مرّة جديدة، يقع اللبنانيون ضحية لعبة جديدة بطلها هذه المرة الدولار الأبيض، بعدما رفض عدد من الصرافين والتجار التعامل بالإصدارات القديمة من فئة المئة الدولار، لتضاف هذه الأزمة المفتعلة وغير المبررة إلى سلسلة الأزمات التي يعانيها المواطن اللبناني.
الدولار الذي يُعدّ بمختلف طبعاته عملة رسمية قابلة للتداول في كل أنحاء العالم، يُحاول تجار العملة في لبنان ابتزاز أصحاب الدولارات البيضاء بحجة أنها طبعة قديمة عبر حسم نسبة من قيمتها الأصلية تحت عنوان “العمولة” أو استيفاء رسم يراوح ما بين1 و10 دولارات مقابل القبول بها، الأمر الذي دفع العديد من حامليها للتخلص منها وبيعها بسعر أدنى من قيمتها.
توضيح وتأكيد
ومع ازدياد وتيرة هذه الأزمة وتأكيد السفارة الاميركية في لبنان أن كل تصاميم الاحتياطي الفيدرالي الورقية هي عملة قانونية وصالحة قانونياً للمدفوعات بغض النظر عن تاريخ إصدارها، وهي سياسة تشمل جميع الفئات الورقية للاحتياطي الفيدرالي من العام 1914 وحتى اليوم، أصدر مصرف لبنان يوم أمس بياناً توضيحياً أشار فيه إلى أنه نظراً إلى قيام بعض المصارف ومؤسسات الصرافة باستيفاء عمولات مقابل عمليات تبديل أوراق نقدية من الدولار الأميركي لاعتبارها قديمة الإصدار أو غير صالحة للتداول، يهم المصرف أن يوضح للجمهور بأن مواصفات الأوراق النقدية من الدولار الأميركي القابلة للتداول تحدد من “Bureau of Engraving and Printing”، وهي هيئة تابعة لوزارة الخزانة الأميركية، كما أن المصرف هو الذي يحدد مواصفات العملة اللبنانية القابلة للتداول.
وكانت شركة تحويل الأموالOMT ، قد أصدرت في وقت سابق بياناً أكّدت فيه أنها لم تتوقف عن قبول الطبعة البيضاء من فئة المئة دولار إذا كانت بحالة جيدة، ولم يتمّ استيفاء أي رسم إضافي مقابل القبول بهذه الطبعة عبر أي من مراكزها، مشيرة إلى أنها فقط لا تقبل أي ورقة نقدية ممزّقة، محروقة، صفراء اللون، أو تالفة ولو جزئياً.
وفي الإطار عينه، وبعد الجدل الكبير الذي رافق قيام بعض الصرافين باقتطاع عمولة على ورقة المئة دولار من الطبعة القديمة، كان لجمعية مصرف لبنان بيان توضيحي أيضاً، أشارت فيه إلى أن المصارف اللبنانية تتعامل بالأوراق النقدية النظامية من دون أي تعديل في إجراءاتها القائمة وبما يتوافق مع قواعد العمل بالنقد الورقي.
سرقة وابتزاز
قانونياً، لا يحق لأي صراف الامتناع عن استلام الدولار الأبيض أو الانتقاص من قيمتها، ولا سيما أنها أوراق رسمية قابلة للتداول، فالتصنيف الذي يحصل اليوم ما بين عملة “زرقاء” كدرجة أولى وعملة “بيضاء” كدرجة ثانية أصبحت لعبة مكشوفة من تجار العملة لتحقيق المزيد من المكاسب غير الشرعية.
وتبقى المحاسبة والمساءلة والإجراءات القانونية هي الرادع الأوحد في وجه كل من يحاول السطو على أموال اللبنانيين، غير أن بلداً مثل لبنان محكوم بالتفلت وغياب كافة أنواع الرقابة، سمح لهذه المافيات بالتحكم والسيطرة وإيجاد حالة من البلبلة الدائمة في سوق العملة الأجنبية من دون رقيب أو حسيب، عبر الاستشراس في تصرفاتها الجشعة واللامسؤولة التي تُمعن في تخسير المواطنين كل ما يملكونه.
إذ لم يعد اليوم مستغرباً التساؤل عن سبب اختلاق هذه الأزمة ومن المستفيد منها ولصالح من يذهب فارق سعر صرف الدولار الأبيض بعد
أن أصبح كل ضرر مباح وبعدما باتت كل سرقة مشروعة.
الدولار الأبيض يبقى دولاراً كامل القيمة، مثله مثل الدولار الأزرق من دون أي تمييز أو نقصان، وإلى حين كفّ يد هؤلاء عن العبث والسرقة والابتزاز وعودة الاستقرار إلى السوق الطبيعية، يبقى على اللبنانيين ضرورة الانتباه وعدم الانجرار نحو الأفخاخ التي تُنصب لهم من كافة الجهات، فالكل إما مستفيد أو مشارك في عمليات النصب والاحتيال وخلق حالة من الهلع والترويج للأخبار التي تدفع حاملي الدولار إلى الانخراط رغماً عنهم في أسواق سوداء متعددة الأهداف والغايات.