الطاقة النووية تمنع انبعاث 2 غيغاطن كربون سنوياً وتعادل تحييد 400 مليون سيارة

11 نوفمبر 2021
الطاقة النووية تمنع انبعاث 2 غيغاطن كربون سنوياً وتعادل تحييد 400 مليون سيارة

نحن على يقين بأن الطاقة النووية جزء لا يتجزأ من منظومة الطاقة العالمية. إذ تقول تقارير وكالة الطاقة الدولية (IEA) المعروفة بحيادها، بشكل صريح، إن تحقيق أهداف إزالة الكربون التي حددتها اتفاقية باريس للمناخ لن يكون أمراً ممكناً من دون الطاقة النووية.

ويشير خبراء وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطاقة النووية تمثل حالياً ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفض الكربون في العالم؛ حيث تبلغ مساهمة محطات الطاقة النووية 10 في المائة من إجمالي إنتاج الكهرباء على مستوى العالم، “تتقدمها محطات الطاقة الكهرومائية فقط بنسبة المساهمة 16 في المائة”. في الوقت نفسه، كانت الطاقة النووية ولا تزال أكبر مصدر للكهرباء منخفض الكربون على مدار أكثر من 30 عاماً في البلدان ذات اقتصادات متقدمة مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان ودول الاتحاد الأوروبي.

لا تقتصر متطلبات المستهلكين المعاصرين على الكهرباء فحسب بل إنهم يسعون اليوم إلى الحصول على كهرباء نظيفة صديقة للبيئة قادرة على الصمود أمام تقلبات الأسعار التي نراها في السوق بشكل متكرر. والطاقة النووية تلبي هذه المتطلبات تماماً، بالنظر إلى أن محطات الطاقة النووية تنتج الكهرباء في أي ظروف جوية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وهي مصدر طاقة منخفض الكربون وصديق للبيئة، ولا تشغل مفاعلاتها مساحات كبيرة مقارنة بمصادر الطاقة النظيفة الأخرى التي تنتج الكمية نفسها من الطاقة الكهربائية. ويتيح الإنفاق المنخفض على الوقود في تكلفة التوليد النووي، الذي يبلغ من 10 إلى 15 في المائة فقط للمستهلك، التنبؤ بأسعار الطاقة المنتجة باستخدام الطاقة النووية طوال فترة تشغيل المحطة النووية التي تصل إلى نحو 100 عام. وهذا أمر مهم للغاية سواء بالنسبة للقطاع الصناعي أو للمستهلكين من القطاع الخاص.> ما أهمية الطاقة النووية في تلبية زيادة الطلب على الكهرباء عالمياً، في ضوء ارتفاع حرارة الجو في كثير من الدول؟تدرك اليوم أطراف كثيرة، ومن بينها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، أن برنامج مكافحة الاحترار العالمي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الذي يقضي بإبقاء متوسط درجة الحرارة العالمية عند مستوى لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية، أنه يجب أن يشمل العمل على تطوير قطاع الطاقة النووية باعتبارها مصدراً هاماً للطاقة الكهربائية منخفضة الكربون ومصدراً للطاقة الحرارية قادراً على الإسهام في تخفيف آثار ظاهرة التغير المناخي.ويمكننا اعتبار أن التنمية المكثفة لقطاع الطاقة النووية تشكل إحدى وسائل مكافحة الاحتباس الحراري. ونحن في شركة «روساتوم» نفتخر بمساهمتنا في إنتاج طاقة نظيفة وموثوق بها. واسمحوا لي أن أقدم لكم مثالاً على ذلك.”روساتوم” حالياً مسؤولة عن تشغيل نحو 40 وحدة توليد طاقة في روسيا، وتساعد هذه الوحدات في تجنب انبعاث أكثر من 100 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وذلك إضافة إلى منع انبعاث 100 مليون طن أخرى بفضل تشغيل المحطات النووية روسية التصميم خارج أراضي البلاد، ما يعادل إزالة 57 مليون سيارة من الطرق. وبالتالي، فإن الطاقة النووية بصفتها مصدراً قوياً لتوليد كهرباء الحمل الأساسي، تسهم في إزالة الكربون.> كم تبلغ نسبة الطاقة النووية التي تنتجها «روساتوم» من إجمالي توليد الطاقة في العالم وفي الدول العربية؟في عام 2020 كانت الطاقة النووية تشكل أكبر مصدر صافٍ لتوليد الكهرباء في روسيا بحصة سوقية بلغت 20.28 في المائة. وإذا أضافنا الطاقة المنتجة من مصادر الطاقة الكهرومائية والمتجددة إلى التوليد النووي فستبلغ حصتها نحو 40 في المائة من إجمالي توليد الكهرباء في البلاد.ولا تزال مشروعات “روساتوم” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة التنفيذ، وهي تشمل إنشاء محطة للطاقة النووية في منطقة الضبعة بمصر، وتتكون من 4 وحدات طاقة من نوع VVER – 1200. وستكون القدرة الإنتاجية للمحطة بعد الانتهاء من جميع مراحل التنفيذ 4800 ميغاواط. وتبني «روساتوم» محطة «أكويو» للطاقة النووية في تركيا التي ستتزود أيضاً بـ4 وحدات طاقة VVER – 1200 تبلغ قدرتها الإجمالية 4800 ميغاواط.> كيف ترون مستقبل الطاقة النووية في سياق سعي الحكومات للوصول إلى الحياد الكربوني؟من الناحية الرسمية، لا تصنف الطاقة النووية حتى الآن كمصدر للطاقة المتجددة، لكنها تشكل مصدراً للطاقة النظيفة. فمحطات الطاقة النووية لا تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري أثناء التشغيل، وهي توفر طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة، ما يحفز التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق والبلدان بأكملها. وفي الوقت الحالي يمنع تشغيل محطات الطاقة النووية بالفعل انبعاث 2 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ما يعادل إزالة 400 مليون سيارة من الطرق سنوياً.وفي الفترة الممتدة بين عامي 1975 و2018 ساهمت الطاقة النووية في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواقع 74 غيغاطن. الطاقة النووية، التي توفر نحو 10 في المائة من الكهرباء في العالم ونحو 30 في المائة من إجمالي الكهرباء منخفضة الكربون المنتجة عالمياً، ستلعب دوراً هاماً في تحقيق مستقبل منخفض الكربون، إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الكهرومائية والشمسية. نعتقد أن مفهوم «المربع الأخضر» يجب أن يكون هو السائد لإيجاد حل ناجع للتحديات المناخية حيث ستكون الطاقة النووية مصدراً لكهرباء الحمل الأساسي بينما ستغطي مصادر الطاقة المتجددة احتياجات الحمل المتغير.> هل تشكل تكلفة بناء محطة نووية عائقاً أمام التوسع في استخدامات الطاقة النووية عند مقارنتها مع تكلفة مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية؟نظراً إلى أن محطات الطاقة النووية تعتبر مصدراً لكهرباء الحمل الأساسي، فيما تعد الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) مصادر للحمل المتغير، فإن المقارنة بين هذين المصدرين للطاقة من حيث التكاليف غير مناسبة. وفي وقت لا تستطيع فيه مصادر الطاقة المتجددة أن تحل محل الطاقة التقليدية تماماً وكذلك عندما تكون القدرات الإنتاجية للطاقة النووية غير كافية، فإن التخلي عن الطاقة التقليدية لصالح المصادر المتجددة قد يؤدي إلى تقلبات للأسعار في السوق لا يمكن التنبؤ بها، وهي حالة نشهدها الآن في بعض الدول الأوروبية.صحيح أن تكلفة إنشاء محطة طاقة نووية قد تكون أعلى بالمقارنة مع إنشاء محطة للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، لكن ذلك يعود إلى قدرة المحطة بعينها. مع ذلك تبدأ المحطة النووية بتقديم إسهام في ميزانية الدولة حتى في مرحلة البناء. وخلال فترة تشغيلها التي يمكن أن تصل إلى 80 عاماً، ستفوق الأرباح المالية من تشغيل محطة الطاقة النووية حجم الاستثمارات الأولية التي تم إنفاقها على إنشائها بعدة أضعاف، بما في ذلك العائدات الضريبية وتوطين صناعة مكونات المحطة وتطوير الصناعات ذات الصلة وتوفير فرص عمل لآلاف من الناس وتطوير النظام التعليمي المحلي.> ما خطط «روساتوم» المستقبلية فيما يتعلق بالتوسع في إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية؟ وما الحوافز التي تقدمها الشركة في هذا المجال؟في الوقت الحالي، تنشط شركة “روساتوم” الحكومية الروسية للطاقة النووية على صعيد إنشاء وحدات طاقة نووية من الجيل الجديد «3+» سواء داخل روسيا أو خارجها. ويبلغ العدد الإجمالي للمشروعات الموجودة في حقيبة الطلبات الدولية لـ”روساتوم” 35 وحدة طاقة من نوع VVER موزعة في 12 دولة.وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنفذ الشركة مشروعات لبناء محطات طاقة نووية عالية القدرة في كل من مصر وتركيا، وكذلك تشارك «روساتوم» في حوار خاص حول إنشاء أول محطة للطاقة النووية في المملكة العربية السعودية. بالتوازي مع ذلك، تعمل الشركة بصورة نشطة على تنويع حقيبتها للطلبات حيث لا تعرض فقط بناء محطات نووية عالية الطاقة، وإنما محطات نووية متوسطة أو منخفضة القدرة توفر الكهرباء للمناطق التي يصعب الوصول إليها، تماشياً مع التوجه العالمي نحو تطبيق اللامركزية في أنظمة الطاقة. وتشمل هذه النوعية من المحطات النووية محطات عائمة منخفضة القدرة، وهي قادرة على توفير الكهرباء والحرارة ومياه الشرب لمناطق واقعة في الجزر والمنشآت الصناعية. ويظهر للعالم تشغيل محطة الطاقة النووية العائمة “الأكاديمي لومونوسوف” إمكانات التنمية من خلال استخدام وحدات الطاقة العائمة منخفضة القدرة في المناطق البعيدة عن شبكة الطاقة الأساسية أو في الأماكن التي يصعب الوصول إليها.> كيف ترون مستقبل قطاع الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في الدول العربية؟إن قيام دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الغنية بالنفط وبموارد الطاقة المتجددة أيضاً، مثل أشعة الشمس والرياح، بضخّ استثمارات متزايدة في تطوير قطاع الطاقة النووية، يدل على أن الطاقة النووية تلعب دوراً لا غنى عنه في سياق سعي هذه الدول إلى تشكيل مزيج طاقة “أخضر” خاص بها مستقبلاً. وتمثل محطات الطاقة النووية، قبل كل شيء، مصدراً للحمل الأساسي يوفر الكهرباء بأسعار مستقرة يمكن التنبؤ بها، والأهم من ذلك أنها مغرية. وتعد الطاقة النووية اليوم شرطاً ضرورياً لبناء منظومة طاقة عالمية منخفضة الكربون لأنها تضمن حملاً أساسياً مستقراً وتوفر إمدادات طويلة الأجل من الكهرباء، وفي الوقت نفسه لا تطلق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.إنني متأكد من أن بدء تشغيل محطة “براكة” للطاقة النووية في الإمارات، وتنفيذ مشروعات نووية أخرى في المنطقة مثل إنشاء محطة الضبعة النووية في مصر، يؤدي إلى تعزيز مستوى الوعي لدى دول المنطقة بضرورة إضافة الطاقة النووية في مزيج الطاقة الخاص بها.> تعمل “روساتوم” و«موانئ دبي العالمية» على مشروع شحن الحاويات عبر القطب الشمالي، نريد المزيد عن هذا المشروع.> تتفاوض «روساتوم» حالياً مع العراق بشأن إطلاق برنامج تعاون في مجال التكنولوجيا النووية. هل تم التوصل إلى اتفاق مع العراق لإنشاء محطات للطاقة النووية؟ وما تكلفتها؟في إطار الحوار مع الشركاء العراقيين بشأن الطاقة النووية نتفاوض حول جميع المسائل المتعلقة بالتعاون الثنائي المحتمل في هذا المجال؛ حيث نناقش مختلف التطبيقات للطاقة النووية، سواء أكانت لإنتاج الطاقة أم لأغراض سلمية أخرى. وبالتوازي يجري العمل على إعداد الأطر التنظيمية لمثل هذا التعاون.> كانت هناك توقعات بشأن إطلاق محطات للطاقة النووية قريباً في السعودية والأردن. ما مصير هذه المشروعات؟تشارك “روساتوم”، إلى جانب شركات أخرى من قطاع الصناعة النووية، في حوار خاص حول إنشاء وحدتين لتوليد الطاقة النووية عالية القدرة في المملكة العربية السعودية. وقد نجحنا في اجتياز مرحلتين من عملية اختيار العروض الأفضل من بين الشركات التي تقدمت لتنفيذ المشروع. والكرة الآن في الملعب السعودي وبمجرد أن نتلقى من الجانب السعودي معلومات بشأن الخطوات اللاحقة سنكون مستعدين للمضي قدماً.> ما مرحلة التنفيذ التي وصل إليها مشروع الضبعة النووي المصري؟لا تزال الأعمال التحضيرية مستمرة في الموقع الآن، وتشمل بناء مرافق للبنية التحتية ورصيف بحري لاستقبال المعدات الثقيلة وكبيرة الحجم لمحطة الضبعة. وفي الشهر الماضي انطلقت في منطقة الاختبارات الخاصة للأعمال الرامية إلى حماية حفرة الأساسات المخصصة للمباني الرئيسية التابعة لوحدة الطاقة رقم 1 في المحطة. وتعتبر هذه الإجراءات جزءاً لا بد منه في إطار المرحلة التحضيرية من تنفيذ مشروع إنشاء محطة الضبعة النووية. وخلال هذه المرحلة، سيتم تركيب أنظمة حواجز في الموقع لمنع تسرب المياه إلى الحفرة.وبمجرد الحصول على رخصة البناء من الجهة المنظمة، وهي هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية (ENRRA)، سنكون جاهزين للبدء بأعمال البناء الأساسية في الموقع.لقد قمنا بعمل شاق مع الجانب المصري، وبذلنا جهوداً كبيرة من أجل إعداد جميع الوثائق المطلوبة للحصول على رخصة البناء. وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي تم الانتهاء من جمع وإعداد حزمة الوثائق كاملة والمستندات المطلوبة للحصول على رخصة البناء لوحدتي الطاقة الأولى والثانية لمحطة الضبعة النووية.علاوة على ذلك، التزمت «روساتوم» بموجب العقود المبرمة مع الجانب المصري بتنظيم دورات تعليمية وتدريبية لكوادر محطة الضبعة المستقبلية. ففي مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأت المجموعات الأولى من الاختصاصيين الملتحقين الدراسة في فرع الأكاديمية التقنية لشركة «روساتوم» في مدينة سان بطرسبورغ للعمل مستقبلاً في محطة الضبعة للطاقة النووية قيد الإنشاء في مصر. وافتتح البرنامج التدريبي بدورة لتعلم اللغة الروسية تستمر 6 أشهر، وتشمل 465 طالباً مصرياً. وبعد إتمامهم الدورة سيتحول المتدربون إلى الجزء النظري من البرنامج الذي يستند إلى المعلومات الخاصة بالمحطة المرجعية لمحطة الضبعة النووية المصرية، وهي محطة «لينينغراد – 2» النووية في روسيا، ومن ثم سيبدأ الجزء العملي من البرنامج الذي يضم التدرب في محطة «لينينغراد – 2»، وفي أماكن العمل.> أي نوع من المفاعلات النووية سيستخدم في مشروع الضبعة؟ وما مميزاته؟ ولماذا تم اختياره؟ستستخدم في محطة الضبعة للطاقة النووية التي تعتبر محطة “لينينغراد” النووية الروسية مرجعية لها، مفاعلات روسية التصميم من نوع VVER – 1200 المنتمية إلى الجيل «3+» الأحدث من المفاعلات النووية. وحالياً تعتبر هذه المفاعلات الأكثر تقدماً وأماناً.وتعتمد الحلول التي تضمن التشغيل الآمن لمحطات الطاقة النووية الروسية الحديثة التي تعمل بمفاعلات VVER – 1200 على التطوير الابتكاري للتقنيات التي أثبتت موثوقيتها مع مرور الوقت. وبالمقارنة مع مفاعلات الجيل السابق، تتسم وحدة توليد الطاقة المزودة بمفاعل VVER – 1200 بعدد من المزايا التي تعزز بشكل ملحوظ فوائدها الاقتصادية ومواصفاتها الأمنية؛ حيث تمت زيادة القدرة الإنتاجية للمفاعل بنسبة 20 في المائة ومضاعفة العمر الافتراضي للمعدات الأساسية لوحدة المفاعل ليبلغ 60 عاماً مع إمكانية التمديد لـ20 عاماً أخرى. وأيضاً تحتاج وحدة المفاعل من نوع VVER – 1200 لعدد أقل من أفراد الطاقم المشغل بواقع 30 – 40 في المائة بالمقارنة مع سابقاتها.