غيرت شركات الاستثمار التي تدير أصولاً بمليارات الدولارات نظرتها تجاه أكبر سوقين ناشئين في العالم، وبدأت العودة لتفضيل السوق الصينية على الهندية بشكل تدريجي، مما يمثل عكس الاتجاه الذي ساد لمدة عام، ودفع الأسهم في اتجاهين متعاكسين.
قامت مجموعة “بلاك روك” بزيادة استثماراتها في الأسهم الصينية مع تلاشي التحديات السياسية، وقالت: “حان وقت الوجود في الصين”، في المقابل قلصت استثماراتها بالأسهم الهندية. كذلك خفضت مجموعة “غولدمان ساكس”، و”نومورا” تصنيف الأسهم الهندية في الأيام الأخيرة، وقامت في الوقت نفسه بترقية الأسهم الصينية المدرجة في البورصات خارج الصين.ترجع تلك التقييمات في الأساس إلى خسائر الأسهم بسبب حملة الصين التنظيمية واسعة النطاق، التي تسببت في تراجع أسعار الأسهم وجعلتها رخيصة نسبياً. وفي المقابل، ارتفعت أسعار الأسهم في الدولة الواقعة في جنوب آسيا، وأصبحت باهظة الثمن بعد ارتفاعات هائلة للأسهم على مستوى العالم.يتداول مؤشر “إم إس سي أي” للأسهم الصينية بمضاعف ربحية أقل من 13 مرة، بناءً على تقديرات الأرباح الآجلة لعام واحد، في حين أنَّ نظيرتها الهندية تتداول بمضاعف ربحية 22 مرة بفجوة كبيرة بين الاثنين، وبانحرافين معياريين فوق متوسط العقد الماضي.
منذ نهاية سبتمبر؛ سجل مؤشر الأسهم الصينية أداء أفضل بعد 6 أرباع متتالية من الأداء الضعيف.أشار توم ماسي مدير محفظة في “جي دبليو أند انفستمنت مانجمنت” في نيويورك إلى تقليص استثماراته مؤخراً في الهند قائلاً: “هناك المزيد من الفرص لتوجيه تلك الاستثمارات للصين، فقد تباين الأداء بين البلدين أكبر التباينات على الإطلاق”.اقرأ أيضاً: مسح لـ “بلومبرغ”: الأسهم الصينية تقترب من الاستقرار والانتعاش مستبعديأتي التحول نحو الصين وسط تفاؤل متزايد بأنَّ أسعار الأسهم الصينية المنهارة تعكس أسوأ سيناريو لإعادة بكين تشديد سياستها التي أدت في أسوأ حالاتها لخسارة نحو 1.5 تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم. لكنَّ موجة التفاؤل يشوبها بعض الحذر بسبب التباطؤ الاقتصادي، وأزمة سوق العقارات.عرض بلاك روكقالت لوسي ليو، مديرة محفظة “بلاك روك” لأسهم الأسواق الناشئة العالمية، في إحاطة هذا الأسبوع، إنَّ تفاؤل أكبر مدير للأصول في العالم بالأسهم الصينية يرجع إلى السياسة النقدية التي يتوقَّع أن تكون مواتية للنمو العام المقبل، كما أنَّ النمو الاقتصادي سيكون أفضل من التوقُّعات.قامت “بلاك روك” بتحسين نظرتها المستقبلية للأسهم الصينية من خفض الوزن النسبي إلى الحيادية، وقلصت من تقييماتها المنخفضة لأسعار أسهم شركات خدمات الإنترنت، في حين أوصت في المقابل بجني الأرباح على الأسهم الهندية.يتفق المحللون في شركات إدارة بيع وترويج طرح الأسهم كذلك مع محللي شركات إدارة الاستثمار، إذ يشير متوسط تقديرات المحللين وفق ماقامت به “بلومبرغ” إلى ارتفاع مؤشر “إم إس سي أي” بنسبة 39% خلال الـ 12 شهراً القادمة، في حين تشير التوقُّعات بارتفاع نظيره الهندي بنصف تلك النسبة. ويبدو الأساس المنطقي لتوقُّعاتهم واضحاً؛ فقد انخفض مؤشر الأسهم الصينية مقارنة بالمؤشر الهندي لأكثر من 40% هذا العام ليسجل أكبر نسبة فيما بين السوقين منذ عام 1999.فقدت الأسهم الهندية زخم الارتفاعات في الأسابيع الأخيرة بعدما ارتفعت لأكثر من الضعف مقارنة بأدنى مستوياتها التي شهدتها في مارس 2020، وسط إقبال قياسي من المستثمرين الأفراد. ويأتي ذلك التراجع، وسط مخاوف بشأن تشديد أوضاع السيولة والتضخم في واحدة من أكبر الدول المستوردة للنفط في العالم.تراجعت الثقة تجاه الطروحات الأولية بعد الأداء الباهت لسهم شركة “بايتم” للمدفوعات الرقمية التي تم طرح أسهمها في أكبر طرح عام أولي في الهند، وسط مخاوف بشأن ارتفاعات الأسعار والتقييمات الباهظة. وتزامن ذلك مع تخارجات الصناديق الأجنبية التي سحبت 1.3 مليار دولار من استثماراتها هذا الربع، مقارنة بتدفقات بقيمة 8.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021.وقال “ماسي”: “قد يكون هناك تصحيح للأسعار في المدى القصير، إذ تعاني الهند من ارتفاع أسعار الطاقة، كما يمثل فشل اكتتاب “بايتم” مؤشراً على ارتفاع التقييمات”.