى حدود 26.1 مليار دولار بتراجع 1.2 مليار دولار عن نهاية العام 2020. هذا يعني أن ودائع غير المقيمين بالعملات يتم سحبها بالدولار، وهو ما يفسر جزئياً الزيادة في الموجودات الصافية بالعملات للمصارف نظراً لانخفاض المطلوبات الأجنبية.

في المقابل، ارتفعت الموجودات الأجنبية بشكل رئيسي بعد انخفاض “المطالبات على العملاء غير المقيمين” إلى 3.8 مليارات دولار، كما انخفاض المطالبات على “القطاع المالي غير المقيم” إلى 4.7 مليارات دولار.

أما في ما يتعلق بتراجع قيمة الموجودات الأجنبية لمصرف لبنان، فإن ذلك يرجع بشكل أساسي إلى استمرار دعم السلع الأساسية، والذي سيتوقف قريباً.

أما في شق الميزان التجاري الذي يمثّل عجزه جزءاً مهماً من عجز ميزان المدفوعات، فإن آخر الارقام المتوافرة من إدارة الجمارك عن الربع الأول من العام 2021، أن العجز عاد للارتفاع مجدداً بعد انخفاضات كبيرة نتيجة التراجع الهائل في الاستهلاك وبالتالي في الاستيراد.

فقد شهد الربع الاول من هذا العام زيادة صافية في المستوردات بنسبة 13.6 في المئة لتصل الى 3.3 مليارات دولار من 2.6 ملياري دولار (بسب زيادة نسبتها نحو المئة في المئة في معدات النقل)، مقابل انخفاض في الصادرات بنسبة 23.5 في المئة إلى 700 مليون دولار (نتيجة تراجع صادرات المنتجات المعدنية) من 900 مليون، وهو الأمر الذي أدى الى ارتفاع العجز بنسبة 30.4 في المئة ليسجل 2.6 ملياري دولار من ملياري دولار.

وقد سجل التراجع الاكبر في التصدير الى سويسرا بلغت نسبته حوالى 80 في المئة، فيما كان لافتاً أن التصدير الى الولايات المتحدة زاد بنسبة 72 في المئة.

وفي المقابل، سجل الاستيراد من سويسرا ارتفاعاً بنسبة 117 في المئة تلتها الين التي ارتفع حجم الاستيراد منها بـ56 في المئة.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.