بعد حظر الانترنت في السودان… خسائر اقتصادية لا تعد ولا تحصى

13 نوفمبر 2021
بعد حظر الانترنت في السودان… خسائر اقتصادية لا تعد ولا تحصى

أمر قاضي المحكمة العامة في السودان طارق عبد اللطيف محمد اليوم الخميس شركات الاتصالات الثلاث العاملة في البلاد بإعادة خدمة الإنترنت لجميع المواطنين مؤقتا، إلى حين الفصل في دعوى التعويض من الضرر.وكانت المحكمة ذاتها قد أمرت أول أمس الثلاثاء بإعادة خدمة الإنترنت لـ8 أشخاص فقط هم الذين تقدموا بشكوى، على رأسهم ياسر ميرغني عن جمعية حماية المستهلك، وليس لجميع المواطنين.

وانقطعت خدمة الإنترنت في السودان منذ إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان سلسلة إجراءات منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتتضرر قطاعات واسعة من توقف خدمة الإنترنت عن الهواتف المحمولة، لكنها متاحة عبر الكوابل الأرضية للكثير من المؤسسات والشركات الكبرى.وبحسب المحامي عبد العظيم حسن -وهو أحد الذين تقدموا بالدعوى ضد الشركات- فإنهم شرعوا في إجراءات من شأنها ضمان عودة الإنترنت لجميع المشتركين.

ورفض حسن في حديثه للجزيرة نت الخوض في تفاصيل التحركات التالية، لكنه كان تحدث خلال مؤتمر صحفي أول أمس عن اعتزامهم رفع عريضة للقبض على مدراء الشركات الثلاث في حال لم يتم تنفيذ قرار عودة الخدمة.وجرى تنفيذ قرار وقف الخدمة عن الهواتف بالقوة الجبرية، حيث داهمت قوة مسلحة مقار شركات الاتصالات وأجبرتها على قطع الإنترنت، كما أشارت إحدى الشركات إلى ذلك في ردها على المحكمة، ولفتت إلى أن هذا التصرف كبدها خسائر مادية فادحة، وذلك في إشارة في ما يبدو إلى أنها كانت مرغمة على تنفيذ القرار.خسائر جسيمةوأدى قطع الإنترنت إلى خسائر مالية جسيمة تعرضت لها عشرات القطاعات، وفقا لخبير الاتصالات إيهاب محمد علي، حيث أكد أن الضرر الواقع على الجميع بلا استثناء كان كبيرا للغاية بما في ذلك مؤسسات حكومية وأخرى خاصة، علاوة على تأثر بالغ طال العديد من الأعمال الناشئة التي تعتمد على تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي.ويقدر خبراء اقتصاديون أن وقف الإنترنت تسبب في خسائر بعشرات الملايين من الدولارات يوميا، وهو ما لا يستبعده إيهاب الذي يقول للجزيرة نت إن الأرقام تبدو منطقية، خاصة أن خسائر شركات الاتصالات اليومية لا تقل عن 6 ملايين دولار، وأن الخسائر الكبرى تطال قطاعات أخرى غاية في الحيوية، وأغلبها ذات صلة بالحكومة والجمارك والموانئ والبنوك وغيرها، ولا سيما مع توقف خدمات الدفع الإلكتروني، كما تتضرر بشكل كبير قطاعات خاصة، علاوة على ملايين المواطنين.ولاحقا -وفقا لخبير الاتصالات- اضطرت بعض البنوك لإجراء معالجات على النظام تمكن العملاء من استخدام التطبيقات البنكية دون إنترنت، كما أن بعض الشركات الكبرى -التي يصفها إيهاب بالمحظوظة- تمكنت من العمل باستخدام خدمات إنترنت مكلفة للغاية، فيما توقفت أخريات بشكل كلي، ومن بينها تلك الشركات العاملة في مجالات التسويق العقاري، حيث تعتمد بشكل مطلق على تطبيقات التواصل الاجتماعي وحتى التي تتمكن من الاتصال بالإنترنت فإنها ستواجه بغياب العملاء المقطوعة عنهم الخدمة.ويلفت إيهاب إلى آثار أخرى يقول إنها لا تقل فداحة عن إغلاق الموانئ في شرق البلاد تتمثل في التأثير على جذب المستثمرين، خاصة أنها المرة الثانية التي تقطع فيها الخدمة خلال العامين الأخيرين بسبب الدواعي السياسية، وهو ما سيجعل عشرات المستثمرين يفكرون في حزم حقائبهم والمغادرة بسبب انعدام أقل الضمانات وأبسط مقومات العمل، من إرسال بريد إلكتروني أو حتى تحويل أموال، حيث يمثل الإنترنت إحدى ركائز البنى التحتية لأي دولة ترغب في جذب الاستثمار.ويشدد خبير الاتصالات على ضرورة تغيير عقلية إدارة الدولة في التعامل مع الشبكة العنكبوتية، فلا يعقل كما يقول أن تمتد الأيادي إلى الإنترنت مع كل تغيير سياسي أو حتى مع انعقاد امتحانات الشهادة السودانية أو أي أحداث ساخنة أخرى، فالثمن الاقتصادي على عاتق المواطنين جراء قطع خدمة الإنترنت يكون مضاعفا بازدياد تكلفة الاتصالات، والحاجة إلى التحرك بعيدا، وإحراق وقود مضاعف، واهدار كثير من الوقت كان يمكن الحفاظ عليه في وجود الإنترنت.من جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد الناير للجزيرة نت إن الخسائر كبيرة جدا، وهناك ضرر وقع على أغلبية القطاعات في الدولة، لكن يصعب حصرها برقم محدد إلا بما يمكن أن تعلنه شركات الاتصالات أو الجهات الرسمية ذات العلاقة.وأضاف أن الدولة نفسها فقدت الكثير من العائدات، حيث تمثل ضرائب القيمة المضافة على شركات وخدمات الاتصالات حوالي 40%.