يبلغ العدد الكلي للمصانع التابعة لشركات القطاع العام في العراق نحو 227، وتبلغ أعداد العامل منها 140 فقط بحسب بيانات وزارة الصناعة والمعادن.ووفقا لتلك البيانات فإن نحو 18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقفة عن العمل لأسباب مختلفة. وكان القطاع الصناعي يشكل نحو 23% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعراق قبل عام 2003.
وتشير البيانات الحكومية إلى أن البلد كان مزدهرا صناعيا في عقود السبعينيات والستينيات والخمسينيات بل وحتى أربعينيات القرن الماضي، وكان حجم إنتاج القطاع الصناعي يلبي حاجة السوق المحلية فضلا عن التصدير إلى الخارج.خطط استثمارية
وتكشف وزارة الصناعة والمعادن عن إعدادها خطة استثمارية لتأهيل المعامل والمصانع المتوقفة في البلاد، ضمن خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى وفق وكيلها لشؤون التخطيط يوسف جاسم الجنابي.
وفي توضيح للجزيرة نت، بين الجنابي أن الخطة -التي تم رصد التخصيصات المالية لها ضمن الموازنة الاتحادية لعام 2021- تهدف إلى دعم شركات الوزارة للنهوض بواقعها الصناعي وإنتاج سلع جديدة.الجنابي كشف عن تأييد الوزارة فكرة خصخصة القطاع الحكومي لكن باستثناء الشركات الإستراتيجية التي لا تحتاج دعما حكوميا مستمرا، أما الشركات الأخرى التي يمكن للقطاع الخاص الاستثمار فيها فيمكن إحالتها إلى المستثمر سواء كان محليا أو أجنبيا شرط مراعاة حقوق الموظفين بتلك الشركات.ويشير وكيل الوزارة إلى أن حجم المنتجات الصناعية يشكل نسبا متفاوتة منها ما حقق الاكتفاء الذاتي الكامل محليا كصناعة الإسمنت، ومنها ما حقق جزءا من الاكتفاء كالصناعات الكهربائية والأدوية والأسمدة.هل الحل بالخصخصة؟من جانبه، قلل رئيس اتحاد الصناعات عادل عكاب من خطط وزارة الصناعة والمعادن في تطوير عمل الشركات الصناعية المملوكة للدولة.ويعلل عكاب -في حديث للجزيرة نت- ذلك بعدم اعتماد الوزارة على أية إستراتيجية محددة وواضحة.وأيد التوجه لخصخصة المصانع التابعة للدولة لتحقيق عوائد مالية من شأنها رفع مستوى العمال والخدمات المقدمة، مما يزيد المنافسة من قبل مزودي المنتجات المصنعة.المدن الصناعيةويذهب الاستشاري في التنمية الصناعية عامر الجواهري بالحديث عن المدن الصناعية وأهميتها، معتبرا أنها تلعب دورا حيويا في تعزيز اقتصاد العراق من خلال توفيرها فرص عمل للشباب، إلى جانب توفير المنتجات الوطنية في الأسواق، وتنشيط دورة رأس المال المحلي داخل البلد والحد من الاستيراد العشوائي.ويشدد الجواهري -في حديثه للجزيرة نت- على ضرورة إنشاء المدن الصناعية ذات البنية التحتية عالية المستوى، معتبرا أنها إحدى الضرورات لتطوير وتنمية الصناعة في أي بلد.وأضاف أنه عند إنشاء مدينة صناعية يجب إعداد دراسات ومعرفة ماهية الصناعات، إضافة إلى وجود خطط واضحة للقائمين عليها لتطوير العمل الصناعي.ويشير الاستشاري الصناعي إلى أن المناطق الصناعية يجب أن تكون محاطة بالسياج الأمني مع تزويدها بخدمات القطاع التكنولوجي والاتصال وتتوفر فيها كافة الخدمات التي تُمكن أي صناعي من تنفيذ مشروعه بسهولة مع توفير الدعم والحماية له، إضافة إلى الامتيازات والإعفاءات للمستثمر لتشجيعه.وتطرق إلى اقتراح البرامج والمشاريع الصناعية وفق الأولوية، مع تعيين الجهة التي تتولى التنفيذ الحتمي لكل مشروع وكيفيته، والتمويل مع تحديد عوامل الدعم للإنجاز، مؤكدا أهمية تبني حملة وطنية تقودها الحكومة بأسلوب التنفيذ الحكومي والشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتطوير قطاع الصناعة.أين الخلل؟ولا يؤيد المهندس الاستشاري والصناعي رائد الرحماني نظرية وجود عوامل خارجية تجعل الاقتصاد ميتا صناعيا من أجل إبقائه مستوردا، بل إنه يشخص خللا محليا في ذلك وهو ضعف التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص لإنعاش القطاع الصناعي.ويؤكد -للجزيرة نت- ضرورة عمل الدولة على تنشيط القطاع الصناعي لتكون منتجاته منافسة للمنتج الأجنبي من خلال تذليل المعوقات بإبعاده عن البيروقراطية الإدارية ودوائر الضمان الاجتماعي والضريبة، إضافة إلى توفير الوقود للمكائن والمعدات بأسعار تنافسية.ويضيف الرحماني أن نشاط القطاع الصناعي سيعالج مشكلة البطالة التي تزداد سنويا بسبب دخول نحو نصف مليون مواطن في السنة الواحدة لسوق العمل، وهذا ما لا يستطيع القطاع العام استيعابه إلا بتشغيل القطاع الخاص الصناعي.التأهيل المهنيمن جهته ركز المتخصص الاقتصادي لطيف ذياب على أهمية التأهيل المهني الصناعي للعمال والموظفين الصناعيين، حتى يحقق تأهيل المصانع العراقية عن طريق الاستثمار وخصخصة الأهداف المنشودة.وأشار ذياب إلى أن الدول الصناعية الكبرى، ومنها ألمانيا، بدأت منذ وقت طويل تأهيل كوادرها الصناعية حتى استطاعت توفير فرص صناعية ضخمة بمقومات مادية وبشرية للنهوض بالصناعات التحويلية وغيرها، لتكون مردودا ماليا مباشرا للاقتصاد.