محاربة للفساد أم “بهرجة” إعلامية؟

12 أكتوبر 2021آخر تحديث :
محاربة للفساد أم “بهرجة” إعلامية؟

نشرت مجلة “الاقتصاد والأعمال” مقالاً تحت عنوان: “أوراق باندورا: محاربة الفساد أم “بهرجة” إعلامية” أشارت فيه إلى أنّ تلك الأوراق “تحولت بفعل فاعل من جهد صحافي استقصائي كبير إلى بهرجة إعلامية بتحميلها أكثر مما تحتمل والإيحاء أنها تتعلق بفساد السياسيين والحكام ورجال الأعمال”.

 
وأضاف المقال: “الأدهى ان المفاخرة الإعلامية غير المسبوقة والاستخدام غير البريء لهذه الأوراق تستند إلى سرقة موصوفة لوثائق وممتلكات شخصية من قبل شركة مؤتمنة على هذه الوثائق. وإذا كان يمكن تبرير أو قبول استخدام المسروقات لفضح سياسيين فاسدين وإعادة أموال منهوبة، إلا أنه ليس مبرراً ولا مقبولاً استخدامها لعمل “سكوب” صحافي وتحقيق شهرة مهنية ومكاسب مالية، أو للتصويب على الخصوم السياسيين”.

 
هل تشكل تلك الوثائق دليلاً على فساد السياسيين أو حتى على التهرب الضريبي؟ووفقاً لكاتب المقال ياسر هلال، فإنّ “الجواب على ذلك السؤال هو كلا”، وأضاف: “الوثائق هذه ليست سوى مستندات تكشف تملك الشخصيات المشهر بها شركات أوفشور تسمح القوانين بتأسيسها في غالبية دول العالم، وإن كانت تتركز في ما يعرف بالجنات الضريبية. وبالتالي فإن تأسيس أو تملك هذه الشركات هو نشاط مشروع وقانوني بكل المقاييس. وإذا كان هناك من تهمة توجه لهذه الشخصيات فتنحصر في شبهة “نعم شبهة” التهرب من الضرائب من خلال تملك شركات الأوفشور للأصول في مختلف دول العالم. ونقول شبهة لأن إثبات ارتكاب هذه المخالفة يحتاج إلى أحكام قضائية”.
 
وأردف: “وعليه، ألم يكن أجدى توجيه هذا الجهد الكبير  لنخبة من خيرة الصحافيين العالميين تضم 600 صحفي من 150 مؤسسة إعلامية مرموقة تفحصوا ودققوا  بنحو 11.9 مليون مستند وملف، لكشف حالات الفساد والنهب، بدلا من تفجير قنابل دخانية في حملة شعبوية ضخمة تتضمن الإيحاء بكشف أسرار بعض الشخصيات وأسماء وصور الشركات والعقارات والقصور التي يملكونها”.هل كل صاحب ثرورة فاسد؟
وتابع التقرير: “فهل يجوز اعتبار كل صاحب ثروة فاسداً والتشهير به وتعريضه وتعريض أسرته لخطر الانتقام والخطف والأرهاب، بتهمة أنه يمتلك عقارات بملايين او بعشرات ملايين الدولارات. وبدعوى أنه أرتأى تسجيل هذه العقارات بأسماء شركات أوفشور لأسباب شخصية تتعلق بأمنه وأمن أسرته أو لأسباب غير قانونية تتعلق بتبييض الأموال، وهو ما كان يجب ان يركز عليه الاتحاد. ولما كنا غير معنيين بالدفاع عن السياسيين ورجال الأعمال، ولكن بهدف وضع الأمور في نصابها، تجدر الإشارة إلى جانب  مهم في أوراق باندورا وربما غير مقصود، يتعلق بفضح ما يعرف بنظام الظل المالي العالمي، المتمثل بالجنات الضريبية والسرية المصرفية الذي يوفر ملاذاً آمناً لأموال الفساد والجريمة المنظمة والإرهاب إلى جانب الأموال الشرعية والنظيفة. وهو نظام وضعته وترعاه الدول الرأسمالية وفي طليعتها أميركا وبريطانيا، وإن كانت هذه الدول تسعى من وقت إلى آخر إلى تطوير القوانين الموجودة واستحداث أخرى للتقليل من سلبياته عليها خاصة في جانب المداخيل”.هل يتم التحضير لضرب الجنات الضريبية
واعتبر التقرير أن “المشكلة تتمثّل أساساً في اختلال النظام المالي العالمي ولعبة الكشاتبين التي تمارسها الدول والشركات الكبرى، حيث باتت الأموال الورقية التي تتدفق عبر المراكز المالية الخارجية “أوفشور” أكبر من تدفقات الاستثمار المباشر، وحيث بات معدل نمو الإتاوات والرسوم على شركات الأوفشور أعلى من معدل نمو التجارة في السلع والخدمات. وهذا الوضع ترعاه وتنظمه الدول المتقدمة والتي تتصارع للحصول على الحصة الأكبر من هذه التدفقات مع السعي الدؤوب لتقليص الأضرار المتعلقة بتراجع عائداتها الضريبية”.وأضاف التقرير: “يثار هنا سؤال مشروع حول تزامن الكشف عن أوراق باندورا، مع بروز توجه تقوده أميركا وبريطانيا لإعادة النظر بالنظام الضريبي العالمي، وبتقليص دور الجنات الضريبية، حيث اعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنميةعن التوصل الى اتفاقية دولية بين 130 سلطة قضائية لإعادة ضبط القواعد الضريبية في العالم بفرض معدل ضريبة عالمي يبلغ  15 في المئة كحد أدنى. والأخطر من تخفيض الضريبة هو السماح لأي دولة بتطبيق الضريبة الجديدة من جانب واحد لحماية عائداتها الضريبية. يعني “بالعربي المشبرح” خلق حوافز حاسمة لاستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي وكذلك الاستثمارات المالية التي كانت تتدفق إلى الصين والدول النامية وطبعاً إلى الجنات الضريبية، التي يبدو أنها أدت قسطها للعلى” وحان وقت تقليص دورها”.وتابع: “ولأنه لا مكان للنوايا الحسنة ولا للصدف، فوكالة بلومبيرغ تعتبر ان الشخصيات التي تستخدم الجنات الضريبية سواء ذكرتها وثائق باندورا أم لا، هي المسؤولة عن وضع التشريعات والاتفاقيات الدولية التي تنظم تدفقات رؤوس الأموال، وتذهب الى القول “انه في الأدوار العليا للنظام المالي في أميركا هناك “باب دوار أو سري” بين الشركات وكبار الموظفين الحكوميين”… فهل توجد “طاقة” صغيرة بين هؤلاء والإعلام؟”.
 
وختم: “بدون تضخيم ونعقيد الأمور، يبدو ان ساكني الأدوار العليا باتوا أكثر قناعة ان النظام المالي والحرية غير المقيدة لحركة رؤوس الأموال منذ انهيار نظام بريتون وودز، استنفذ صلاحيته في خدمة مصالحهم وحان وقت “تطويره” لأنه بات يخدم بشكل أكبر مصالح أطرف أخرى مثل الصين والدول النامية الكبرى. ولتصبح أوراق باندورا مجرد وسيلة “لتحمية اللعبة” وليبقى المئات من ضحايا أوراق باندورا أبرياء ومجرد أصحاب ثروات أسسوا شركات أوفشور بشكل قانوني، إلى أن يتم كشف الفاسدين منهم من خلال القضاء او بجهد صحافي استقصائي مشابه لما قام به الاتحاد الدولي للصحافيين الاقتصاديين”.
 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.