صناعة السيارات الكهربائية… هل تعثرت في مصر؟

14 ديسمبر 2021
صناعة السيارات الكهربائية… هل تعثرت في مصر؟

 في 28 حزيران من عام 2020 خرجت تصريحات وزير قطاع الأعمال المصري، هشام توفيق، لتعلن أن مصر بصدد إحياء صناعة السيارات مجددا، من خلال شركة النصر الحكومية التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، المتوقفة عن إنتاج سيارة “نصر  E70” التي كانت معروفة بالسوق المصرية قبل11 عاما.

آنذاك أعلن توفيق توقيع اتفاقية مع شركة “دونغ فينغ موتورز” الصينية، قائلا عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “جار الانتهاء من الدراسات التفصيلية والاتفاقيات مع شركة دونغ فنغ موتورز (Dongfeng Motors) الصينية، بعد توقيع الاتفاقية منذ أسابيع، السيارة مداها نحو 400 كيلومتر للشحنة الكاملة”.ورغم تلك التصريحات فإن المشروع لم يخرج إلى النور بعد أن واجهته عقبات أجّلت طرح السيارة بفئاتها الثلاث، فقد أعلن هشام توفيق وزير قطاع الأعمال في أحد التصريحات التلفزيونية في الرابع من كانون الأول إلغاء الاتفاق مع الشريك الصيني والاتجاه إلى شريك آخر، قائلا “الشريك الصيني رد فعله طلع مش كويس (ليس جيدا) وأسعاره عالية”.

مشروع متعثر
يذكر أن مذكرة التفاهم بين شركة النصر الحكومية وشركة “دونغ فينغ” موقعة في حزيران 2020 باستثمارات بلغت ملياري جنيه، ولعل ذلك ما أثار حالة من الغضب في مجلس النواب، فتقدم النائب محمد مصطفى السلاب الوكيل الأول للجنة الصناعة بطلب إحاطة للدكتور المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب المصري موجهة إلى وزير قطاع الأعمال بشأن فشل مفاوضات الحكومة مع الشركة الصينية.ومن بين خصائص سيارة “النصر” التي كان من المزمع إنتاجها بالسوق المصرية أنها كانت تتمتع بقدرة 147 حصانا وسرعة قصوى تبلغ 150 كيلومترا في الساعة، كما تسير من 400 إلى 500 كيلومتر بالشحنة الواحدة، ويبدأ سعرها من 360 ألف جنيه حسب الفئة والإمكانات.وعلى صعيد آخر أعلن توفيق الاتجاه لشركة ألمانية تصمم السيارات وضعت أمامهم 3 شركات صينية أخرى سيجري التفاوض معها لإنتاج السيارة المنتظرة التي ظهر جليا أن الحماسة حيالها تناقصت مع تصريحاته بطرح موديل واحد فقط بالسوق المصرية، رغم الإعلان السابق عن وجود 3 فئات من السيارة التي كان طرحها مخططا له في منتصف العام المقبل، حسب وسائل الإعلام المصرية.

إحصائيات وأرقام
يبلغ عدد السيارات الكهربائية بمصر نحو 159 سيارة حسب جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي، حتى نهاية عام 2020 الماضي، وارتفع العدد ليبلغ عدد السيارات المرخصة المعلن عن ترخيصها إجباريا وفق الجمعية المصرية للتأمين على المركبات نحو 250 سيارة ومركبة حتى تشرين الثاني الماضي، من أصل 440 ألفا و997 مركبة و42 سيارة أخرى من أصل 300 ألف و485 سيارة تم ترخيصها في الشهر الذي قبله.ويرى محللون أن هناك ثمة رغبة من الحكومة المصرية في إدخال السيارة الكهربائية، وهو ما تُرجم في حزمة قرارات لمصلحة المشتري، مثل إلغاء جمارك السيارات الكهربائية المستوردة منذ عام 2018، والاتجاه إلى توفير بنية تحتية لها مثل بناء كثير من محطات الشحن الخاصة، فمنذ أسبوع كشف وزير قطاع الأعمال عن تأسيس شركة لإنشاء 3 آلاف محطة شحن كهربائي في 3 محافظات في مرحلة أولى من الخطة المستهدفة لتنفيذ 42 ألف محطة بمصر ضمن الخطة الخاصة بتوطين صناعة المركبات الكهربائية في مصر.واقع السوق ومستقبل السيارات بمصريؤكد المهندس أيمن محمد، خبير الطاقة المتجددة وصاحب مجموعة نادي السيارات الكهربائية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن تعثر السيارة “نصر” خبر محزن بلا شك، خصوصا في ظل الإمكانات التي كان من المفترض وجودها بالسيارة وكانت ستضمن لها منافسة لكثير من السيارات الأخرى في السعر والإمكانات، وفي ظل الدعاية القوية التي كانت رُوّجت للسيارة، آملا حل المشكلة قريبا وتوفير سيارة بالمواصفات ذاتها المعلن عنها سابقا.ولفت إلى أن تكنولوجيا السيارات الكهربائية تتقدم بسرعة ومسألة صعوبة شحن السيارات أصبحت أمرا من الماضي، فيمكن الآن شحن السيارة من كهرباء المنزل أو المحل، مضيفا أن السيارات الكهربائية سيارات المستقبل وتسعى لدعمها كثير من الدول، ولهذا فهناك حاجة إلى دعم وجودها في مصر من خلال إرادة سياسية، لتتوفر للمستهلكين كبديل للسيارات المعتمدة على البنزين والمحروقات، حيث ستقلص المشاكل البيئية وتعزز التوجهات التي تقوّض من آثار الاحتباس الحراري والمشاكل المصاحبة للتغيرات المناخية.”الرؤية الحكومية طموحة ولكن استيعاب السيارة الكهربائية داخل السوق المصرية يحتاج إلى وقت”، يقول علاء الدين فهمي، أحد تجار السيارات وعضو شعبة السيارات بالغرف التجارية، في تصريحات صحفية خاصة، مرجعًا ذلك إلى ضرورة توفير بنية تحتية تستوعب السيارات الكهربائية، كتوفير محطات شحن لها، فما زالت تتسم بقدر من المحدودية مع تدنّي عدد السيارات الكهربائية في الشارع المصري.ولفت إلى أن التوجه الحكومي يهتم بوجود السيارات الكهربائية في مصر وانتشارها، ويبقى الفيصل هنا بجانب الجودة السعر الخاص بالسيارة وتوسيع نشر ثقافة استخدامها، الأمر الذي كان سببا في اتجاه وزارة قطاع الأعمال إلى التمهل وإعادة اختيار شركة أخرى لتوفير سيارة بسعر مناسب للسوق المصرية، خصوصا أن السيارات الكهربائية ما زالت حديثة على السوق المصرية.وأوضح أن المستهلك المصري الراغب في الشراء ما زال بحاجة إلى معلومات عن السيارة ومميزاتها، وتوفير تسهيلات للشراء تجعله يتخذ القرار الشرائي، وهو ما حاولت وزارة قطاع الأعمال إتاحته للسيارة “نصر” التي كان مقررا طرحها بإعلان توفير دعم بمبلغ 50 ألف جنيه لأول 100 ألف مشتر كنوع من الحافز للشراء.